أقلام حرة

رسالة الى امير الكويت خارج الحقيبة الدبلوماسية / لطيف عبد سالم العكيلي

علمونا ان السياسة امرأة غانية، وان لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ، فليس هناك سوى المصالح الدائمة .

وقبل سنوات نقل لي الحاج عاشور عن جده ، ان الانجليز حين دخلوا شعيبة البصرة بداية القرن الماضي، اوهمونا برياضة صيد بنات آوى ، فـأصبحنا نجهد انفسنا ليلا، ونسرف نهاراتنا في نوم عميق .

يا سمو الامير ..

لو تعلمت القيادات العربية من احداث التاريخ ودروسه المستنبطه ، لما اقدمت على وأدصرخة الضمير الانساني، ودفنتها تحت اعمدة خيام صحارى العرب .

يا سمو الامير ..

علمنا ديننا الحنيف ان لا تأخذنا بالحق لومة لائم .

واهلينا علمونا يا سمو الامير ..

ان (بخت) ابن آدم معرض للقوة او للضعف ..

لكنه غير قابل للبيع او الشراء .

ومن تاريخنا الحديث عرفنا يا سمو الامير ..

انه يوم كان الاهتمام بالحدث يطغي على اهتمام الناس بتاريخ الميلاد، حفظت القيادة السعودية نصرة مبارك الى عبد العزيز آل سعود، واعتبرته دين صعب السداد ، فتناقلته جيل بعد جيل ، حتى اوتي ثماره في اخر عقود قرن الحزن الذي ولى .

وحين غسل القادة العرب ادمغتنا بمفهوم نظرية المؤامرة في زمان كل ما فيه ردئ، واشبعوا ادمغتنا بلغة السيف والدم والثورة والتحرير ..

ادركنا يا سمو الامير .. ولو بعد حين

ان المعاصرة التي ارتقت سلالمها دولة الامارات العربية المتحدة تعود الى حكمة الشيخ زايد، فلا غرو ان يكون سموه حكيم العرب بلا منازع وهو القائل لا قيمة للمال اذا لم يسخر في خدمة الشعب ورفاهيته .

ولو عرجنا على التاريخ الحديث، لاستخلصنا منه يا سمو الامير ..

ان ابراهام لنكولن لم يك نبيا ولا صحابيا جليلا، غير انه بنصرته لصوت الحق ارسى ركائز التأسيس لمشروع تحرير ابناء جلدته، فكان ان وصل باراك اوباما الى البيت البيضاوي في بداية الالفية الثالثة . وتناسى العرب من شدة دهشتهم منزلة بلال الحبشي في الاسلام، لانهم لا يجهدون انفسهم بقراءة التاريخ والتمعن فيه .

يا سمو الامير..

وقد عرفناك محبا للعراق مذ كنت وزيرا

فبعد الذي جرى في بلادي

ما عاد للديون معنى

ولا عاد لفوائدها جدوى

يا سمو الامير..

تعلم انت قبل غيرك ان شعب العراق الذي ما يزال فهد الاحمد يعيش في ذاكرته المتعبه ، لا ذنب له في كل ما جرى،  فقد جعلته الاقدار حطبا لحروب مجنونه .

يا سمو الامير ..

اتكل على الواحد الاحد ، وادخل مجلس الامة واثق الخطى ، مرفوع الرأس، واعلنها صرخة مدوية بوجه البرلمانيين، ان اشرعوا بطي صفحات الماضي وآثامه .

افعلها يا سمو الامير ..

وتفرد عن قادة هذا الزمان بموقف شجاع يحفظه لك التاريخ .

افعلها يا سمو الامير ..

فأنت اهل لكبح جماح من يحاول ايقاظ فتن داحس والغبراء .

افعلها يا سمو الامير ..

فما جنينا من لوم اللائمين سوى المصائب والاحزان والتشرذم والضياع .

ايرضيك يا سمو الامير ..

ان يعيش اهلك بالعراق في عصر المعلوماتية من دون طيور تنقل حجاجه ومرضاه ومعمريه .

وهل يرضيك ويرضي شعب الكويت يا سمو الامير ..

ان تموت البصرة التي يتعطر كثير من اهل الكويت بذكرياتها ، فمن لنا بعدها من فيحاء .

وهل يرضيك يا سمو الامير ان يحجز صياد يحاول استرزاق قوته من نعمة ربه في الماء، وهو الخارج توا من اعماق القهر والاضطهاد والاستلاب ، لا لذنب اقترفه سوى انه من شعب العراق .

اتكل على الله يا سمو الامير ..

وطالب مجلس الامة بترجيح العقل على العواطف .

افعلها يا سمو الامير ..

وطالبهم اصدار قرار الغاء الديون، بوصفه الخطوة الاولى على الطريق الصحيح لتعزيز اللحمة .

افعلها يا سمو الامير ..

فالضرب على الانوف يدمع العيون، وما اقرب الانف الى العين .

افعلها يا سمو الامير ..

فالكلمة الطيبة زكاة اللسان .

والحكمة تبقى سيدة كل المواقف .

افعلها يا سمو الامير ..

فأن رأس الحكمة مخافة الله .

افعلها يا سمو الامير ..

ما دام في القلب للصبر مسكنا ..

افعلها يا سمو الامير ..

فلا اقرب الى الخالق عز وجل من دعاء الثكالى والارامل اللائي ما زلن يتشحن بالسواد .

ذكرهم يا سمو الامير  بقول رب العزة والجلاله (وتلك الايام نداولها بين الناس)

املي يا سمو الامير ان لا يضيع صدى كلمات رسالتي في ثنايا صحراء العرب فتغدو سراب على الرمال .

تقبل يا صاحب السمو فائق احترامي ..

 

المهندس لطيف عبد سالم العكيلي*

[email protected]

بغداد – جمهورية العراق

في 30 آيار 2011

* باحث وكاتب

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1785 السبت: 11 / 06 /2011)

 

في المثقف اليوم