أقلام حرة

من الذي قتل زهراء؟

زهراء بائعة البخور الطفلة البريئة التي استشهدت قرب عزاء في مدينة الصدر من هو المسؤول عن استشهادها؟

زهراء اليتيمة والتي تعيل ثلاثة من اخوانها الصغار وهم ينتظرونها تأتي اليهم بكسرة الخبز أو من عطاء أهل الخير أو من ما يجودون به عليهم .

زهراء ذات 13 ربيع تسقط مضرجة بدمائها من أجل أي شيء ولماذا؟

زهراء ليست كأطفال العراق فقد حرمت من أبسط حقوق الحياة بسبب ظروفها المعيشية وعائلتها المدقعة بالفقر . وزهراء لأنها يتيمة كانت نهايتها مأساوية .

وزهراء لأنها ذكية كانت تعمل بشرف غايتها أن تنقذ اخوتها من شظف العيش .

وزهراء لأنها أذكى من السياسيين استطاعت أن تأكل كسرة الخبز وتتقاسمها مع اخوتها بكرامتها وهي مرفوعة الرأس . ولأن زهراء لاتريد أن تذل نفسها وتطرق باب المسؤول ورجل الدين وكل السياسيين استطاعت بإصرارها وعنادها وكبريائها أن تواصل المشوار وتبيع ماتقدر عليه لكي تستمر الحياة من أجل اخوتها الصغار !!

زهراء ليست مثل بقية الاطفال تلبس ماتشتهي وتريد أو تأكل أي وجبة غذائية ترغبها أو تشتري بعض الحلويات كما تراها في واجهة المحلات الراقية .

زهراء كأي طفلة تحلم بمن يدافع عنها اذا اعتدى عليها أحد المشاكسين أو تتكلم بقوة اذا كان ابوها موظف كبير او نائب في البرلمان أو شخصية متنفذة .

زهراء لم تكن تعرف من الحياة غير البخور الذي تبيعه وفرن الخبز الذي تشتري منه الخبز أو محل البقالة الذي تشتري منه احيانا ماتحتاجه .

زهراء لاتعرف مسبح تسبح به أو نادي أو سينما تذهب اليها . ولم يكن لديها ألعاب أو ( بلاي ستيشن ) أو أو ... الخ .

زهراء لم تفكر يوما بسيارة تقلها الى اي مكان تريده أو مدرسة تتعلم فيها القراءة والكتابة كما تفعل بقية الفتيات اللواتي بعمرها وهن يذهبن الى مدارسهن أمامها وهي تجر الحسرات . وكانت تحلم تضع ( جنطة ) كتبها كما يفعل الطلاب على ظهرها وهي في طريقها الى المدرسة تنهل العلم لكي تتوفق في حياتها .

زهراء كانت تحلم ايضا مثل بعض الفتيات تلعب في باحة المنزل وتركض وتمزح وتحتضن لعبتها الجميلة على صدرها حين تنام .

زهراء كانت قطعة حزن سوداء قبل ان تستشهد ولم يحس أحد بوجودها غير أهل الخير والبر والاحسان .

والسؤال من هو المسؤول عن ضياع هذه الطفلة ( المكرودة ) بهذه الطريقة الوحشية التي قطعت أوصالها؟

نقول لو كانت زهراء اليتيمة حصلت على رعاية حكومية رسمية قانونية يكفل لها العيش الكريم من خلال مكاتب المعلومات في كل منطقة هل كان يحصل الذي حصل لها؟

لو كان هناك دور حكومي بارز ممثلا بمكتب وعدد من الموظفين في كل منطقة يعنى بشؤون الايتام والمعوزين هل كانت تضيع من عندنا زهراء؟

لو كان عندنا برلمان حقيقي مثل كل برلمانات العالم يبحث في تشريعات خاصة وقوانين ترفع من المستوى المعيشي لكل اسرة متضررة هل استشهدت زهراء؟

لو كان أي سياسي يكفل عدة ايتام كل في منطقته هل نفقد اليتيمة زهراء؟

لو كان دولة رئيس الوزراء يوصي أو يأمر بإحتضان كل أطفال ويتامى العراق عن طريق تخصيص رواتب مجزية تنقذهم مما هم فيه هل تموت زهراء؟

لو كانت المرجعية وعن طريق وكلائها في كل العراق لديهم معلومات كاملة عن اليتامى والفقراء والمعوزين والمحتاجين لكي تخصص لهم رواتب هل نخسر زهراء هكذا بهذه الطريقة الوحشية التي مزقت جسدها السيارة المفخخة؟

وخاصة وأن المرجعية لها دور كبير في انقاذ عدد لابأس به من الايتام والمعوزين ونحن نعرف ذلك ولكن هل هذا يسد الحاجة أو هل هو بمستوى الطموح؟

اذن هناك تقصير واضح من قبل جميع المؤسسات . ويجب علينا اليوم أن لانوجه التهم الى هذا وذاك ولكن على الجميع أن يعض اصابع الندم ويعتذر لزهراء عن تقصيره بعدم تقديم أبسط الخدمات اليها .

لو كان هناك شعور بالمسؤولية اتجاه زهراء من قبل جميع المسؤولين عمن هم بحاجة الى رعاية كاملة من قبل من اختارهم الله علينا من رجال دين وسياسيين هل كان بالامكان أن نفقد الزهرة اليانعة زهراء ذات ال 13 ربيع بالله عليكم؟

زهراء كانت تقف بجانب خيمة العزاء في ثالث يوم للمصاب في قطاع 5 تنتظر وجبة العشاء لتأخذه الى اخوانها الذين ينتظرونها على احر من الجمر . وخاصة يوم امس لم تستطع زهراء بيع ولاقطعة بخور !!!

وكل الذين يعرفون زهراء في منطقتها قالوا عنها ملتزمة بحجابها وصيامها وصلاتها وترتدي العباءة وتفتخر بذلك. بل انها تذهب سيرا على الاقدام احياء لذكرى استشهاد سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام .

والذي أحزنني أكثر أن زهراء لم يتم تشييعها ضمن المائة نعش الذين تم تشييعهم الى مثواهم الاخير صباح هذا اليوم !!!

 

سيد احمد العباسي

 

 

 

في المثقف اليوم