أقلام حرة

كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(4)

hamid taoulostالملكية تاج لا يراه إلا الجمهوريون ..

ما أثارني خلال زيارتي الأخيرة لمصر، التي لم أعد أجد صعوبة في فهم لهجة أهلها -كما الغالبية العظمى من المغاربة - ليس لأن لهجتهم سهلة ولا سلسلة كما يدعي البعض، الشيء الذي جعلني أطرح السؤال التالي: لماذا يفهم المغاربة لهجة المصريين ولهجات ولغات غيرهم من الشعوب والأمم الأخرى؟ الموضوع الذي سأترك الخوض فيه إلى مقالة قادمة بحول الله ومشيئته، وأعود للظاهرة البينة الانتشار بين أغلبية المصريين، ومن كل الشرائح، وعلى اختلاف الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، والمتمثلة في الصورة البراقة والمشرقة التي توجب الاعتراف والاعتزاز عن محمد السادس ملك المغرب، والتي بوسع الزائر العادي أن يرصدها بمجرد وصوله لمصر وتقديم نفسه كمغربي لأي مصري، بدأً من وضابط الشرطة والجمارك بالمطار إلى الفندق والسوق، وذلك رغم أن السواد الأعظم، بل والغالبية العظمى من المصريين، لا يفهمون الدارجة المغربية، وأن المغرب بالنسبة لمعظمهم بلد أمازيغي (أي بربرية)، لا يعرفون من تاريخه وجغرافيته إلا عناوين سطحية وبسيطة جدا، مع كثير من المغالطات والأحكام المسبقة، وأن المغربي بالنسبة لأغلبهم إنسان وأعجمي متفرنس لا يقوى على تكوين جملة عربية سليمة، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال التحدث باللغة العربية بطلاقة دون إقحام مفردات فرنسية، وأنه مجرد كرة قدم ومنتخب 86 الذي يحفظون أسماء لاعبيه عن ظهر قلب فقط ..

دفعت بي تلك الصورة المشرقة، التي تكونها الكثير من الشعوب عن ملكنا، عربا أو غير عرب، وعلى رأسها الشعب المصري، إلى البحث عن سبب منطقي وإجابة عقلانية لهذا الإعجاب المتميزة بملك المغرب، لأعتمدها في مقالتي هذه،

ـــــــــــــ فاخترت لذلك أن أستطلع - خلال زيارتي الأخيرة لمصر والتي دامت مدة طويلة- رأي عينة صغيرة ضمت 100 مواطن مصري، بعضهم من أصهاري وأصدقائي، وبعضهم من معارفي المقربين، إلى جانب عدد ممن قابلتهم على عجالة خلال تجوالي في ربوع بلاد الكنانة ومنتجعاتها السياحية الممتدة على شواطئ البحر الأحمر، أو في مدنها السياحية كالأقصر ومزاراتها العديدة، على سبيل المثال لا الحصر، أو في حارات وشوارع مدينة القاهرة العملاقة، وأحيائها الشاسعة ومدنها الجديدة، والعشرين مليون قاهري من ساكنتها، الذين طرح السؤال الذي حيرني، على عينة لا بأس بها منهم على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية، واستفسرتهم عن رأيهم ونظرتهم وانطباعهم وحتى تحليلاتهم حول سبب الاحترام البالغ حيال شخصية ملك المغرب، حيث أبدت الغالبية العظمى منهم، إعجابا كبيرا بالنظام الملكي، لأنه النظام الذي يكفل دوام الأمن والاستقرار لكل مكونات المجتمع بكل مكوناته المختلفة، وان المغرب في نظرهم ونظر الكثير من ودول المنطقة لم يصبح بلد العيش والتعايش المشترك والتسامح والوسطية، إلا بفضل النهج والفكر المستنير لملكه ومجهوداته وحرصه على تدبير جل ملفاته الاجتماعية والاقتصادية، ومبادراته المباشرة، التي تمضي قدما بالبلاد في مسيرة التقدم والرقي السياسي والاقتصادي المختلفة، ـــــــ حيث يرى الكثيرون أن النظام الملكي هو أصلح نظام يكفل دوام الأمن والاستقرار للمجتمع المغربي بكل مكوناته المختلفة، وان المغرب في نظرهم ونظر الكثير من ودول المنطقة ما أصبح بلد العيش والتعايش المشترك والتسامح والوسطية، إلا بفضل النهج والفكر المستنير لملكه ومجهوداته وحرصه على تدبير جل ملفاته الاجتماعية والاقتصادية، ومبادراته المباشرة، التي تمضي قدما بالبلاد في مسيرة التقدم والرقي ..

واستناداً لما حصلت عليه من نتائج من استطلاع الرأي الذي قمت به، حول نظرة المصريين لملك المغرب، والتي كانت كافية لتجعلني أقطع بأن كل من انطباعات المستجوبين، كانت بالغة الاحترام حيال شخصية جلالته، دون انزلاق للنفاق المبتذل إلا لماما، ما أشعرني أن المغاربة محسودون على ملكيتهم وملكهم، خاصة حين كان المحدثون يختمون حديثهم عن المغاربة بــ: "أنتم أيها المغاربة، محظوظون لكونكم ملكيون و ملككم مقبل على الحياة، ويعيش عصره، وفق الطريقة الغربية، كما يتجلى ذلك في تصرفاته وتحركاته خلال زياراته وسفرياته الخاصة، بعيدا عن البروتوكولات والشكليات والضوابط والتعقيدات، ويتحرك مثل كل الناس دون إثارة انتباه أو الاستفادة من امتياز يجعله مخالفا عن الآخرين ودون أن يفرط في ثوابت التقاليد العلوية الأصيلة ..

وتحضُرني هنا المقولة الشهيرة " الأوطان تُنسب لكُتابها كما تُنسب لقادتها " فالبلدان تعرف بقادتها العظام، حيث كانت فرنسا بلد فيكتور هيغو وبلد نابليون، وبريطانيا بلدُ شكسبير، وروسيا موطن بوشكين، وألمانيا ما فتئت تحرُص على الانتساب لنيتشِه وغوتِه، لتغطي بعبقريتهما على الانتساب إلى هتلر.

ويحكى أن ستالين، حينما حاصر النازيون أبواب موسكو، كان ينادي الشعب الروسي عبر المذياع للمقاومة، صائحاً لشحذ الهمم: “دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي”. فيكفينا فخرا أننا نحسد على الانتساب لمحمد السادس ..

حميد طولست

في المثقف اليوم