أقلام حرة

ومضات نـَـقـديـَّـة

maison alromiيمكن لمن يتابع ويراقب الأحداث السياسية، والمآسي الإجتماعية، والكوارث ا لإقتصادية، والأوضاع المأساوية في العراق، منذ سقوط الحكم الشمولي، وعلى مدار اثني عشر سنة مضت، خاض فيها شعبنا العراقي الإنتخابات وفي اربع دورات متتالية، ضمن حراك الأحزاب المتنازعـة على السلطة، والمتناحرة على مقاليد الحكم، من خلال كل ذلك وغيرها الكثير من العوامل والأسباب ثبت فشل الأحزاب السياسية العريقة في عملية تعبئة الشارع، وقيادة الجماهير، وشحذ الهمم نحو تصحيح المسار، كما أكـّـد حراكها السياسي عدم قدرتها على اخذ المبادرة، وكسب الجماهير، وتوجيهها ضمن منهج وطني عراقي واضح ومستقل، كما عبرت تلك الأحزاب عن هشاشة تأثيرها في الخارطة السياسية، وعلى المجتمع العراقي، واثبتت تخلف تأثيرها الريادي، وتراجع دورها القيادي، مما ادى الى فشلها الذريع، الذي يستدعي اعادة النظر، لا بل خلق الثورة الإصلاحية داخل تلك الأحزاب، ابتداء بقياداتها المترهلة الفاشلة، وانتهاء بالقاعدة الحزبية .

هذه القيادات المخضرمة المحتكرَة لقيادة تلك الأحزاب، خلقت في تنظيماتها وكوادرها أجواء تسلطية، لا ديمقراطية تؤطرها مفاهيم دكتاتورية، ادت الى بروز مجموعات غوغائية تطبل وتزمر وتنهش بضراوة، وتصفي، بل تـسـقِـط، وبكافة الطرق كل من يحاول الإعتراض على مسار تفكيرها المتسلط، لا بل محاولة ابداء رأي يتناقض ويتعارض مع عقول قيادات تلك الأحزاب، ويتضاد مع تحقيق مصالحها الشخصية .

تعتقد تلك الزمر المطبـّـلة المستفيدة دائماً، المصلحية على الدوام، بأن مسار التغيير لتلك القيادات قد يخالف ارائها المتحجرة، الجامدة، المتقولبة في إطارات فكرية جامدة، والتي هي بلا أدنى شـك، معاول الهدم للمبادئ والأفكار السامية التي جاءت من اجلها (عقائد ومناهج وأفكار) تلك الأحزاب، ففرضت على جماهيرها تقديس الفرد وتأليهه، وغلقت الطريق أمام الدماء الشابة في الحصول على مراكز قيادية متقدمة فيها، واسقاط مفهوم التغيير والتأثير داخل تنظيماتها، وهذا مما يدفعها للتشبث بكراسي القيادة على غرار خلود صاحب كرسي الحكم في العراق، ومقولـة (المك عضوض) .

ان هذه الأحزاب السامية الفكر وصفاء العقيدة بحاجة الى ثورة، تقتلع القديم المتجذر، المتسلط والمتسيد، المتشبث في المسار الكلاسيكي لطرح منهجها، والمكبل بالطروحات الشعاراتية، الذي اثبتت فشلها في احتواء جماهير الشعب، والتي لم تعتبر ولم تتعلم من تجارب الماضي المريرة خلال السنوات المنصرمة، فتجاوزت بذلك الكثير من المبادئ الأساسية التنظيمية والثوابت الفكرية العملية.

إن القيادات المخضرمة، سارت، ولم تزل للأسف بأحزابها خطوات سريعة غير مدروسة الى الوراء، وهدت الكثير مما بنته قيادات تلك الأحزاب العريقة على حساب دماء ابنائها الشهداء، الذين دفعوا ارواحهم قربانا لأفكارهم وقضيتهم، وهي سائرة لامحالة بخطى حثيثة الى الهاوية، ان لم تخجل وتنسحب احتراما لنفسها اولا، ولمبادئها وفكرها ثانيا، وللشعب الذي هو بأمس الحاجة الى من يأخذ بيده، ويسير به الى بر الأمان، ليواكب ركب الحضارة، ويساير التطور الإنساني، وينقذ عراقنا الجريح، من الحالـة المزرية التي وصلنا اليها الآن.

 

كانون الثاني / 2015

ســــــــــتوكهولم

 

في المثقف اليوم