أقلام حرة

قلوبنا واليوم العالمي للقلب!!

القلب هو قلب الإنسان، وسمي كذلك لأنه أخلص شيئ فيه وأرفعه.

فخالص كل شيئ وأشرفه قلبه.

"...فأنه نزله على قلبك بإذن الله" البقرة 97.

أي نزل به الروح الأمين على قلبك.

وقد يُراد بالقلب معنى العقل.

 

وعندما يكون الوطن قلبا فأنه قد يقتل صاحبه.

والكثيرون منا يحملون الوطن في قلوبهم، ولهذا فأنهم يتساقطون تباعا ضحايا للذبحة الصدرية واضطراب ضربات القلب.

وربما لا يوجد إنسان  يحمل وطنه في قلبه مثلما نحن نحمله.

 

"نقل فؤادك حيث شئت من الهوى       مالحب إلا للحبيب الأول

كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى        وحنينه أبدا لأول منزلِ"

 

والقلب كما هو معروف، عضلة بأربعة تجاويف يأتي إليها الدم بالأوردة وتضخه بالشرايين، وفيها مراكز كهربائية تساهم في إدامة إنتظام النبض، الذي يمكننا قراءته بأجهزة التخطيط، التي تلتقط  النشاطات الكهربائية المبرمجة ذاتيا، والمقدر لها أن تنبض عددا محددا من النبضات تتناسب مع العمر، وبعدها يتوقف القلب فيموت البشر.

ويتم تغذية العضلة القلبية بواسطة الشرايين المتفرعة من الشريان الأبهر وتسمى بالشرايين التاجية، وهي توفر الأوكسجين اللازم لعمل العضلة القلبية.

وقد تصاب هذه الشرايين بالضيق أو الإنسداد مما يؤدي إلى الذبحة الصدرية  أو إحتساء العضلة القلبية.

والذبحة تكون أعراضها بآلام في الصدر تنتقل إلى الذراع اليسرى أو الرقبة أو الفك الأسفل وأعلى البطن، أو يشعر المصاب  بضغط شديد في صدره، وهذا ناجم عن عدم كفاءة الشرايين التاجية في توفير الأوكسجين اللازم للعضلة.

وتظهر الأعراض جلية عندما يقوم الشخص بجهد عضلي أو إنفعالي يتطلب عملا أكبر من القلب.

أما الإحتشاء فهو موت جزء من العضلة القلبية بسبب إنسداد الشريان، الذي يغذيها وهذا يكون متصاحبا بآلام شديدة وأعراض وخيمة، ومضاعفات خطيرة تتناسب ومساحة الموت العضلي، وقد يؤدي إلى توقف القلب التام والموت المفاجئ، وينتهي المصاب الذي نجا من الموت في غرف إنعاش القلب.

وهناك فحوصات عديدة مثل تخطيط القلب الكهربائي أثناء الراحة وبمجهود، وبمواد مشعة والإيكو والقسطرة وهي ذات نتائج عالية النوعية. 

كما  تطورت جراحة القلوب ووصلت إلى أعلى تقنيتها وكفاءتها، وأصبح من اليسير جدا إبدال الشرايين الضيقة أو توسيعها، وقد حققت هذه العمليات الجراحية نجاحا باهرا في كل دول العالم.

وللقلب علاقة وثيقة بالحالات الإنفعالية التي يعاني منها الناس، وأثبتت العديد من الدراسات علاقة أمراض القلب وإضطراب دقاته بالشدائد النفسية التي تصيب البشر.

فالكآبة تؤذي القلب كثيرا، والذي لديه مرض في قلبه ويتملكه الحزن والإكتئاب، فأنه يموت مبكرا ولا يتعافى من مرضه بسهولة، بل يكون عرضة للمضاعفات والتطورات الخطيرة التي تؤدي بحياته.

والقلق أيضا له دور فعال في الإضرار بهذه العضلة النابضة، والتي تتحكم بالحياة وتذكر المرء بكل قبضة وإنبساط بالعد التنازلي لعمره.

"دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ لهُ     إنّ الحياةَ دقائقٌ وثواني"

ومن المعلوم أن التدخين، والسمنة، وقلة الحركة، ومرض السكر وإرتفاع ضغط الدم، لها الدور الأساسي في تدمير القلب وإتلافه وموته.

ويموت سنويا 17.3 مليون إنسان في العام بسبب أمراض القلب، وهي نسبة 30% من الوفيات، وتتسبب أمراض القلب التاجية في وفاة 7.3 مليون شخص سنويا.

وفي الشرق الأوسط تمثل أمراض القلب نسبة 31% من الوفيات .

وفي عام 2030 ستتسبب أمراض القلب بوفاة 23 مليون شخص سنويا في العالم.

 ويبدو أن لإستمرار التوتر وغياب الأمن والإستقرار، والجزع والصراع الذاتي والموضوعي، تأثيرات سلبية على القلب، وإصابة الناس بأمراضه المتنوعة الحادة والمزمنة.

فاعرف قلبك لأنه وطنك، فإذا مرض القلب مرض الوطن، وإذا مرض الوطن مرض القلب، فأين الطبيب؟

"يقولون ليلى (بالبلاد) مريضة 

                         فيا ليتني كنت الطبيب المداويا"!!

 

فهل ستتآلف وتطمئن القلوب؟!

وهل سنعيش بقلبٍ سليم؟!!

 

د-صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم