أقلام حرة

هل انتهى شهر العسل بين العبادي والقوى السياسية؟!

منذ تولي السيد العبادي لرئاسة الوزراء بعد مخاض عسير في داخل التحالف الوطني الذي فشل في الوقوف بوجه اصحاب الولاية الثالثة، الامر الذي دعى أطرافه الى ايجاد حالة من الإلتفاف واختيار شخصية من دولة القانون وحزب الدعوة تحديدا، وفعلا تم اختيار السيد العبادي ليكون رئيس للحقيبة الوزارية لتبدأ مرحلة تشكيلها، والاتفاق على ورقة مشتركة بين جميع القوى السياسية سميت "بالورقة السياسية " لتكون خارطة طريق حكومة العبادي والبدء بتنفيذ بنودها سواء مع الأكراد او السنة او في داخل التحالف الشيعي.

حكومة العبادي التي جاءت في ظل السقوط المريع لمدن العرق الثلاث بيد داعش، مما جعل مهمة العبادي صعبة، خصوصاً مع بلد مفلس لا يملك دينار واحد في مزانيته، وفساد مستشري حطم أركان الدولة، وحكم للعوائل،وكاننا نعيد تجربة حكم ابناء تكريت والعوجة، ناهيك عن انهيار كامل للدولة العراقية، اذ ومنذ سقوط النظام البعثي لم نقف على معالم دولة او يمكن ان نقول ان في العراق أسست دولة تحمي المواطن وتصون المقدسات، وتصان فيها الحرمات، فالمواطن دمه مهدور سواء من قبل الارهاب او من قبل عصابات القتل الماجورة او البعث المقنع، والمقدسات قد هدمت، والحرمات قد انتهكت سواء من قبل الارهاب الداعشي او من عصابات الجريمة المنظمة فلا وجود لحياة كريمة لمواطن حر .

لا اريد ان أصور المشهد على انه سوداوي، ولكن الواقع العراقي اصبح يتمحور حول بقاء الدول وديمومتها وليس على بقاء تطوير اداء مفاصلها، واستخدام اكثر الطرق تطوراً في خدمة مواطنيها، فنرى اليوم الصراع محتدم على المناصب بين الكتل السياسية التي هي الاخرى تتعلق بالدولة بقدر تعلق مصالحها الحزبية، والا البلاد تخوض حرباً ضروس ضد الارهاب الداعشي، فيما تعيش بعض الكتل والشخوص في وادٍ اخر دون اي حس او شعور بالانتماء او المسؤولية تجاه البلد الذي جعلهم اسياداً فيه .

السيد العبادي سار بخطوات جيدة، وكان جاداً في الكثير من القضايا والمشاكل التي عصفت بالبلاء إبان حكم المالكي والسياسة الهوجاء التي ضيعت البلاد والعباد، وأسقطت ثلاث محافظات من اهم المحافظات العراقية بيد داعش، ولكن اللافت ان السيد العبادي بدا ينحو منحى سلفه في إدارة الدولة وهي إدارة الملفات بالوكالة، واتباع الانتقائية في اتخاذ القرارات المصيرية، والتي يجب ان يكون للشركاء دوراً في هذه الملفات، كما ان الأخير اتبع نفس السياسة في تضييع اي دور للتحالف الشيعي، وضرورة ان يكون له دور في مجمل القضايا والقرارات التي تهم مستقبل البلاد وشعبه .

لهذا نلاحظ اليوم ان العلاقة بين الكتل الشيعية وبين العبادي فيها الكثير من الملاحظات، بدء من الادارة بالوكالة والذي كان احد اسباب فشل حكومة المالكي، وكيفيات تدير شؤون البلاد والعباد عبر مكتب رئيس الوزراء، ومن أقارب المالكي وحاشيته والمحسوبين له،وكاننا نعيد حكم ابناء تكريت والعوجة ولكن بلمسة اسلامية .

نعم يتفق الجميع ان العملية السياسية تمر بانعطافة خطيرة، وظروف امنية معقدة لهذا الاجدر بالسيد العبادي السير بخطى واثقة، والعمل بصورة جماعية، وتحت غطاء جمعي ليكون قادرا على النهوض بالواقع الماساوي في محاربة الارهاب الداعشي وارهاب الفساد المستشري، كما يجب عليه الاستفادة من الدروس السابقة من خلال توحيد المواقف، وراب الصدع بين جميع القوى السياسية، ومد جسور الثقبين المكونات الشيعية خاصة، وعموم القوى الاخرى، سواءً في داخل التحالف والذي اعتقد جازماً ان اعلان موته بات قريبا جدا، او مع عموم القوى السنية والكردية .

اعتقد ان شهر العسل قد انتهى بين السيد العبادي وعموم القوى السياسية التي باتت لا ترى نوراً في نفق سياسة الوكالات والانتقائية في القرارات، لهذا ربما في المستقبل القريب ستسعى بعض القوى الى فض الشراكة مع العبادي وتشكيل تحالفات جديدة، كما انها تنذر بنهاية التحالف الشيعي الذي بات في حكم المنتهي لتبدأ مرحلة الطلاق الخلعي والانفصال .

في المثقف اليوم