أقلام حرة

المؤتمر الوطني .. مؤتمر الحل الدائم أم مؤتمر لأزمة جديدة / رائد عبد الحسين السوداني

فكتلة العراقية أكدت إنها صاحبة الحق لأنها فازت بفارق صوتين عن منافستها دولة القانون لكن تحالف الإئتلاف الوطني مع قائمة المالكي تحت ظل التحالف الوطني أعطى الحق للمالكي في أن يكون رئيسا للحكومة العراقية بعد أن فسرت المحكمة الإتحادية مبدأ الكتلة الأكبر ،وبعد أن دعى رئيس إقليم كردستان إلى اجتماع أربيل خرج السياسيون القائمون بأمر العراق بما يسمى بمبادرة أربيل التي لم يعرف بنودها أغلب النواب وتحولت إلى ما يشبه (كتاب مقدس) فالكل يعلل الأزمة الحادة  التي نشبت بين المالكي والقائمة العراقية لا سيما فيما يتعلق بجانب تشريع قانون مجلس السياسات الستراتيجية واعتبرت هذه الجزئية التي هي بالأصل اقتراح أمريكي بأنها عدم تنفيذ للمبادرة وكأن نيابة رئيس الجمهورية ونيابة رئيس الوزراء ورئاسة السلطة التشريعية واستلام وزاراة المالية والزراعة والدولة لشؤون المحافظات والاتصالات والصناعة والثقافة والدفاع والتربية ورئاسة بعض لجان مجلس النواب لا تكفي كدليل على تنفيذ هذه المبادرة وهي مناصب ووزاراة لها دخل بعصب الحياة ،كما إن الحكومة تشكلت وأزمتها معها بسبب سعتها وكثرة أعضائها مما أضطر الكتل إلى الإتفاق على مايسمى ترشيق الحكومة .ولكن الأزمة أخذت تتصاعد لا سيما  كلما اقترب موعد انسحاب القوات الأمريكية المحتلة كما إن الفجوة كبرت وتوسعت بين أركان الحكومة رغم إنها سُميت حكومة الشراكة الوطنية إلا إن الفرد العراقي الإعتيادي فضلا عن المراقب والمطلع على بواطن الأمور شعر إن هذه الحكومة لا تملك أدنى مقومات الحكومة وشروطها وأهمها التجانس بين أعضائها كما حدث بين نائب رئيس مجلس الوزراء صالح المطلك ورئيس مجلس الوزراء. ومن صور الأزمة ما حدث في صلاح الدين من شمول بعض منتسبي جامعتها بقانون المسائلة والعدالة،بعد ذلك تفجرت أزمة البعثيين الذين اعتقلوا بتهمة التحضير لانقلاب ،هنا ثارت ثائرة القائمة العراقية دفاعا عن هؤلاء واتُهم رئيس الوزراء بعدم اشراك الشركاء في القرار الأمني،ناهيك عن أزمة الوزارات الأمنية المستمرة وما جرى ويجري حولها ،كل ذلك يجري وأعضاء الكتل من عشاق الميكرفون يكررون المطالبات بتنفيذ بنود اتفاقية أربيل وأكثرهم كما ذكرنا لا يعرفون هذه البنود ،هذه الأمور جرت والقوات الأمريكية  متواجدة على أرض العراق والتي تخللتها أزمة إعلان محافظة صلاح الدين إقليما الأمر الذي كانت ترفضه المحافظات التي سميت بالمثلث السني باعتباره مشروعا تقسيميا للعراق ،وقد رفض رئيس الوزراء هذا الإعلان بزعم إن الوقت غير مناسب لكن القائمة العراقية تبنته بحجة إنه دستوري وكان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي قد روج وهدد بإعلان المحافظات السنية كأقاليم بسبب التهميش وقد أطلق تصريحاته هذه من واشنطن ولندن.وقبل أن تنقضي (24) ساعة على إعلان انسحاب آخر جندي أمريكي وقبل أن تضع الأطراف السياسية حلولا لما تقدم من أزمات تفجرت أزمة تعليق القائمة العراقية حضورها جلسات مجلس النواب والوزراء بحجة التضييق على أعضاء القائمة واعتقال كل من ينتمي لها في المحافظات وأزمة تصريح نائب رئيس الوزراء صالح المطلك بوصفه رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه دكتاتور وأسوء من دكتاتورية صدام البناءة في حين دكتاتورية المالكي هدامة وبنفس الوقت تفجرت أزمة اعترافات حمايات نائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي وصدور مذكرة قبض بحقه ليتجه إلى إقليم كردستان ومن هناك أعلن رئيس الجمهورية  إن السيد الهاشمي في ضيافته ،في خضم هذه الأزمات دعى رئيس الوزراء إلى اجتماع موسع يضم كافة الأطراف لوضع حلولا يتفق عليها الجميع باستثناء قضية الهاشمي التي هي قضائية،تبعه  رئيس الجمهورية بالدعوة إلى مؤتمر وطني يضم القوى المشاركة في الحكومة ومجلس النواب وغير المشاركة أيضا ولهذا الغرض عقدت الرئاسات الثلاث اجتماعا خرج بدعوة ستة أعضاء من التحالف الوطني وأربعة من القائمة العراقية وعضوين من الأكراد وبعض الشخصيات النافذة في البرلمان لوضع أسس المؤتمر الذي سيشارك فيه المحافظون ورؤساء مجالس المحافظات بناءا على ما أعلن عزة الشابندر من على القناة العراقية وهؤلاء هم أيضا في أزمة مع المركز بسبب الخلاف على الصلاحيات.

من هنا أقول إذا كان يُراد لهذا المؤتمر أن يلد أزمة جديدة فالأطراف هذه جميعها وبلا استثناء مهيئة لخلقها لأنها أصلا في أزمة مع ذاتها ومع شركائها ولا تستطيع أن تضع الحلول لأبسط المشاكل وقد كان اعتمادها على الراعي الأمريكي لكن في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي المفترض يجب أن تكون هناك مرحلة سياسية جديدة في العراق أقلها تتبدل الوجوه التي سيطرت على الساحة العراقية قبل التغيير وبعده وذلك من خلال إجراء انتخابات مبكرة وإن تعذر ذلك ولا بد من المؤتمر الوطني يجب أن يصار إلى دعوة كل أطياف المجتمع العراقي وكل الفعاليات الناشطة من خلال عقد مؤتمرات تنتخب لها مندوبين تمثل المحافظات كافة ليخرج المؤتمر بميثاق وطني يبرز احترام الدستور والقانون والقضاء ويضع خطوطا حمراء على محاولات تمزيق العراق بشتى الوسائل والذرائع وأن لا يكون الراعي للمؤتمر من هو طرف في الأزمة بل الراعي يكون الشعب والأطياف العراقية مجتمعة ويمكن أن يكون ميثاق الشرف الذي وقعته أغلب الفعاليات العراقية بدعوة من السيد مقتدى الصدر أساسا لبنود الميثاق الوطني الذي سيكون معززا للدستور ،كما إن المؤتمر يمكنه أن يوصي بتعديل دستوري يكون بموجبه المسؤول التنفيذي الأول سواء رئيس الجمهورية كان أم رئيس الوزراء منتخبا انتخابا مباشرا من قبل الشعب ليكون من حصة الأغلبية في كافة أنحاء العراق وبهذه الخطوة نقضي أسس المحاصصة الطائفية .

 

رائد عبد الحسين السوداني

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :1999 الخميس 12 / 01 / 2012)

 

في المثقف اليوم