أقلام حرة

كتـّاب القطـعة ... / حسن حاتم المذكور

مع التقيد الصارم بالنموذج الذي يصممه صاحب المشروع، التزام الأجير بالنموذج والأهتمام بعدد القطع، يكون على حساب الجودة والنوعية، والذوق والمهارة والأبداع والموهبة على اصعدة الثقافة والسياسة، تتبع بعض المؤسسات الأعلامية، حكومية كانت او خاصة، نظام الدفع على عدد المقالات (القطعة) مع الألتزام الحرفي بالنموذج الذي يحدده صاحب الموسسة، بعد التطبع على ثقافة القطعة، يفقد الكاتب موهبته وحرية عطاءه وتمسخ شخصيته (برغي)  في مؤسسة الممول .

واحد من كتاب القطعة التابع لمؤسسة المدى، خرج علينا بمقالة ثورية يستنهظ فيها مثقفي العراق " اين انتم يا مثقفي العراق ... هذا يومكم ... حيهم ـــ احنه النخبطهه ونشرب صافيهه ــ "، غير انه لم يوضح لنا اي سرب يعني بمقالته، سرب مؤسسة المدى او سرب الأقليم، وكلاهما (... يـن بفـد الباس ..)، ام اسراب المركز وما اكثرها، وضد من هذه المرة، من سيدفع ثمن سلاح التسقيط وفبركة الأكاذيب وذخيرة الأشاعات والتشويه والجهة التي ستتكفل بتسليم التكاليف والتعويضات والمكرمات، وما هي اسماء الأوسمة وقيمها المادية ومن سيعلقها على صدور التوابين من الثوريين !! ؟؟ .

اشار عالم الأجتماع العراقي الدكتور على الوردي الى " ازدواجية الشخصية العراقية "، ولو عاد اليوم، خاصة بعد مرحلة التسلط البعثي، بأرهابه وحروبه وحصاراته وما اظافته السنوات الثمانية الأخيرة، وقرأ ما يكتبه مثقفي القطعة وما يصدروه من بيانات ونداءات استنكارية اوتضامنية، لغير وجهة نظره، وتحدث عن شخصية عراقية متشظية منشطرة مهشمة من اخمص سياسييها حتى فوهة مثقفيها، حيث تم سحقها واعادة استنساخها بعد الأستغناء عن مضمونها الوطني . 

كتاب القطعة: هل حقاً مقتنعون بسلوكهم صادقون بأنحيازهم وكم وصل عدد الأجزاء التي انشطرت اليه شخصيتهم خلال مسيرتنهم النضالية ومنها الثمانية سنوات الأخيرة !! ؟؟؟ .

الأمر مقلقاً جداً . قدرة التلون وعراقة التكيف وخبرة الألتواء والألتفاف لأسراب الأنتكاسات التاريخية، تشكل الآن خنجر السياسي في خاصرة الرأي العام العراقي، انها منزلقات قاتلة في طريق اي حراك يريد للمشروع الوطني مستقبلاً، هنا على كل عراقية وعراقي، مثقفاً كان ام سياسياً او مواطن لا يملك الا شرف الأنتماء والولاء لوطنه وشعبه، ان يحترم موقفه ونقاء ذاته ولا يتردد عن المواجهة، مع انها الآن غير متكافئة، فالطريق الأسلم يبدأ من حيث الأشارة الصحيصة مهما تعددت العثرات .

لم تمض على النداء الثوري لذلك الكاتب (المداوي) اكثر من عشرة ايام، حتى اصدر (مصطر)  اللجنة العربية للتضامن مع القضية الكوردية، بياناً يطالب فيه الحكومة العراقية بسحب قواتها الى ثكناتها، والا فالأمر ليس " سفرة ربيعية !!! " يعنون الحرب التي سينهزم فها العراق امام الأقليم، وهنا انتحرت قطرة الخجل .

امر جميل، ان يتضامن بنات وابناء العراق مع بعضهم، والأجمل لو طالبت لجنة التضامن ايضاً، قوات البيش مركه بسحب قواتها الى مواقعها التي كانت عليها قبل احتلال العراق في 2003، وترك هامش من الحرية للناس ليعالجوا امورهم الحياتية وعلاقاتهم التاريخية ومنافعهم المشتركة في مناطقهم التي يتنازع عليها الأخرون من خارجها، والدعوة غير المنحازة للتروي والتهدئة، تماماً كموقف الأتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين .

اعضاء التجمع العربي للتضامن مع القضية الكوردية، وعمر اصغرهم لا يقل عن الثمانية والستون عاماً وقد تجاوزت بقايا شيخهم المخضرم الثامنة والسبعون عاماً يجتر ايامه بين المستشفيات والمصحات، او يغفوا بمقعده في اوتيلات (5 ــ 7) نجوم، عليهم ان يتقوا اللـه ويراجعوا المتبقي من ضمائرهم ويستعيدوا رشدهم وتوازنهم، ويفكروا في وضعهم الصحي والنفسي، ويكتفوا بما وفروه لهياكلهم الراحلة قريباً (ونحن اللاحقون) من الغطاء المادي والمعنوي خلال الثمانية سنوات الأخيرة، ونتمنى لهم ان يحتفظوا ايضاً، بغطاء معنوي يلف نهاياتهم حتى لا تشعر نعوشهم بفاجعة الوحشة لقلة عدد المتملقين خلفها، هذا اذا كانت شروط تعاقداتهم غير مجحفة، وقد دفعوا اكثر ما في ذمتهم، ولم يفقدوا بعد ملكية مواقفهم .

كثافة نداءاتهم وبياناتهم وتصريحاتهم الأستعراضية، وزخم قوائم توقيعاتهم الأستنكارية والتضامنية، تؤكد على انهم دخلوا مرحلة سن اليأس النضالي مغامرين في التوقيع على عقود الدفع على القطعة والأستعداد لقول وكتابة ما يتحفظ عليه حتى اصحاب القضية .

عتب قد لا يغيض الأخوة في حكومة الأقليم، وهم يملكون في صفوف شعبهم، من داخل وخارج العراق، مئآت الكتاب والباحثين والمؤرخين والأعلاميين الكفؤين النزيهين المخلصين لقضية شعبهم، الا يتعمدوا تهميشهم والأستغناء عن طاقاتهم وتركهم يعانون التشرد والغربة وضغط الضروف المادية والمعنوية، ثم تبذير الألاف من الدولارات شهرياً على مداحين عرب لا يعرف تاريخهم الثبات على مواقف وطنية، خاصة اثناء المحن والأنتكاسات التي تعرض لها العراق والشعب الكوردي منه بشكل خاص، واحياناً كما يقول المثل " يجمل الغركان خطه " نحن على ثقة، لو انقطع عنهم شريان المكرمات، لنضح عظمهم مخزون التطرف الشوفيني القومي  .

انه مجرد عتب لا يكلف، لكنه قد يوفر الفرص لمثقفي كوردستان، ليرسموا الطريق الأنجع لمسيرة شعبهم نحو مستقبل قضيته، كما ويوفر الملايين من الدولارات لشعب كوردستان، تلك التي تبذر مكرمات على منتفعين لا قضية لهم، ومن لا يحترم قضيته، سوف لن يكون صادقاً في التضامن مع قضية اخرى، وهم في المحصلة، قد فقدوا احترام المواطن العراقي وثقة المواطن الكوردي .

 

28 / 11 / 2012

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2289 الخميس 29 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم