أقلام حرة

شهادة حيدر الملة مقبولة / علي جابر الفتلاوي

ومنها يمر عليها المستمع مرور الكرام ولا يلتفت اليها، خاصة في الفترة الاخيرة عندما تحركت بعض الاطراف السياسية لسحب الثقة عن المالكي، بعد ان حقق المالكي نجاحات كثيرة في القضاء على الارهاب، وفي كشف اسماء المتورطين بالارهاب من المسؤولين في الدولة، والذين دخلوا باسم الشراكة في الحكم مثل طارق الهاشمي، وفي تقديري ان خلق  ازمة سحب الثقة جاءت انتصارا للهاشمي، سواء رضي البعض بهذا الرأي او لم يرضَ، لكن هذا هو الواقع .

حيدر الملة يصرح ويصفه الاعلام بالناطق باسم القائمة العراقية، ولو سألت أي عراقي بسيط عن القائمة العراقية وعن الدول التي تدعمها، فسيأتيك الجواب، ان السعودية وقطر وتركيا، من اكثر الدول دعما للقائمة العراقية، وهذه الدول محسوبة على المحور الامريكي، ولا احد يشك في ذلك، فدول المحور الامريكي هي من يدعم القائمة العراقية، وموقف الامريكان معروف من القائمة العراقية، خاصة في الدورة الانتخابية الاخيرة وعملية فرض فوزهم في هذه الانتخابات .

اخر تصريح لحيدر الملة في موضوع سحب الثقة، هو ان الضغط الامريكي والايراني يحاولان منع سحب الثقة عن المالكي !

 هذه الشهادة من حيدر الملة مقبولة ! لأنها تحتسب الى المالكي وليست عليه، بدلالة ما يأتي :

الشعب العراقي، وكذلك اهل الخبرة في السياسة، والمراقبون، اعتبروا تصريح الملة هذا لصالح المالكي، ودليل على استقلالية نهجه، وعلى وطنية هذا النهج، وتصريح حيدر الملة هو شهادة لصالح نهج المالكي الوطني، البعيد عن المحاور، من حيث يدري او لا يدري .

 طبعا الكل يعرف ان مصلحة امريكا هي غير مصلحة ايران،  ويعرفون موقف امريكا من ايران، وموقف ايران من امريكا، فلا يمكن ان تتفق مصلحتهما على امر واحد، فأتفاق الدولتين على عدم تأييد سحب الثقة، حسب رواية حيدر الملة، يؤشر عند ذوي النظر السليم، واصحاب العقول الراجحة، وذوي الخبرة، وعند ابناء الشعب العراقي صاحب المصلحة الحقيقية في موضوع سحب الثقة عن المالكي او عدمها، على ان المالكي غير خاضع للمحور الايراني، وكذلك غير خاضع للمحور الامريكي، والّا من غير المعقول ان تؤيد ايران عدم سحب الثقة عن المالكي، وهي تعرف ان المالكي خاضع او واقع تحت تأثير النفوذ الامريكي، وكذلك امريكا لو كانت تعرف ان المالكي واقع تحت تأثير النفوذ الايراني لما اعترضت على موضوع سحب الثقة عن المالكي، موقف الدولتين الموحد من موضوع سحب الثقة على رواية حيدر الملة، يدلل على استقلالية ووطنية نهج المالكي، وعدم خضوعه لصراعات المحاور الدولية، هذا الاستنتاج نستفيده من مفهوم كلام حيدر الملة .

انا شخصيا قراءتي انْ صح انّ ايران تعترض على موضوع سحب الثقة عن المالكي موقفها هذا متأتي من قناعتها بعدم وقوع المالكي تحت المظلة الامريكية، وبقناعتها بخطه الوطني الذي يمثل جميع العراقيين دون تفريق بسبب الدين او المذهب او القومية، واني اقرأ ايضا ان موقف امريكا ان صح انها تنصح بعدم سحب الثقة عن المالكي، وتحث جميع الاطراف على الحوار لحل المشاكل بينهم، متأتي من قناعتها بعدم خضوع المالكي للنفوذ الايراني، سياسة التوازن هذه، والخط الوطني الذي ينتهجه المالكي، هي من تدفع ايران وامريكا بعدم تأييد سحب الثقة .

 المعارضون للمالكي والمدفوعون بدوافع شتى، عليهم توحيد صفوفهم كي يسلكوا الطرق الدستورية والقانونية في موضوع سحب الثقة، وان كانوا عاجزين عن ذلك، عليهم ان يتركوا الهرج الاعلامي، ويثبتوا وطنيهم للشعب العراقي، ويلتفتوا بدل التهريج والتشويش في الاعلام، الى تقديم الخدمات للشعب، وتشريع القوانين التي فيها فائدة للناس الذين تعبوا وملّوا من تصريحات بعض السياسين النارية والرنانة وغير الواقعية التي تلهب المشاعر، وربما تخلق الفتنة بين ابناء الدين والشعب الواحد، سيما ونحن نرى الارهاب اليوم،  لا يمّيز بين ابناء الشعب العراقي  فمرة يضرب في كربلاء وبابل وبغداد واخرى في هيت والفلوجة والانبار والموصل او كركوك او السليمانية، لا يفرق بين عراقي واخر بسبب دينه او مذهبه او قوميته، وفي هذا رسالة لكل السياسيين غير المرتبطين بأجندة خارجية، ان يتركوا المماحكات السياسية ويجلسوا على مائدة واحدة للحوار وحل المشاكل، اما المرتبطون بالاجندات الخارجية فمثل هؤلاء السياسيين امرهم ليس بايديهم، بل بيد من وظّفهم لعرقلة المسيرة السياسية في العراق، في المقابل على السياسيين الوطنيين ان يتركوا مثل هؤلاء الذين يعملون بوحي من الخارج، ومهمتهم باتت معروفة للشعب العراقي اذ يريدون قلب المعادلة السياسية في العراق، او على الاقل تعويق عملها، مثل هؤلاء يجب ان يتركوا كي يميزهم الشعب ويتخذ ازاءهم الموقف المناسب .

 وعند كتابتي لهذه السطور في 18 حزيران سمعت بتفجيرات الانبار وهيت والفلوجة وصلاح الدين، اذ سقط عدد من الشهداء والجرحى، دعوتنا للشهداء بالرحمة والرضوان، ولذويهم الصبر والسلوان، وللجرحى الشفاء العاجل، وهذا الفعل الارهابي الجبان الذي يستهدف المدنيين الابرياء بغض النظر عن القومية او الدين او المذهب، انما هو دليل اخر على ان الارهاب لا دين له، ولا وطن، انما الغاية خلق الفتنة بين ابناء الدين والشعب الواحد، لكن الشعب العراقي بكل الوانه واع لهذه اللعبة القذرة، وسيفشلها، كما افشل الكثير من الاعيب اعداء العراق .

 

علي جابر الفتلاوي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2157 الاربعاء 20/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم