أقلام حرة

صمتوا أمام المالكي.. تحدثوا في غيابه

النواب يستمعون الحديث الذي هاجم في بعض جوانبه النواب، وحملهم مسؤولية إعاقة الإجراءات الأمنية، وهم على كراسيهم يسمعون الهجوم والادانة الوطنية دون رد منهم.

المالكي ذهب أكثر من ذلك حين قال بنبرة قوية أنه يمتلك وثائق إدانة ضد بعض الكتل المشاركة في العملية السياسية، وان من بين الحضور من هو متورط دون ان يسميهم، فزاد صمت النواب ولم يبد أي منهم إعتراضه واحتجاجه على إتهام رئيس الوزراء.

المعلومات الواردة من البرلمان تقول أن النواب بادلوا المالكي مشاعر المودة والمجاملة فور دخوله، وقد بالغ بعض النواب في إحترامه وإظهار الود، خلافاً لما كانوا أعلنوه قبل قليل من وصوله بأنهم سيواجهون الرجل بالحقائق وبكلام شديد.

كان المالكي يتحدث بلهجة الواثق من نفسه، المتأكد مما يقول، ولم يكن متردداً في خطابه وهو يوجه اللوم للنواب لدرجة الاستفزاز، لكنهم صمتوا، تلقوا عباراته المباشرة بسكوت الخائف.

يبدو أنهم شعروا بالحرج الشديد أمام الشارع العراقي الذي يلتقط الإيماءة بحاسة مرهفة، فبادر بعضهم الى إدانة المالكي بعد ساعات من إنفضاض الجلسة، وأظهر البعض الآخر ان كلام رئيس الوزراء لم يكن مقنعا.. فلماذا سكتوا ساعة كانوا يسمعون اللوم والعتاب والاتهام؟

الصورة الظاهرية تعطي نتيجة سريعة، أن المالكي يمتلك فعلاً وثائق إدانة ضد بعض النواب والكتل، وقد لاذ هؤلاء بالصمت خوفاً منه، لا سيما وأنه يمتلك الشجاعة على المواجهة، كما فعلها من قبل مع النائب عبد الناصر الجنابي خلال عمليات أمنية في شارع حيفا. ويتأكد هذا الرأي أن البرئ لا يمكن أن يتحمل إدانة تخدش بوطنيته وإخلاصه في قلعة السلطة التشريعية دون أن يحتج أو يعترض.

إتهمهم المالكي فصمتوا، هذا نصف القضية.. النصف الآخر لماذا لا يكشف المالكي وثائقه؟

ونفس السؤال يواجه بقية المسؤولين الذين صاروا يكثرون من حكاية الوثائق التي بحوزتهم، وانها من الخطورة بحيث تطيح باشخاص وكتل وأحزاب لتورطهم بالارهاب والفساد المالي.

إن من حق الشعب أن يعرف الحقائق، ومن واجب المسؤول ان يكشف الوثائق، وإلا فأن مجرد التهديد بوجود وثيقة، يصبح ممارسة ممجوجة، لأنها تستفز المواطن العراقي، وقبل ذلك فإنها تعبر عن التعامل مع القضايا الكبيرة بحسابات شخصية، فما الذي يمنع صاحب الوثيقة من كشفها، سوى رغبته بعقد صفقة مصالح مع المستهدف بها؟.

من يملك وثائق الإدانة فعلاً عليه أن يعلنها للملأ، أو يسكت حتى لا يصنف ضمن دائرة المهاترات والإدعاءات الفارغة.. وكذلك حتى لا يقال عنه أنه أصلاً من المتورطين بالإرهاب أوالفساد، لكنه يدفع ضوء الشبهات عنه بالحديث عن وثائق سرية يحتفظ بها.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1255 الاحد 13/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم