أقلام حرة

المالكي واتفاقية سحب القوات الأجنبية من العراق

والاتجاه هذا يتناسق مع سياستها الخارجية ، وقد استغلت كثير من الظروف الدولية

لاستثمار الموارد والثروات العربية، لأن العرب غير قادرين على النهوض واستثمار مواردهم الوطنية !! وهي دعوة خبيثة لسرقة موارد وخيرات الشعوب، ولذا فإن الرئيس الأميركي (روزفلت) وصف منذ أيام الحرب العالمية الثانية مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بأنها : (ذات أهمية حيوية) .

وبعد تصريح روزفلت أنشئت في وزارة الخارجية الاميركية إدارة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للقيام بأعمال نشيطة في المنطقة التي ازداد دورها الاستراتيجي كثيراً بوجود النفط .

ومنذ عهد الرئيس (ترومان) اتخذت الخارجية الاميركية سياسة سميت (بمبدأ ترومان) للتعامل مع الحرب الباردة، ونص هذا المبدأ على إقامة رؤوس جسور عسكرية استراتيجية في المنطقة، وتطويق منابع النفط في الشرق الأوسط بقواعد عسكرية أميركية .

ومن الملاحظ أنَّ سياسة دكتاتور العراق السابق (صدام حسين) قد خدمت كثيراً السياسة الخارجية الأميركية، كما أنها أعطت المبرر لواشنطن أن تتواجد عسكرياً في منطقة الخليج، وهي فرصة انتظرتها أميركا منذ أكثر من أربعين سنة .

إنَّ كثيراً من القضايا الدولية تجعلنا نؤكد أنَّ أميركا تتعامل مع العالم بمقتضى مصالحها فقط، ولذا فإنَّ الروائي الغربي (أناتول فرانس) الذي منح جائزة نوبل للآداب عام 1921 وصف في كتابه (جزيرة البطريق) : جلسة في الكونغرس الأميركي يُقرر بها الحرب حسب المصالح والأطماع، فالحرب من وجهة نظر الولايات المتحدة لا معنى لها إلا إذا كانت حرباً صناعية تجلب المواد الأولية وثروات الشعوب لخدمة أميركا وحدها .

وأمام حجم المصالح المتزايدة ارتكبت الولايات المتحدة الجرائم البشعة في الهند الصينية ومنطقة الشرق الأوسط وبقاع كثيرة من العالم، ولم يحرك فيها هذا العمل أي وازع  أخلاقي، أو وجع ضمير، لأنها تعتقد أنَّ هذه الجرائم إنما كانت لتحقيق مصالح واشنطن  التي أسمتها استراتيجية .

 ولذا فقد رفض الرئيس (كارتر) دفع تعويضات لضحايا الحرب في فيتنام قائلاً :  (التدمير كان متبادلاً) !!  كما صرح (وليام كوهين) وزير الدفاع الأميركي في زمن (كلنتون) حول الموضوع نفسه بأنه : (لم يجد حاجة إلى أي اعتذار) . وقد برر (كوهين) الجرائم البشعة التي ارتكبها الجنود الأميركيون في فيتنام قائلاً ببرودة أعصاب بأنَّ : (الأمتين الأميركية والفيتنامية قد تأذتا من هذه الحرب) .

ولذا فهل أدرك الأستاذ المالكي هذه الحقائق وهو يوقع على الاتفاقية الأمنية وسحب القوات الأجنبية من العراق؟ وهل يفهم برلمانيونا ذلك؟ وهل استعانت حكومتنا التي انتخبناها بدمائنا بخبرات قانونية عراقية متخصصة قبل التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات الدولية الحساسة ؟ لست أدري؟

 

الدكتور قاسم خضير عباس

باحث قانوني وكاتب إسلامي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1109  الاربعاء 15/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم