أقلام حرة

الانشقاق الشيعي.. خطوة باتجاه عودة البعث

الموحد كانت طموحاتهم لا تصل الى أبعد من التوغل في هذا الكيان وذاك، أو تشكيل كتلة سياسية بتسمية وطنية للحصول على مقاعد محدودة في البرلمان القادم. كان تفكيرهم يستند الى تقييم واقعي للساحة، فالإئتلاف العراقي هو الكتلة الأكبر في البرلمان، وبصرف النظر عن قوة أدائها، وعن مقدار تماسكها الداخلي، إلا أنها ظلت صاحبة التأثير الأقوى، بحكم إنتماء رئيس الوزراء اليها، الى جانب عدد من أهم الوزارات في الدولة.

ظل البعثيون يعيشون حلم العودة للحكم.. مجرد حلم لا أكثر، كانوا يعرفون جيداً أنه حلم المهزوم بضربة قاضية، وأنه لا يتحول الى حقيقة، وأنه ليس أكثر من حاجة نفسية تساعد صاحبها على مقاومة الإنهيار الكامل.

هذا ماكان قادة البعث يتصرفون على أساسه، لقد أدركوا ان العملية السياسية المولودة أميركياً لا يمكن أن تتحطم، مهما تغيرت الإدارات في البيت الأبيض، وأن غاية ما يمكنهم فعله هو إرباكها للحصول على مكسب النفوذ في مواقع الدولة. أما العودة الى رأس الحكم، فهو أمر لا يكون في ظل دولة تعتمد الدستور والانتخابات والآليات الديمقراطية.

جهود البعث كانت تتركز على التخلص من وطأة قانون الإجتثاث والمساءلة والعدالة، وعلى تغلغل في الدوائر الحكومية، وبضع مقاعد في البرلمان، عبر الإحتماء بكتل ذات واجهات وطنية، وقد نجحوا في ذلك في الدورة الحالية، فقد صار لهم حضور مخفي في البرلمان بفعل صوت الناخبين المؤيدين لهم، كما صار لهم حضور في دوائر الدولة بفعل موقف حكومي لا يمكن تبريره.

لقد أراد البعثيون أن يزيدوا من هذه المكاسب، عن طريق زيادة عدد مقاعدهم، بعد أن تعهدت لهم بعض الحكومات ورجال الأعمال بتقديم الدعم المالي والذي يعتبر أحد أهم عناصر التأثير الانتخابي، لكنهم لم ينتظروا أن تكون النتائج بمستوى التنافس على رئاسة الوزراء، فهذا أمر محسوم طالما أن هناك عملاقاً برلمانياً يجلس على أكثر من ثلث مساحة البرلمان، اسمه الإئتلاف العراقي.

هواجس الخوف تزايدت عند القيادات البعثية، حينما بدأت أولى جولات التفاوض بين مكونات الإئتلاف، لمعالجة نقاط الخلل فيه، والخروج بصيغة قوية مع ضم مكونات أخرى، وتم تغيير الإسم الى (الإئتلاف الوطني العراقي)، وكانت المفاوضات تسير بشكل إيجابي في بدايتها، وتسعى الى وضع أسس جديدة تعيد الروح إليه، وتعيد ثقة المواطن به بعد أن اهتزت خلال التجربة السابقة.

وازاء هذه الانطلاقة، وجد البعثيون والأحزاب الأخرى أن رئاسة الوزراء ستكون هذه المرة أيضاً من نصيب الإئتلاف، وان أقصى ما يمكن الحصول عليه هو زيادة عدد مقاعدهم البرلمانية عن طريق ترتيب صفوفهم عبر تحالفات سياسية جديدة، خصوصا وأن نتائج إنتخابات مجالس المحافظات كشفت لهم قوة مكونات الإئتلاف وتحديداً قوة كتلة السيد المالكي (دولة القانون) التي جاءت بنتائج كاسحة أربكت المعادلات السائدة في الساحة.

بعد اسابيع من المضي في طريق إعادة بناء الائتلاف، تفجر الخلاف بين حزب الدعوة وبين بقية مكونات الإئتلاف، منذرة بحدوث شرخ كبير في الكتلة البرلمانية الأكبر. وعند هذه النقطة بدأت آمال البعثيين تنتعش.

في المثقف اليوم