أقلام حرة

بصراحة غير معهودة عن المادة 140 والسيد البرزاني / قاسم الخفاجي

لان طرفي اي خلاف سيعرفون في اي مرحلة هم مما يدفعهم للتفكير واتخاذ قرارات بديلة ايجابية.

السيد مسعود اكثر صراحة من المالكي لايشك اثنان في ذلك لكنه يظل غامضا ايضا لانه لايذكر الحقيقة كاملة. فعندما يلتقي مقتدى او علاوي يوحي اليهم بان مشاكله مع بغداد تتعلق بالعملية السياسية بينما الحقيقة ان للسيد مسعود مهمة واحدة فقط وهي تسجيل مناطق معينة ضمن كردستان منها كركوك على سبيل المثال . وبانتهاء هذه المسالة يكون المالكي او اي حاكم في بغداد صديقا ودودا وديمقراطيا.

من صراحات السيد مسعود انه قال ان المشكلة ليست مع المالكي وهذا صحيح فلو جاء رئيس حكومة اخر بعد سنتين فتبقى المشكلة نفسها قائمة او تحسم بطريقة لاترضي احد الطرفين .

المشكلة ايها السادة لاتخص المالكي ابدا ولدية حججه القانونية الرصينة كيف؟

العقبة الكأداء التي كبت عندها المادة 140 وفشلت هي الاستفتاء وخصوصا في كركوك. فاما دستوريا فالمادة 140 سارية ويجب تطبيقها ولكن تطبيقها يستحيل على ارض الواقع وبالتالي تسقط عن الاعتبار وتهمل . وما قيمة اي مادة دستورية اذا استحال تطبيقها فلن تكون اكثر من حبر على ورق. وهناك مواد في دساتير دول كثيرة لم تطبق واستبدلت بمواد اكثر مرونة ونفعا لانه استحال تطبيقها. ان تطبيق المادة 140 مستحيل في كركوك

و الجواب لان الاستفتاء فيها والذي هو الاساس الذي يستند اليه تطبيق المادة غير ممكن .فالمكون الكردي وبتعليمات السيد البرزاني لديه الياته وسجلاته وشروطه التي لايرضى بسواها في تطبيق المادة140 بحيث ان هذه الاليات تقود الى نتيجة معروفة . اما المكون الاخر وهو تحالف من العرب والتركمان والمسيحيين ويرفض الانضمام لكردستان لديه ايضا آلياته و سجلاته وشروطه لاجراء الاستفتاء . اذن فكل طرف يرفض اليات الطرف الاخر وهي نتيجة تسمى في علم المنطق والاصول بالمغلقة. اي انها وصلت الى طريق مسدود مما يفرض على السياسي العاقل اعادة التفكير وايجاد بدائل مناسبة.

 بعض الاخوة الاكراد يقول ان على المالكي اصدار قرارات ملزمة والزام المكون االعربي التركماني بالانصياع للاستفتاء واجراؤه عنوة . ولدى المالكي جوابه وهو انه لايمكنه قهر الناس والزامهم لامر تكون نتيجته اقتتال ودماء وتنازع .فلو اريد فرض الاستفتاء بالقوة والقهر فان المكون الاخر سيرفض ويقاطع ولاتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة لان احد طرفي المعادلة غير موجود اساسا. وهذا مالايدركه كثيرون ويعتقدون ان الامر جد بسيط وهي مجرد قرارات واجراءات. كذلك فلو طلب البرزاني والطالباني من المالكي استخدام سلطة الفرض والالزام فان المالكي سيقول لهم كلا لاافعل ذلك لان العملية السياسية لم تتأسس على الالزام وانما على التوافق وفي قضية كركوك يجب ان نتوافق وان خالفنا الدستور لان الدساتير اساسا تقوم على هدف حماية السلم الاهلي وايجاد المناخات لتثبيت الاستقرار واذا كان فيها ما يؤدي لسفك الدماء فيجب الغاؤه او تعديله. وهذا ما يحصل في كل دساتير العالم قاطبة وليس العراق منها اسثناءا.

كما ان المالكي لو تمت مزاحمته بحتمية الالزام فانه يمكنه استخدامها ضد المادة 140 ذاتها ايضا والغاؤها او تعديلها وتوجد ضوابط دستورية لتعديل او الغاء اي مادة في الدستور العراقي بتوفر ثلثي اعضاء البرلمان في الدورات القادمة.

اذن وصلنا الى نتيجة مفادها استحالة اجراء الاستفتاء في كركوك مما يترتب عليه ايضا استحالة تطبيق المادة 140 برمتها مما يعني عمليا اعلان موتها والبحث عن البدائل الانسب وهذا ما يفعله اي سياسي عاقل .

 

وماهي البدائل اذان , البدائل الاقرب هي جعل كركوك اقليما مستقلا واعتقد انه سيكون مرجحا في مراحل لاحقة حتى من السيد مسعود نفسه.

قد يقول البعض ان القضية ترفع للامم المتحدة او محكمة العدل الدولية في لاهاي والجواب ان تلك الهيئات ستصطدم بنفس العوائق التي واجهتها لجنان تطبيق المادة من العراقيين وتعجز عن الحل .

اكرر ان الحل الامثل في المدى المنظور لكركوك هي كاقليم خاص لو رغب السيد البرزاني مثلا وانا انصحه ان يفعل ذلك. واما في المدى الابعد فستبقى كركوك والمناطق الاخرى المعنية على وضعها الراهن اي ضمن ادارة بغداد والسبب لان الموقف يتطور زمنيا لصالح بقاء كركوك ضمن ادارة بغداد. فالراي العام غير الكردي في العراق لايؤيد حلول السيد البرزاني ويتزايد الشعور يوميا بضرورة انفصال كردستان عن العراق لان المشكلة باتت مزمنة وتعطل الحياة العامة وتشغل عصب الدولة والمجتمع وتستهلك الطاقات العامة للسياسيين الذين اعيتهم الحيل في هذه القضية المعقدة جدا.

والطرق الدستورية لتعديل المادة 140 كثيرة واهمها اعلان البرلمان استحالة تطبيق المادة على الارض مما يستوجب ايجاد بدائل لها. ويمكن ايجاد تشريعات جديدة مقبولة من جميع الاطراف وملزمة . ويتم كل ذلك بالتوافق بين كل المكونات في البرلمان وبعد ان توصل الجميع لهذه القناعة الحاسمة وهي استحالة تطبيق المادة 140 على ارض الواقع للاسباب المبينة اعلاه .

مختص بالعلوم السياسية وحل النزاعات 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2306 الأحد 16 / 12 / 2012)


في المثقف اليوم