أقلام حرة

الطائفيون لا يمثلون طوائفهم ؟؟؟ / حسن حاتم المذكور

ان تعبر عن نفسها مكاسباً تاريخية ان لم تتوفر لتلك المكونات مستلزمات الحرية والمساواة والحب من داخل البيئة المثالية للسلم الأجتماعي .

التاريخ العراقي، حديثه وقديمه يوضح تلك الحقيقة، حيث جميع الحضارات التي قامت وازدهرت على ارض ما بين النهرين، كانت ركائزها التنوع والأندماج الطوعي لجميع الأطياف التي التقت واستقرت مقتنعة حول طاولة الخصائص الجغرافية والبيئية والأقتصادية والثقافية ووفرة اسباب التطور الحضاري، ورغم الكوارث ومهما كانت اسبابها داخلية ام خارجية، فالطبيعة العراقية حافظت على ماهيتها واخذت كل ما هو ايجابي قد تنازل عنه الغزات والمحتلون من تراثهم الذي نقلوه معهم، بعد اندماجها مع االأطياف العراقية، ومثلما لهذا التنوع ايجابياته، انه يحمل في احشائه الكثير من السلبيات التي يمكن استخدامها لتدمير المنجز المشترك .

العراق تكون من اديان وطوائف ومذاهب وقوميات وشعوب واعراق، والعراقيون فيه استورثوا حقيقتهم التي هي فيتامين شخصيتهم والعمود الفقري لمجتمعهم، ولا خيار لهم الا ان يكونوا كما هم عليه .

الطائفيون لا يمثلون الطائفة، والعنصريون لا يمثلون القومية، وجوهر الأديان السماوية , هو الحب والتسامح والمساواة والصدق والأخوة والصحة الجسدية والنفسية للأنسان، ولا علاقة لها بمظاهر التطرف والتكفير والألغاء، ان الترابط بين الدين والسلطة والمال , وحده الذي جعل رجل الدين شرطياً لتنفيذ ارادة وهيمنة الدولة وتبرير ظلم الأنسان .

لا تولد الشعوب طائفية او عنصرية فاشية، لكنها وعبر ظروف وتغيرات تصبح ضحية طغم تولد من رحم الأنتكاسات والتراجعات مسلحة بالكذب والتضليل والخداع والغدر والقسوة، مرتدية عباءة الدين والقومية والطائفة، وفي آن واحد تعمل على تشويه الواقع وقلب الحقائق وتدمير الأنجازات , حيث تصبح الكارثة واقعاً باهظ الثمن، تلك الطغم الشاذة رافقت المصير العراقي عبر تاريخه , والحقت به اضرار جسيمة، اجتماعية وثقافية واقتصادية ونفسية  .

الواقع العراقي الذي افرزه الأحتلال عام 2003 , فصلت له المصالح والأرادات الخارجية والبسته ما يناسبها حاضراً ومستقبلاً وسلمت مصيره الى قوى غير مصنعة وطنياً مدعومة بالسلطة والمال اعتمدت الكذب والتضليل والأستغفال وشحن المكونات بافيون الأحقاد والكراهية ورغبة تدمير الآخر .

لم يكن نظام البعث ممثلاً للطائفة والقومية، فتلك كانت وسائل لغايات امتلاك العراق سلطة وثروات تستأثر بها الطغم البعثية، وان الأعتراض على ذلك يعد خطاً احمراً ضريبة تجاوزه الأبادة الجماعية .

اغلب لكتل الطائفية , شيعية كانت ام سنية، تلك التي امتلكت السلطة والثروات دون استحقاق، لا تمثل الملايين من بؤساء الطائفتين، كذلك القيادات الكوردية التي امتلكت سلطات وثروات الأقليم، لا تمثل بالضرورة الملايين من كادحي كوردستان، وكل ما انجزته، هو التخبط داخل حدود مصالحها العائلية والحزبية والعشائرية .

اغلب الكتل التي تشكلت منها حكومة الشراكة، منسجمة متآلفة عبر حرصها الشديد , على ان لا يخرج العراق عن سكة مشروع التحاصص والتوافقات، الى جانب الحفاظ على هدنة ايقاف حرب ملفات الفساد والأرهاب .

عبر معايشة مباشرة مع الواقع العراقي، اجد من الضرورة الأشارة الى انه لا توجد ثمة اشكالية او سؤ فهم يمكن ان يكونا سبباً للأحقاد والكراهية بين مكونات المجتمع العراقي، فالعربي لا مصلحة له ولا مبرر يمنعاه من تبادل الحب والصدق والتسامح مع شقيقه الكوردي، ولا يوجد ما يمنع الكوردي من الأمساك بأواصر الألفة والأخوة والمنافع المشتركة مع المكونات الأخرى، وكذلك ومن خلال معايشة العراقيين مع بعضهم، لا توجد للكراهية والأحقاد ارضية في العلاقات الأجتماعية وحسن الجوار والألفة والأندماج بين المواطنين، جميع المكونات ورغم خصوصياتها، فهي تعيش مواجهات مصيرية مشتركة من اجل تحقيق المشروع والملح من حقوقها ومكاسبها الأجتماعية والثقافية والخدمية والصحة العامة جسدياً ونفسياً، ولا يمثلها على الأطلاق من يغتصب حريتها وكرامتها وامنها ويسرق ثروات وطنها والشحيح من قوتها بأسم الطائفة والقومية، ان المطالبة بتحقيق المكاسب الأجتماعية والأقتصادية الملحة للملايين، لا تتعارض مع اهدافها وطموحاتها المستقبلية، والذي يشوه ويعيق مشروعها الوطني ويسلبها حقوقها، لا يمثل حاضرها ومستقبلها، بل يعد مسؤولاًعن معاناتها ومأساتها وتدمير حياتها .

من يعيش واقع الداخل العراقي، جاداً في الأستماع الى حشرجات صمت الملايين ويتأمل لوحة حزن وخيبة امل العراقيين، سيدرك سعة الهوة الأجتماعية والسياسية والثقافية والأخلاقية والنفسية التي تفصل بين  العراقيين ومن مختلف المكونات وبين ممثليهم في حكومة الشراكة التي انبثقت عن اصواتهم، وهناك رغبة في قطع الأصبع البنفسجي الذي بايع من لا يستحقون الثقـة .

الحاكمون يعتقدون ان ( دار السيد مامونه ..) خاصة بعد ان صدقوا اوهامهم , بأنهم قد وضعوا رأس الطائفة والقومية في اكياس مصالحهم، وقد استسلمت الملايين لقدرها، هكذا اخطأ السابقون وحصدوا نهاياتهم، حيث لم يدركوا حينها، ان الكلمة القادمة والحاسمة والأخيرة سينطقها الصمت العراقي عاجلاً او آجلاً رغم الأنكسارات، وان نشوة الأنتصار على الحق العراقي ستبكي يوماً دموع الندم .

حتى لا تصبح وجهة النظر، متشنجة تفتقر الى الموضوعية  والأنصاف، احب الأشارة الى ان هناك من داخل العملية السياسية والحكومة بشكل خاص، من يعاني ذات الألم العراقي، ويشاركون الناس ثقل معاناتهم واوجاع صبرهم، لكن الأرادات الخارجية والداخلية تضغط بشكل غير عادي، لا تسمح ان يغرد العراق خارج سرب العملية السياسية المكتوبة قسمة سيئة على جبين العراقيين، وهنا يبقى التعويل على دور الرأي العام الذي اصبح الأمساك به وتطويعه الى ما لانهاية امر غير ممكن .

08 / 04 / 2012 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2085 الأثنين 09 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم