أقلام حرة

الإنشقاق الشيعي.. الإختلاف على المالكي

(النصف + 1) من مجموع مقاعد الإئتلاف، بينما لجأ قادة حزب الدعوة الى الحديث عن إختلاف في التوجهات السياسية.

السبب الحقيقي هو الإختلاف على النسبة، ومن وجهة نظر شخصية، فان من حق حزب الدعوة أن يطالب بنسبة عالية من المقاعد تنسجم مع حجمه الجماهيري وقوته السياسية، فحزب الدعوة في عام 2009 ليس هو حزب الدعوة عام 2005، لقد إنتقل من الضعف الى أعلى مستويات القوة، وتحول الى أكبر حزب سياسي من بين الأحزاب والكيانات العربية في العراق. وهذا ما كشفته نتائج إنتخابات المحافظات مطلع عام 2009 لدرجة أثارت مخاوف الأطراف السياسية من هذه القوة التي يتمتع بها.

في ضوء هذه الحقيقة الميدانية كان على حزب الدعوة أن يعلن شروطه صراحة، فلا حاجة الى الخجل من شرط حصوله على الأغلبية، لأنه ينطلق من حسابات واقعية لا يمكن لأي طرف أن يشكك بصحتها ودقتها ومصداقيتها.

إن شعبية السيد المالكي قضية ملموسة على الأرض، والكلام لا يخرج عن كونه هل حافظ على هذه الشعبية أم انها هبطت هبوطاً نسبياً؟ أي ان التشكيك بشعبية المالكي مسالة غير واردة، وهذا ما يدفع بحزب الدعوة الى التمسك بحصوله على نسبة كبيرة من المقاعد، لأن ما سيحصل عليه الإئتلاف الجديد في الانتخابات القادمة سيكون بواجهة ذات شعبية عريضة عنوانها (نوري المالكي).

غير أن مفاوضو حزب الدعوة أخطأوا في قيادة الحوار منذ البداية، لقد قطعواً شوطاً في التفاهم النظري حول المنهج والأفكار، ولم يضعوا شروطهم منذ الإجتماع الأول. وبذلك اضعفوا موقفهم التفاوضي لاحقاً.

إن من مشاكل الإئتلاف القديم أنه لم يتفق منذ البداية على تسمية رئيس الوزراء والقضايا المفصلية المرتبطة بها، وهذا ما جعلها تتفجر في مرحلة ما بعد الانتخابات، وكان لها دورها الأكبر في ضعضعة أركانه.

إن حزب الدعوة لم يعتمد الصراحة يوم جلس على طاولة الحوار، وظل يشعر بالحياء حتى عندما تلكأ الحوار، وبرزت الخلافات مع أطراف الإئتلاف، فلم يفصح عن السبب الحقيقي، وعمد الى تبرير الخلاف على أنه إختلاف في الرؤى والتوجهات، مما مكن كتل الإئتلاف الى اطلاق التصريحات العلنية بأن الخلاف حول النسبة العددية.

وسجل حزب الدعوة على نفسه نقطة ضعف أخرى، عندما أعلن عن تشكيلته النهائية لخوض الانتخابات البرلمانية دون التحالف مع كيانات سياسية تمثل مختلف المذاهب والاتجاهات، بينما كان يعلن قادته أنهم يريدون إئتلافاً حقيقياً يتجاوز الطائفية وينفتح على كل الكتل والاحزاب السياسية ذات التوجهات الوطنية.

كان بإمكان حزب الدعوة أن يقول بصراحة، أنه يريد رئاسة الوزراء، وهذا حق للجميع لا يملك أحد أن يعترض عليه، وهو حق للدعوة يستند على معطيات الشارع، ونتائج الانتخابات المحلية.

لقد لجأ مفاضو حزب الدعوة الى طرح صيغة صعبة القبول وهي نسبة (النصف + واحد) لأن كل طرف سيجد نفسه مجرد وجود خاو ينساق رغماً عنه وراء ما يقرره الحزب. فهل غاب هذا التفكير عن قادة سياسيين لهم باعهم وتجربتهم في التفاوض وإدارة الأزمات؟

لقد لجأوا الى هذا الأسلوب لتفادي تسمية المالكي مرشحهم لدورة ثانية، فقد كان واضحاً بما لا يقبل الشك أن كل مكونات الإئتلاف بلا إستثناء ستعترض على هذا الترشيح، وسترفض توليه رئاسة الوزراء مرة أخرى، حتى لو تمزقت أوصال الإئتلاف وتطاير شتاتاً هنا وهناك.

نظرة هدوء يحتاجها حزب الدعوة، للتعامل مع الأطراف التي تتضامن بصمت على إبعاد المالكي. ففي ظروف حرجة كالتي تمر بها الساحة العراقية، لا حاجة للطرف القوي أن يخفي مشاعره وتوجهاته لا سيما اذا كانت مشروعه ضمن السياقات الديمقراطية، لقد قدم مفاوضوا حزب الدعوة شرطاً غير مقبول للتغطية على شرط مقبول، ووضعوا في يد خصومهم الإئتلافيين مادة للحديث والهجوم.

لقد حدث الانشقاق وأصبح أمراً واقعاً، فكيف يتم التعامل على هذا الأساس.

نواصل الحديث في مقال قادم

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1248 الاحد 06/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم