أقلام حرة

قدس يا غزالة التلال

لك أن تغلقي نوافذك المطلّة على جسد " غزة المحروق" وعلى " بغداد " النائحة بمخاضها على ضفة دجلة، لك أن تختاري من الشهداء أزرار فلّ، أنثريها على روح فارسك المهزوم، ربما " يا غزالة التّلال" أيتّها الكنعانيّة الراقصة في فجر متكسّر، الأهداب على جسر العودة قد مررت بالأمس قرب جنازتك، اعتليت سلّم الاسراء الى السّماء، عودي أيّتها الموشّحة بوجع الذّاكرة، عودي كي يعلن الرّب عن وهج النبوءة، كي يهلّل للقتيل وراء القتيل، وراء القتيل، كي يحرسك النّدى من اغتيالات الغزاة، من وقع حوافر الخيول المحمّلة بنجوم من احترقوا في دم الرحيل،، ونزفوا على  " تلال كنعان" حلمهم الزّجاجيّ الأخير، عودي لتفصّل لك فلسطين من جرحها ثوب عرسك واكليل مجدك، وعزّك وقهرك، ذلّك وفخرك، ظلك ولونك .عودي كي يدلّ عليك البرق باصبعه وأنت تحملين زوادة السّفر على " فوّهة بندقية"، تتسللين ليلا باحثة على أعتاب القبور، تهمسين " لهدهد الشّرق" أن يخرج من حنجرة المنافي حين غافله الحارس الليليّ وأرخى على جسده ترابا قدسيّا، وبنفسجا، ورائحة زعتر بلّلت ضفائرك بالحنّاء، عودي يا صبيّة تدرج على ملوحة الرّمل، تسكنها الفجيعة، عودي بصمت لالتقاط غصن زيتونة سقط سهوا من فم الحمام   أيّتها الكنعانية الصامدة كم امتدت أياديهم لتعبث بطهارة رحمك، بخصرك، بمعصميك وأنت تقدمين العزاء لضحاياك الذين غطّاهم الماء، تركوا نوارسهم فوق أجنحة الرّيح وغابوا، التحفوا عباءات الصّدى وهو يضيق، ويضيق، ويضيق. لك أن تفردي ظلّك على بحر حيفا ويافا وعكا، لك أن تستريحي قبل الدخول الى الموت البطيء، قبل أن يخلع عصرهم أحذيته المطاطية، ويراوغ حلمك المشتهى بالرجوع،، عودي فقد ناح " الفرح اليابس" على شفتيّ صمتك، عودي (يا قدس الأقداس) علّنا نصحو من سباتنا ونسأل كم من دمك عبثت به يد الغزاة، كم من الاعتذار يا سيّدتي نقدّم لك؟؟؟

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1254 السبت 12/12/2009)

 

 

 

 

في المثقف اليوم