أقلام حرة

بين افتعال الأزمة والتفجير.. / حسن حاتم المذكور

ناهيك عن الممحي من اوراق اللعبة، فلا مشاريع مفتعلي الأزمات لها سقف محدد، ما دام العراق متخم بالثروات، ولا الحكومة تستطيع ان تتجاوز الرأي العام لتملأ شهية الغرماء محلياً واقليمياً ودولياً، هنا يصبح الدم العراقي نقطة الحوار على طاولة الموت اليومي بين الأزمة والتفجير .

بين وقت وآخر، اذا ما غضب طرف او تكتل وشخص ولاسباب شخصية او كتلوية، يسارع لتهديد وابتزاز الآخر بكشف الخطير من الملفات على اصعدة الفساد والأرهاب والعمالة والخيانات، وهم يعرفون بعضهم، حتى الحكومة تعلن احياناً عما لديها، الجميع بما فيهم الحكومة، يؤجلوا الأمر حفاظاً على العملية السياسية وحكومة الشراكة !! ثم اللجؤ الى مخرج الحلول السياسية المربحة، كون الوقت غير مناسب (مو وقتهه)، وكأن الوقت لا قيمة له او انه ملائم فقط لسفك المزيد من الدم العراقي، ويتجاهلون، ان التسترعلى الفساد والأرهاب، يشكل جزءً منه (حتى وان لم ينتمي اليه !!!) .

عندما يسمع المواطن، ان القضاء اصدر امراً بأحالة رئيس كتلة الى التحقيق بتهم ارهاب وفساد وعمليات اغتيال وتصفيات، او ان الحكومة تمتنع عن تحقيق المزيد من رغبات البعض لمخالفتها الدستور، او انها مضطرة للأشارة الى مافيات التهريب، ترتفع حمى التصعيد والتهديد بالأنهيارات الأمنية، حينها يشم المواطن رائحة المجزرة، وبحالة من الحذر والخوف، وبعد ايام قلائل، تنفذ سلسلة تفجيرات نوعية وبوقت واحد تعم اغلب محافظات الجنوب والوسط، تفجيرات من حيث الأتقان والقدرة ودقة التوقيت، لا يمكن الا ان تقف خلفها دول واجهزة استخباراتية متنفذة، واختراقات على مستويات عالية .

الأشكالية هنا لا زالت معلقة بين حجمي الأزمة والتفجير، فالموت اليومي وانهار الدم وتدمير البنى والشحيح من المشاريع الخدمية وتعطيل ما ينفع الناس داخل مجلس النواب، مهام متداخلة بين اطراف مفتعلي الأزمات .

على امتداد اكثر من ثمان سنوات، وبعد كل افتعال ازمة سياسية، تكون المجزة اول غيث صاحب المهمات القذرة اياد علاوي والأرهابي طارق الهاشمي، واراذل بعثيي ائتلاف العراقية، الى جانب عبثية المواجهات المفتعلة بين الدولة والأقليم، والتي تشكل بيئة تاريخية مثالية لتفريخ الأزمات والأبتزازات ثم المساومات على حساب المستقبل العراقي، تلك التي لا يمكن ان تكون فيها الأيدي نظيفة من الدم العراقي .

الدولة مقطوعة اللسان، لا تستطيع ان تصرخ بوجه وزير خارجية تركيا عندما تجول في مدينة كركوك العراقية وكأنها تركية، وغير قادرة على تأديب الدلال الذي استضاف احمد اوغلو مغتصباً لكركود وربما سيجعل منه (رب عائلة) للموصل !!!، اي حكمة تراها الحكومة في مصالحة ومساومة ومشاركة محترفي افتعال الأزمات واشعال حرائق المفخخات موتاً بشعاً للعراقيين وخراباً لوطنهم وانهاكاً لدولتهم ..؟؟، انها هرولة خلف السراب، لا تروي عطش العراقيين للأمن والأستقرار والأعمار .

الحكومة تفتقر الى ردة فعل وطنية حازمة ازاء الأستهانة في السيادة الوطنية، هنا بأستطاعة الكويت ان ترشح محافظاً لها عن البصرة، والسعودية ان تقيم مشاريع ومراكز حراسة في الجانب العراقي، والجارة ايران، لا تحتاج لأكثر من عشرين متراً ليصبح ثدي الثروات العراقية داخل فمها .

بين الطائفة والطائفة، تتفحم قلوب الأبرياء في افران الفتنة المصنعة، وبين القومية والقومية، جدار من البارود المستورد، الدستور بلا دستور وكل مادة فيه ذات حدين تمسك بذيل التي بجانبها، الفساد اصبح بعيداً عن الشبهات والأرهاب يتسلل عبر حدود بعض اطراف العملية السياسية، ولا يوجد من يحترم الرأي العام او يتعامل معه بصدق وشفافية، وخيارات العراق اصبحت مكبوسة داخل مجمدات نظام التحاصص والتوافقات والفرهود الشامل، العراقيون من شمالهم الى جنوبهم يتسائلون :

ـــ بمن سنثق...ومن هذا (هم) الذي سيحترم ارادتنا وينهض بنا ليغير وجه العراق ؟؟؟ .

الرأي العام ... والكلمة الأخيرة ..

لا اعني هنا طائفة او قومية او كتلة اوجماعة بعينها، اعني المواطن العراقي على امتداد سعة الوطن، المغيب المستغفل المحكوم بضياع سلطته وثرواته ومصادر رزقه وضعف دولته وانفلات سيادته، المحاصر بالفساد والأرهاب والتطرف، المحبط بثقته واصواته ووعيه وانتماءه وحاضره ومستقبل اجياله، يبحث عن الحق والحقيقة والحرية والكرامة وحد مقبول من المساواة والمتواضع من هامش الحريات الديمقراطية الذي يعاد فصاله الآن على مقاس طائفيي الطوائف وعنصريي القوميات ورموز الجهل والشعوذة، وتداخل وظيفي بين المثقف والسياسي في خلطة الأنهيار الأخلاقي داخل قدر نظام التحاصص والتوافقات الى جانب الأذلال النفسي الذي تفرضه ضغوط المكرمات .

بدون تعميم ... اذا تحدث او كتب الشوفيني العربي (وهو لا يمثل الرأي العام العربي ــ العراقي ــ)، يخلط بين الشعب الكوردي النبيل المتسامح الصادق وصاحب المعشر بأمتياز وبين قياداته القومية التي استهلكته واستهلكت قضيته، الشوفيني العربي هنا ينقل فقط رسائل وممارسات عدوانية العقائد البعثية المتطرفة، وخلق اجواء من الأحباط واليأس والأرباك لدفع الحالة العراقية الى الخلف حيث جهوريات الموت البعثي .

الشوفيني الكوردي، سياسياً كان ام مثقفاً، كديك يغرد (يعوعي) ورجليه في اوحال الشوفينية، يترجم مظلوميتة ردود افعال مدمرة لمجمل المستقبل العراقي حتى ولو سحقت معها اضلاع قضيته، مع انها ترفل بالمكاسب .

على الرأي العام، عربياً كان ام كوردياً او اي كان من المكونات الأخرى، ان يبحث عن مشتركات خارج اطار نظام التحاصص والتوافقات والفرهود الشامل، يبحث عمن يمثل مصالحه من خارج احزاب الطائفة والقومية والعشيرة، ورموز الفساد، فاللصوص والمهربين لا يمثلون قضية ولا يبنون مستقبلاً ولا يعترفون بشعب او وطن خارج اطار حبربشية الحزب والعشيرة والعائلة، على الرأي العام ان يعيد صياغة وعيه وتحرير ارادته واطلاق صوته عبر التنظيم والتظاهر والأحتجاج والتمسك بعروة عراقية الأنتماء والولاء ويعيد النظر في موقع قدم ثقته واصواته، ومن داخل صناديق الأقتراع، يسحب الثقة عمن لا يستحقها ويجددها لمن عمل خيراً للأمـة والوطن، ويتصدى لقوى الشر اقليمياً وداخلياً، اذا ما ارادت اضعاف واذلال دولته وتهريب ثرواته والأستحواذ على مصادر رزقه، هنا فقط يستطيع قطع شرايين افتعال الأزمات والمجزرة .

يجب ان تكون الكلمة الأخيرة والحاسمة للرأي العام العراقي، وموعد الجميع في الشارع العراقي وامام صناديق الأقتراع للأنتخابات القادمة، فصبر الناس قد تجاوز نهايته ولعبة الأزمة والتفجير قد فقدت كامل اوراقها، فاما عراق على الأرض، او صورة على الجرائد كل يستطيع ان يرسم حصته عليها ... ؟؟؟ .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2209 الجمعة 24/ 08 / 2012)


في المثقف اليوم