أقلام حرة

غفوة مستديمة أم مأساة عربية مستديمة

إلى جمود الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي الاباتجاه واحد هو المسار الذي يؤدي إلى إطالة أمد الحاكم، وهنا أن نتكلم عن أنماط حكم تسمى ملكية أو إمارة وسلطنة فهذا أمر طبيعي أن تبحث عن كل أسباب الديمومة للحكم الأسري إلا إن الأمر انسحب على أنماط حكم جمهورية جاءت باسم الثورة والتصحيح، لا بل هناك حكام يدعون إنهم إنما يحكمون من خلال أحزاب ثورية انتخبتهم ليكونوا في هذا الموقع القيادي الذي تحول بمرور الزمن إلى حكم الأسرة والفرد، والحجة هنا دائما إن الأمر الذي حدث هو لحفظ التوازن والوسطية في الحكم والاستمرارية على النهج، الحجج التي تثير السخرية على قائليها والحسرة على متلقيها من أبناء الوطن العربي الذين أصبحوا ونتيجة للضغط السلطوي عليهم وإفراغ الساحة من كل صوت معارض أصبحوا لا يهمهم إلا لقمة العيش في بلداننا العربية، فلا يهمهم تطور أنماط الحكم في العالم ولا يهمهم التطور العلمي، ولا الاختراعات في شتى المجالات، والأمر المهم في هذا الشيء إن الحاكم في ممارسته للحكم في الداخل لا ينظر إلى رضا الشعب فهذا آخر مايبحث عنه أو لايبحث عنه أبدا فهو ينظر إلى رضا السيد الخارجي فجواز بقائه في الحكم لديه وليس في الداخل الذي صفي فيه كل صوت أو حركة معارضة، مما أدى إلى إجبار من يعارض إما إلى السكوت النهائي أو إلى الهجرة والانضمام إلى حركات وأحزاب لها ارتباطات هي الأخرى في الخارج وتكون حركتها مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياسة الدولة المضيفة وبمصالحها، إذن في هذه الحالة إن وضع الوطن العربي السياسي لا يمكن إلا أن ينظر إليه إلا انه وضع أزمة، فهذا هو حال الحكام والشعوب كل في حاله أشبه بحالة الانفصام فلا علاقة وجدانية فيما بينهم بل هي حالة تربص من قبل الحاكم كي لا تنمو أي جهة أو لا تخلق أي جبهة مهما كانت طبيعتها ولونها، فمن أين جاء هذا الشخص أو هذه الجهة بالحق كي يمارس السياسة والحاكم بأمر الله على وجه الأرض، وفي نفس الوقت إن هذا الجزء من العالم محط أنظار القوى الطامعة ومنه تنطلق عمليات تنفيذ النظريات الفكرية، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا وفي عهد بوش ابتدأت مشروعها الإمبراطوري العالمي من العراق قلب الوطن العربي والشرق الأوسط، نفذ عام 2003 مشروع المحافظين الجدد تلامذة ليو شتراوس ، كما إنها أرادت أن ينطلق مشروع الشرق الأوسط الكبير إبان عدوان إسرائيل على لبنان عام 2006حتى أوباما عندما أراد أن يروج لسياسته أطلقها من تركيا أولا ولما وجد إن هذه الخطوة لن تأت ثمارها توجه إلى مصر الركن العربي الأساسي وان قيل إن هاذين الخطابين موجهان للعالم الإسلامي إلا انه يدرك إن مفتاح تفوق التفرد السياسي الأمريكي ينطلق من هنا، من هذا العالم، لكن ماذا أعطى اوباما للوطن العربي وماذا أعطى للصراع العربي الإسرائيلي في هذا الخطاب الذي اعتبره البعض وخصوصا أركان الحكم ومناصريه في مصر انه فتح عربي إسلامي مصري مبين أو انه تفضل كبير من الرئيس الأمريكي أن يعطي مصر هذه الحظوة التي قد لا تتكرر، حتى إن الأزهر طلب أن يكون الخطاب من على منبره وان يبث الخطاب من بنايته وتسابق الصحفيون ورجال الأدب والثقافة ليكون لهم التوفيق في سماع هذا الخطاب مباشرة من فم أوباما، صور للمواطن العربي البسيط إن هذا الخطاب سيكون الفتح السياسي الجديد للسياسة الأمريكية وعليه يجب أن يحظى اوباما باستقبال الأبطال فتعطلت الامتحانات وحجز الناس في بيوتهم طيلة بقاء اوباما في القاهرة، فماذا كانت النتيجة، أكد اوباما إن من يظن إن عرى العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وأمريكا يمكن أن تتأثر بأي عوارض فهو واهم فمابين أمريكا وإسرائيل روابط ثقافية وتاريخية لاتنفصم أبدا، ومن يقرا التاريخ جيدا يعي إن الأمر لايتعلق بتاريخ تأسيس الدولة الإسرائيلية أو حتى الأمريكية فكلاهما حديث عهد بالتاريخ لكن المقصود بالتاريخية والثقافية هي العرى الدينية المتعلقة المشتركة بين أكثرية الشعب الأمريكي (البروتستانت )واليهود فكلاهما يؤمن بالتوراة وهذه من تعاليم مؤسس البروتستانتية مارتن لوثر الذي ضم التوراة مع الإنجيل في كتاب مقدس واحد، إذن الرجل قالها إن الأمر لايتعلق بالسياسة وحدها فالسياسة في خدمة العقيدة التي يؤمن بها كل من الإسرائيليين والأمريكان، فهي تحصيل حاصل لا أكثر، وفي 14/6/2009اعتلى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل المنبر ليوضح للعالم رؤيته بعد خطاب اوباما ليعلن ما مفاده انه يوافق على إقامة دولة فلسطينية لكن منزوعة السلاح ومع ذلك وضع شرطا هو الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية "هنا نتوقف عند الكثير من دعاة العلمانية العرب الذين ظلوا يعارضوا بان احدا الصراع مع إسرائيل على انه صراعا دينيا، ضعوه في مكانه انه بالكاد صراع قومي وتارة يصفوه ومحاكاتنا للغرب انه صراع لاجئين وتارة أخرى صراع بين القوى الكبرى إلا انه ليس صراعا دينيا فلا تأدلجوا الصراع حتى إنهم يرفضون دخول دول إسلامية على خط الصراع العربي الإسرائيلي وهنا أقول إن الجماعات القومية أو بعبارة اصح إن جماهير الأحزاب القومية وقعوا في فخ التحجر الفكري أي بقيت هذه الجماهير تردد مايقوله قادتها كشيء مسلم به ولا نقاش عليه ولذلك إن الهزائم التي لحقت بالبلدان العربية وأكبرها حصلت مع الحكام التي ينهجون الخط القومي في 1967و2003 !،أقول جاء نتنياهو ليرد عليهم ويقول انه صراع لأجل الدولة اليهودية " ثم اشترط عدم المطالبة بعودة اللاجئين، وعدم البحث في مستقبل القدس مع إقامة علاقات اقتصادية وسياحية وثقافية أوسع مع الجيران العرب، استقبل اوباما خطاب الزعيم الإسرائيلي بالترحاب ووصفه بالفرصة التي يجب إن لاتضيع من العرب هذه المرة فهذه خطوة إسرائيلية نحو السلام يجب أن تقابل بالرد الجميل من قبل العرب وان يتقدموا خطوات تجاه إسرائيل، الم يقبل نتنياهو بان يلفظ مفردة دولة فلسطينية وهو الرافض لها سابقا، إذن على العرب إن لا يلوموا إسرائيل بعد الآن، إن نتنياهو لم يطالب بعلاقات سياسية فهي موجودة فان لم تكن مباشرة فالعلاقات الغير مباشرة هي التي تسير الأمور بين الحكام العرب وساسة إسرائيل كما أن علاقات الحكام العرب بمركز القرار واعني به أمريكا على أحسن ما يرام وهي طبعا ليست علاقات الشريك للشريك ولا الند للند بل علاقة الأمر بالمطيع وفي أحسن الأحوال علاقة المتسول بصاحب النعمة، ولذلك نتنياهو طلب علاقة سياحية أي اندماج أو اتصال مباشر بالمدن العربية وعلاقات اقتصادية والعلاقة الأخطر وهي الثقافية وهذا مطلب إسرائيلي ملح فهو المدخل الرئيسي إلى عقل الوطن العربي ومن ثم قبوله كأمر مستديم غير قابل للزوال، إن الحكام العرب قد شخصوا العلة وأعطوا العلاج وأفتوا إن مابين العرب وإسرائيل هو حاجز نفسي علينا كسره حتى يكتمل التطبيع في العلاقات وقد شمروا عن سواعدهم وراحوا يتسابقون ويتباكون على السلام، ويطلقون المبادرات، وإسرائيل تضرب، وأمريكا تختلق الحجج والذرائع، لكن هل للحكام العرب الذين عرفوا بقوة البأس أن ييأسوا من السلام، فلبنان تم اجتياحها مرتين ووصل شارون عام 1982الى قلب بيروت وهم متمسكون بالسلام وضرب المفاعل النووي العراقي وفسحوا المجال الجوي العربي كي يضرب وهم متمسكون أكثر بالسلام، مع شارون الذي حاصر ياسر عرفات المتمسك جدا بأوسلو والواي ريفر وغيرها من الاتفاقيات حاصره حتى الموت وهم متمسكون بالسلام حتى يكسروا الحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل، متمسكون بالسلام مع رابين الذي كسر عظام المنتفضين الفلسطينيين وجعلوه شهيدا للسلام وقد هب زعماء السلام العرب لتعزية أسرة رابين بمقتله، وتمسكوا بالسلام مع مناحيم بيغن واسحق شامير وهل يخفى دورهما في مذابح عام1948، وقد تمسكوا أكثر ولازالوا متمسكين بابي المشروع النووي الإسرائيلي وصاحب عناقيد الغضب ومجزرة قانا المعشوق وقد يكون الأب الروحي لهم شمعون بيريز، أما الجنرال الودود جدا والمتسامح جدا يهود باراك فهو كان الأمل المنشود ولازال، باراك قاتل كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في قلب بيروت تحول عند الحكام العرب إلى حمامة السلام وأمنية من أمانيهم في أن يتولى رئاسة الوزراء في إسرائيل وعندما حصل كان اشد رئيس وزراء فيما يخص المفاوضات حول ما يسمى بعملية السلام وبعد عودته إلى الحكم كوزير للدفاع مع اولمرت قاد الهجوم الوحشي على غزة، ومع تمسكهم بهؤلاء تراهم يراهنون على كل إدارة أمريكية جديدة ويروجون لها بان السلام سيأتي على يد هذه الإدارة الجديدة وعليه يجب أن نعطي لهذه الإدارة عربون المحبة والصداقة ، هكذا تعاملوا مع ايزنهاور ودالاس وكندي وراسك، كما أنهم صدقوا بوعود جونسن وتعهداته بصداقة العرب والسعي إلى حل الإشكالات القائمة بينهم وبين إسرائيل وكانت النتيجة حرب 1967وخسارة العرب لسيناء والضفة والقطاع والجوaلان والقدس، بعد ذلك جاء نيكسون وفريقه روجرز وكيسنجر وقد كان السعي إليهم حثيثا وقبلوا بمبادرة روجرز وروجوا لها كأنها مفتاح الحل السحري لما موجود من تأزم بين العرب وإسرائيل ولما ابعد روجرز عن الخارجية الأمريكية وجيء بكيسنجر وزيرا للخارجية كانت فرحة العرب اكبر من فرحته هو بنفسه وكأنه سيأتي بالحقوق العربية على طبق من ذهب خصوصا بعد حرب تشرين فاستقبل استقبال الفاتحين في عواصم العرب وهو الذي بالأمس القريب والقريب جدا أمر بفتح جسرا جويا متواصلا لإنقاذ موقف إسرائيل المحرج في جبهات القتال، لكن بما إن كيسنجر جاء وحضر وقال المثل العربي (الذي فات مات) فعلى العرب أن ينسوا كل ما جرى وان يضعوا كل ثقتهم بكيسنجر، وبعد رحيل نيكسون وخليفته جيرالد فورد الذي أقام حفل استقبال لرئيس مصر وليقول أمامه "إن إسرائيل امة عظيمة وشعب إسرائيل شعب عظيم "ثم يتدارك الأمر على انه زلة لسان وما هي بزلة لسان أقول بعد هؤلاء جاء كارتر وقد سلم الأمر كله له على انه المخلص المتدين الذي ينادي ليلا ونهارا بحقوق الإنسان 

 

أفلا يستحق أن يعطى الفرصة كل الفرصة لإتمام عملية السلام ولمساعدته ولكسر الحاجز النفسي ذهب رئيس مصر إلى القدس ومن ثم يأتي بيغن إلى الإسماعيلية بمصر حاملا معه التوراة والتلاميد ليؤكد إن الحق كل الحق لإسرائيل من خلال هذه الكتب المقدسة لديه، ولازال الأمر عند الحكام العرب هو حاجز نفسي يزول بمرور الزمن، بعد ذلك جاء ريغان المنتظر لمعركة هرمجدون وراعي المحافظين الجدد واليمين المسيحي المتطرف والمسيح الصهيوني أيضا جاء الأمل معه في السلام والاستقرار فرد إن ضرب ليبيا وغزت إسرائيل في عهده لبنان بقيادة بيغن كرئيس للوزراء وشارون وزير الدفاع عام 1982الذي كان ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، جاء بعده جورج بوش الأب أبو المحافظين الجدد وراعي المشروع الإمبراطوري الأمريكي الجديد هذا أعطاه الحكام العرب التصرف في الوطن العربي بتوقيع رسمي منهم في مؤتمر القاهرة الذي أعطى المجال بان تأتي القوات الأمريكية لتحرير الكويت من العراق وليسحق العراق وتدمر بنيته التحتية، وليقتل شعبه وتدمر سدوده، ثم تدمر منشاءاته العلمية من خلال المفتشين على أسلحة الدمار الشامل ويعلن قرار الموت الدولي687القاضي بتشديد الحصار حتى الموت ليركض العرب إلى مؤتمر مدريد إكراما للمحرر جورج بوش، الم تنظم جيوشهم العربية إلى جيوش الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكانت اشد وطأة على الجندي العراقي الذي رفض القتال في قضية سيتكلم التاريخ عنها كثيرا ،أقول كان الجندي العربي أقسى على العراقي عندما اسر من الجندي الغربي فلماذا لا يكملون الكرم العربي ويذهبون إلى مدريد ويجلسون مقابل شامير مادام الأمر فيه كرم عربي وفيه رد للجميل الأمريكي، الم يدمر العراق وجيشه، الم نلبي دعوته في قتال العراق فلماذا إذن الحرج من تلبية دعوته للسلام وما الضير في أن يجلس شامير أو غيره من القيادات الإسرائيلية في المؤتمر مادام الراعي والداعي جورج بوش، واستمرت وتوالت اللقاءات، وجاء بيل كلينتون الشاب الوديع والذي ابتدأ ولايته بضرب العراق وتشديد الحصار عليه وتضييق الحياة على شعبه، كان لابد من أن يعطى الفرصة للسلام ولابد من تشجيعه في المضي على طريق أسلافه فكان أن دعي ورعى مؤتمر شرم الشيخ في مصر لاتخاذ موقف حازم وحاسم وشن حرب صليبية ضد المقاومين الفلسطينيين الذين ازدادت عملياتهم الفدائية داخل الأرض المحتلة وليكون الرد من ارض عربية وبضيافة رئيس عربي وليبين العرب للعالم المتمدن الحر المتقدم إنهم معهم في محاربة المقاومة والتنديد بها، كلينتون ماذا فعل مع ضرب العراق وتوسيع خطوط العرض التي تمنع قوته الجوية من الطيران فيها، ضرب السودان، هل تلكأ العرب في الحضور الى اجتماعات التسوية ؟هذا لايليق بأناس عرفوا بالوفاء بوعودهم، فتوالت اللقاءات المباشرة وغير المباشرة مع باراك برعاية كلينتون في واشنطن وكامب ديفد الذي حجز فيه ياسر عرفات أياما عدة من اجل الخروج بنتيجة حول القدس وهنا لا أريد أن ادخل في نتائج مباحثات كامب ديفد لكن الذي أريد أن أبينه كيف يتعامل الأمريكان مع زعماء وضعوا كل مالديهم في سلتهم أي سلة الأمريكان، لم يسمحوا له بأي تصريح أو لقاء صحفي أو حتى الاتصال باركان وفده بحجة عدم التشويش على سير المفاوضات، والمعلوم عن كلينتون هذا كان في أزمة مع الكونغرس ومع زوجته بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي لكن الحكام العرب ما أرادوا أن يستغلوا ضعف كلينتون أو أزمته فيطالبوا أو يتعنتوا على اقل تقدير بل بالعكس من ذلك كانوا يلهجون بالدعاء له كي يتخطى هذه الأزمة حتى تستنير الأمة من مكارمه للعرب بالتشديد في التضييق عليهم في مطالبته حقوقا أكثر لإسرائيل .وجاء الخلاصة أو خلاصة الخلاصة، ظل الله في الأرض، الرئيس الذي رشح نفسه للرئاسة بأمر الهي، الذي غزا أفغانستان وغزا العراق والذي فتحت له أبواب العالم العربي بمياهه وأجوائه وبره إكراما له ولأبيه ففي الوقت الذي رفضت تركيا أن تغزو القوات البرية الأمريكية الأراضي العراقية من أراضيها تنادت حكومات العرب لهذه المهمة التاريخية، ماذا كانت النتيجة على الصعيد الفلسطيني قضية العرب المركزية ؟أن التأييد المطلق لإسرائيل والتضييق المطلق لياسر عرفات في مقاطعة رام الله ياسر عرفات الذي لاحق واعتقل المقاومين الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين كما حدث مع محمود أبو هنود وغيره من المقاومين، حوصر بالدبابات إلى أن قضى ولا يعرف كيف قضي عليه فمنهم من قال إسرائيل سممته ومنهم من قال إن أبو مازن قد اشترك في عملية قتله كما قال فاروق ألقدومي، وصل الحال ببوش الابن أن يوجه الأوامر بعلانية إلى الرؤساء العرب متخطيا الأعراف الدبلوماسية بينهم وهو محق لأنه يدرك أنهم عندما يحكمون وعندما يتفاوضون وعندما يتكلمون فان عيونهم على ردة فعل الأمريكي فلماذا لا يتعامل معهم معاملة السيد للمطيع ولا أقول أكثر من ذلك، لم يخف بوش الابن تمسكه بإسرائيل ولا تمسكه بالتعاليم الدينية التي يعتنقها والقاضية بتأييد وتبني قضايا إسرائيل سواء السياسية أو الثقافية كذلك العسكرية حتى أن كونداليزا رايس أبت ورفضت أن يتوقف القصف الإسرائيلي على لبنان عام 2006 حتى يتحقق الحلم الإسرائيلي الكبير وبالطبع هو هدف أمريكي إلا وهو الشرق الأوسط الكبير الذي من شانه أن يدمج إسرائيل كليا مع الشعوب العربية لأنه هدف اقتصادي اجتماعي ثقافي فاستمر القصف 33 يوما بشكل جنوني علّ المقاومة تستكين أو تضعف أو حتى تنهار ليتحقق هذا الحلم وبطبيعة الحال كان الحكام العرب في قمة الكرم مع الآنسة رايس المقربة جدا من جورج دبليو بوش فكانت تصريحاتهم اشد وأقسى من تصريحات الأمريكان والإسرائيليين ضد حزب الله لأنه حسب مايقولون انه المتسبب في اندلاع الحرب بعد اسر اثنين من جنود الكيان الإسرائيلي فإسرائيل في نظرهم يجب أن تداهن ويجب أن يتم التقرب إليها والتمسح بأذيالها وقد شنت حملة شعواء ضد حزب الله بعد توقف الحرب وضد سلاحه من الداخل اللبناني هذه المرة وتكرر الأمر بعد ذلك مع حماس عندما هاجمت إسرائيل قطاع غزة فكالت الحكومات العربية الاتهام ضد حماس وشدد الحصار من دولة عربية ودافعت هذه الدولة عن قرارها بحجة التمسك بالتفاهمات الدولية وقد جاءت الضربة القاسية والغادرة من السلطة الفلسطينية التي طلبت في 2/10/2009 بالطلب من مجلس حقوق الإنسان بسحب تقرير غولدستين الذي يدين إسرائيل في ضربها غزة إكراما لعيون اوباما , . الحقيقة إن هذا السعي من اجل كسب ود الأمريكان لم ينفرد به بلد عربي عن آخر فأنماط الحكم جميعها تقريبا سعت من اجل أن تقيم علاقات وثيقة معها حتى من كان يمثل رأس الحربة القومية راح يصدق الأمر بان أمريكا تتعامل كدولة كبرى مع الجميع في جهل واضح وتجاهل لحقائق التاريخ والعقيدة الدينية التي تجمع بين أمريكا والكيان الإسرائيلي، فراح يطلب من أمريكا بناء السد العالي وكذلك طلبوا التسليح لكن كان صدا أمريكيا واضحا ليكون الاتجاه نحو الاتحاد السوفييتي الذي لم يبخل على العرب في هذا ألمضمار وقد أرسل آلاف المستشارين والمدربين إلى مصر بعد واقعة 1967 وقد أشرك طياريه في عدة طلعات حربية قرب إسرائيل في عملية ردعية واضحة وبطلب من قيادة مصر مكث رئيس أركان الجيوش السوفيتية عدة أشهر للأشراف على أعادة تأهيل الجيش المصري، فما الذي حدث ؟إن الذي حدث وكعربون صداقة ومحبة وكإشارة بان العرب ليس بعملاء للسوفيت ولاهم كما يتصور كيسنجر يحاولون نشر الشيوعية والمهم حتى لا يتصور أن إسرائيل مهددة تهديدا جديا وبدون أن يطلب منهم قرروا طرد السوفيت الأمر الذي أثار عجب كيسنجر حيث تم الأمر دون أي مقابل لكنه أدرك إن أمره ليس صعبا في التعامل مع هؤلاء لكن الفرصة لم تأت بعد، وجاءت حرب تشرين البطولية من الناحية العسكرية، لكنها لم تكن كذلك من الناحية السياسية أو (الإستراتيجية)إن كان هناك من مكان لهذه المفردة في عالمنا العربي ولو في جزئية صغيرة ،وطيرت برقية عبرة القناة السرية إلى كيسنجر ليخبروه إنهم ليس في النية لديهم أن يوسعوا مدى الحرب أكثر مما يجب ،وهنا تنفس كيسنجر الصعداء وأخذا نفسا عميقا واخذ يطمئن من حوله إن الأمور ليس كما يتوقعنها ويجب أن لا يقلقوا على إسرائيل ومن هنا بدا كيسنجر يحيك عملية تدخله بشكل مباشر في القضية الفلسطينية فقد عرف إن المدخل عربيا وأبوابه مشرعة له وتوالت انجازاته على صعيد اتفاقيات فك الاشتباك في سبعينيات القرن العشرين، إن الحفاوة باوباما ليست مستغربة وهو الذي جاء مسبوقا بحملة علاقات عامة تسوق أمريكا من جديد بعد أن شوهتها كثيرا ممارسات المحافظين الجدد وأيضا بعد أتموا مرحلة عسكرية احتلوا فيها العراق و أفغانستان وشبه تمزيق لباكستان وتمزيق كامل للصومال ووجود كامل في الخليج العربي وفوضى في اليمن كان لابد من شخص يعيد لأمريكا وجهها المحبوب، فان بوش والمحافظين الجدد اخذوا يعاملون الدول جميعا كبيرها وصغيرها بنفس العنجهية وبلغة الأمر الناهي وليس بلغة الشريك أو الند للند ثم أصيب العالم وبسبب سياسة أمريكا وارتباط اقتصاديات العالم بالاقتصاد الأمريكي أصيب بأزمة مالية قاتلة ترنحت بسببها أمريكا وغيرها من الدول التي تسمي نفسها دول كبرى فكان لابد من وجه جديد قادر على قيادة حملة علاقات عامة من اجل تحسين صورة أمريكا المنبوذة ومن أفضل من اوباما ابن المهاجر الكيني الأفريقي المنحدر من أصول إسلامية يقوم بهذه المهمة ،الشاقة ومن أين يبدها ؟ بطبيعة الحال يبدأها من الكارثة التي تسببت فيها أمريكا واعني العراق ليباشر انسحابا كان قد اتفق سلفه عليه مع حومة نوري المالكي في العراق وهذا الأمر هو مطلب أمريكي قبل أن يكون مطلبا عراقيا ويتعلق باشان العسكري والاقتصادي والسياسي على المدى البعيد، لكن اوباما اصطحب مع خطوته هذه حملة إعلامية واسعة كما الحال مع القضية الفلسطينية وخيار الدولتين وأيضا كان هذا الخيار كان قد أعلن عنه بوش الابن لكن هو الإعلام وتطلبات المصلحة الأمريكية جعلت من اوباما هو سيد الخيارات، إذن من الطبيعي أن يقابل هذا الرئيس بكثير من الحفاوة من رؤساء جل همهم الترويج للفلم الأمريكي مادام هذا الأمر يصب في عملية قبولهم في نادي الحكام، والسؤال لماذا يحصل الذي يحصل ؟ والجواب على ذلك هو افتقاد العرب لشيء يدعى النظام السياسي الذي يؤدي فيما يؤدي إلى إقامة الدولة ذات المؤسسات، وانأ هنا أتكلم عن كل البلدان العربية دون استثناء حيث وجود الحكام الذين سيطروا على الحكم أما من خلال حماية بريطانية أو من خلال انقلاب عسكري تحول بمرور الزمن إلى نظام فردي ثم إلى نظام وراثي وقد أدت هذه الحالة المزرية المبنية مزاج فرد إلى تدمير أهم بلد عربي وهو العراق الذي ادخل في حربين عبثيتين الأولى مع إيران امتدت لثمان سنوات كانت حجتها الحدود والأراضي التي تحتلها إيران وكذلك قضية شط العرب التي تبغي إيران الاستيلاء عليه وقد راح ضحية هذه الحرب من الجانبين أكثر من مليون قتيل وأكثر منهم جرحى واسري بمئات الألوف، والثانية أدت إلى احتلال العراق بعد غزوه من قبل أمريكا، لكن ماذا فعل حاكم العراق بعد أن حشدت أمريكا جيوشها في المنطقة لضرب العراق؟أعاد كل ما طالب فيه إيران برسالة إلى رافسنجاني قائلا له إن هذا ما كنتم تطالبون به فلو كان هناك نظاما سياسيا يحكم العراق لا شخصا منفردا هل حصل الذي حصل ويحصل؟ . إن الأمر في البلاد العربية لا يستقيم إلا بإقامة النظام السياسي فيه لا النظام الأمني الذي يتوافق عليه أركان الحكم فقط وإنما نظام سياسي يتوافق عليه أبناء الشعب كافة، إن ما يطلق على الحكومات العربية الحالية بأنها أنظمة هو استخدام خاطئ فالنظام ما يتوافق عليه أبناء الشعب ونخبه ومن ثم الاتفاق على شكل الحكم والتعاقد والاتفاق من خلال دستور موثق ومصادق عليه من قبل الشعب لا انقلاب يطلق على نفسه ثورة تؤدي بالتالي إلى شلل الحركة السياسية والفكرية والثقافية وتفتيت النسيج الاجتماعي واختزال البلد باسم الحاكم الذي يدوم حكمه إلى أربعين عاما ومن ثم لنجله فهذا لا يسمى نظاما بل سلطة، كذلك ينطبق الأمر على الأنماط الملكية والأميرية في البلاد العربية فإنها جاءت بدون توافق شعبي بل بالاستيلاء أو بالحماية الأجنبية فالمشيخات ليست أنظمة سياسية بل كما قلنا سلطات . وعليه فان العلاج من خلال النخب في الداخل العربي التي لا تتصل بالخارج إلا للتعريف بنفسها بأنها التي تمثل الشعب وليس من رهن نفسه وبلاده للغير والأمر يحتاج إلى نضال وفهم لحركة التاريخ ونفس طويل في العمل والصبر ويحتاج إلى قيادة نابعة من الهم المشترك للبلد وتعمل إلى تذويب التعامل بالأنساب والسلالات بل تتعامل إن الجميع للوطن والوطن للجميع .والحقيقة إن الشعور بالهموم المشتركة هي التي تشكل الهوية الثقافية لأبناء البلد الواحد خصوصا الهموم التي تصل إلى مستوى التحديات فهذه التحديات التي تشمل كل أبناء المجتمع والتصدي لها بجملة واحدة دون تجزئتها هي التي تشكل الهوية الثقافية، أي على سبيل المثال عندما غزت أمريكا العراق جلبت معها مشروعا تفتيتيا للمجتمع يبدأ من تعيين الشرطة مثلا والجيش وهما المؤسستان التي تذوب فيهما الطبقية بعض الشيء وكذلك يتم فيهما التعايش على أساس الهوية الوطنية ولو على الشكل الظاهري، أعطت لكل طائفة حصة تصل إلى حد الشرطي الواحد والضابط الواحد ،لم يتم التصدي لهذا الأمر بل الذي حدث إن السياسيين أنفسهم قسموا الهوية على أساس طائفي من خلال القوائم الانتخابية فلكل منطقة طائفية لها قائمتها ولذلك وعمليا لم يعد النائب وبحكم المنطق السياسي ممثلا لكل الشعب ويهمه أمر الشعب بل هو ينظر إلى أبناء منطقته فقط، وكذلك أبناء الشعب يعتبرون كل نائب هو ممثلهم بل إن لكل منطقة من يمثلهم الأمر الذي لم يؤدي إلى الذوبان في الهم الوطني وعليه أصبحت هناك نوع من الضبابية حول الهوية الثقافية العراقية الأمر الذي يتطلب قائدا يذيب كل هذه التقسيمات التي تؤدي إلى تشظي سياسي خطير. والأمر ينطبق أيضا على اليمن والجزائر أيضا كما هو مثل اليوم فكلاهما لم يتم التوافق والاتفاق بين مجموع الشعب هناك على أساس برنامج متفق عليه والبرنامج الذي اعني هو القانون العام الذي يسير شؤون البلاد ويبين شكل الحكم ويعطي صورة واضحة للنظام السياسي في هذا البلد أو ذاك، هنا كلا البلدين اليمن والجزائر لم يكن الحكم إلا وليد انقلابات متتالية أو ليد أزمة حدثت في الحزب الحاكم حيث إن جبهة التحري الجزائرية سيطرت على الحكم منذ عام 1962 عام التحرير إلى عام إجبار الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة وعودة الحرس القديم مثل محمد بوضياف خشية أن يستولي الإسلاميون على السلطة بعد أن فازوا بالانتخابات التشريعية والتي ألغيت بأوامر خارجية في واقع الأمر ليصل الأمر إلى بوتفليقة الذي جعل الدستور مطواعا بين يديه يعدل فيه حسب مصلحته ورغبته ليحتكر السلطة له ولعائلته حيث هناك بعض الأخبار تؤكد أن شقيقه مؤهل لان يكون الوريث له في الحكم مع العلم ان الجزائر أيضا لم تتبين هويتها الثقافية لحد الآن وذلك عائد إلى عدم وجود القائد الحقيقي المطلوب ولا استثني من ذلك اليمن التي تحتاج إلى دراسات خاصة بها .

 

رائد السوداني

كاتب من العراق

[email protected]

 

 

 

 

في المثقف اليوم