تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

المصالحة مع من .. الإرهابي .. السياسي .. البعثي؟!!

MM80كثيرة هي الدعوات التي أُطلقت او تُطلق هذه الايام من اجل إقامة مؤتمر وطني للمصالحة الوطنية في العراق، فإذا كانت المصالحة تعني ان يتصالح السياسيون فيما بينهم فهذه العملية لا تحتاج للمصالحة لأنه لا توجد خصومة بالاساس !!! كما ان الانتخابات الاخيرة اشترك فيها كل اطياف الشعب العراقي، وبقي الان ان نقول انه مصالحة مع من حمل السلاح ضد العملية السياسية ويحملون السلاح ضد العراقيين فهؤلاء لا مصالحة معهم لأنهم وبصراحة ايديهم ملطخة بدماء العراقيين، وهل يحق للحكومة ان تتنازل وتعفي المجرمين القتلة عن جرائمهم بدعوى المصالحة ؟ وان فعلت ذلك ستفتح ابواب الجحيم على العراقيين لأن ذلك يدعوا الى استخدام العنف وبصورة رسمية للحصول على مكاسب سياسية دون الاخذ بنتائج الانتخابات، فتغرق البلاد بدوامة اعنف واشد من هذه التي الان تغرق فيها .

وربما علينا قبل ان نسال مع من نتصالح ...ان نثير تساؤلين آخرين ما هي المشكلة أصلاً لكي نتصالح عليها ؟!!، ثم نطرح التساؤل الثاني ماذا بعد المصالحة ؟!! . ثم يأتي التساؤل المنطقي الثالث مع من نتصالح ؟!!.

بلادنا كانت تعيش حقبة مظلمة من تاريخه، وكانت تسود فيها لغة كسر الأنوف، وقطع الالسن والى اخرها من الأساليب التعذيب التي كانت تُمارس ضد الشعب الاعزل، الذي لم يرى بُدّاً سوى العيش تحت مطرقة الظلم البعثي او الهروب والتشرّد في البلدان .

وجاء يوم سقوط النظام البعثي وتنفست الحياة، وزقزقت العصافير بروح لأول مرة، وكان الجميع يشعر ان العراق ولد من جديد بروح التفاؤل والتعايش بين جميع المكونات .

ربما لم تظهر الطائفية الى العلن رغم وجودها في انفاس وسياسات البعث ومرتزقته، الا انها كانت فكرا وعقيدة وكان برنامج عمل يتميز به البعثيون في التسلط وانتهاك الحرمات والقتل والتشريد والتهجير الطائفي الذي مورس ضد المذاهب والأقليات في العراق .

بعد سقوط النظام البعثي ظهرت الى العلن وبصورة لا نقبل التأويل ومع وجود الدعم الإقليمي المشبوه من السعودية وقطر وبغطاء القوى الغربية وفي مقدمتها أمريكا، ظهرت بأبشع صورها في عمليات القتل والذبح التي مورست ضد الزائرين على طريق مثلث الموت في اللطيفية، وما تلاها من جريمة العصر في تفجير قبتي الإمامين العسكرين (ع) لتبدأ رحلة التقاتل الطائفي، واعلان الحرب الطائفية وبأسماء ومسميات متعددة، وبرز في تلك الفترة كبار الارهاب في العالم ابرزهم الزرقاوي، وابو عمر البغدادي الذين كانا من قادة الذبح والقتل ضد الأبرياء العزل .

وليكتمل المسلسل بابي بكر البغدادي العراقي الجنسية، وليقود ابشع عصابة في تاريخ العالم كله ومن شتى الجنسيات وبدء من العراقيين والذين يبلغون اكثر من ٩٠٪ من إرهابيي داعش في العراق .

إذن علينا ان نعرف ما هي المشكلة التي نتصالح من اجلها هل هي بالمفهوم الشعائري (عركة) لكي يتصالح فيها القاتل والمقتول بعد اخذ الدية المناسبة من عشيرة القاتل، ام هي خلاف ديني ومذهبي وعقائدي يعود بالأصل الى احداث السقيفة وكيف تم ابعاد علي عن حقه في خلافة النبي (ص) ؟!! .

الخطابات السابقة لقادة الارهاب القاعدي او اليوم خطابات الدواعش كلها تصب في اعلان حرباً مفتوحة على الروافض والصفويين، وهو بالتأكيد يعكس انتقاماً طائفياً معلناً من شخوص يحسبون على السنة، ويؤكدون في خطاباتهم انها حرباً لا هوادة فيها ولا رحمة ضد الشيعة في العراق .

اذا تمكنا من تشخيص أصل المشكلة في العراق ربما أمكننا ان نجد العلاجات وخارطة الطريق لتذليل العقبات، فلا يمكن بقاء هذا الاحتقان الطائفي الى ما لا نهاية، فالكثير من الحروب بين دول كبرى انتهت بعقد اتفاقيات وانتهاء الحرب بينهما،فكيف بنا ونحن نعيش تحت سقف اسمه الوطن !!.

ثم يأتي المقطع الثاني والذي ينبغي ان نعرفه هل انتهاء التفجيرات والقتل اليومي للشعب العراقي ينتهي بالمصالحة، وماذا بعد المصالحة، واذا كان جلوس السياسيين على طاولة الحوار هو من ينهي هذا القتل فبها، واذا استمر فنحن في مشكلة حقيقة بين جميع الأطراف، مع وجود القاتل والمقتول في العملية السياسية ؟!! .

هنا يأتي دور التساؤل او المقطع الثالث مع من نتصالح، هل السنة مع الشيعة، ام السياسيين فيما بينهم ام مع البعثيين ان الإرهابيين ان مع دواعش العراق ؟!.

عندما نضع هذه التساؤلات الثلاث على طاولة الحوار ونبدأ بمناقشة أدوات المصالحة الوطنية ومعطياتها ربما أمكننا ان نضع المخارج لهذه المصالحة، مع تحمل نتائجها وآثارها في المجتمع العراقي،فإذا كانت فيما بين السياسين فجميعهم اليوم ينعمون بخيرات وقصور الدولة، وجميعهم يجلسون تحت قبة واحدة اسمها "البرلمان " وعلى طاولة واحدة اسمها "مجلس الوزراء" إذن لا مصالحة فيما بين السياسين، واذا كانت مع البعثيين فالأعم الأغلب اليوم هم يترأسون مناصب مهمة سواءً في الأجهزة الامنية الحساسة او في مفاصل الدولة الاخرى ؟!! .

إذن مفهوم المصالحة ومرتكزاته مازالت لم ترى النور، وربما نسمع من هنا او هناك ان المصالحة يجب ان تشمل الجميع، السياسين والارهابيين والبعثية، والجميع يجب ان يجلس للحوار ووضع مداخل هذه المصالحة للخروج بخارطة طريق لهذه المصالحة وفق مبدأ الحقوق والواجبات، والتعايش السلمي بين جميع المكونات .  

في المثقف اليوم