تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

ساعة التغيير تبدأ من ساحة التحرير

raid jabarkhadom(ارادة الشعب تصنع المعجزات، وصوت الشعب يهز عروش الطغاة، وقرار الشعب لا يقف بوجهه اي سلاح او حاجز او رادع، لانه يمثل الحق والخير والحياة).

ما اجمل الاوقات حين تقف مع اناس يشتركون معك بالمواطنة في هذا الوطن المنكوب للدفاع عن حقوق المظلومين والمنكوبين والفاقدين لكل طعم الامان والاطمئنان والاستقرار.

وما اسعد الحياة حين تدرك ان وجودك مهم جداً للآخرين، ويساهم مساهمة حقيقية وفاعلة في نقلك انت ومن تحب من الناس من حالٍ الى حالٍ نحو الاحسن والاجمل والافضل.

وما اروع اللحظات واشدها فرحاً ولذةً وسروراً حين تجد ان السعي الحقيقي من اجل التغيير لا يترك اثره على الفاعل فحسب وانما تشرق شمسه على الآخرين وتكون سبباً في تحقيق سعادتهم وتغيير حياتهم واصلاح حالهم.

رغبة التغيير ونيته حاضرة داخل كل شخص منا يعيش او يشهد حالة التشظي والفساد والمرض، سواء على مستوى الفرد او المجتمع او الدولة والحكومة، ولكن فعل التغيير اهم واكبر واشرف من نيته ورغبته وتمنيه، لانه يحقق من الاعمال والاهداف الكبرى ما لا تحققه النوايا والرغبات، انه امر عملي تطبيقي لا يرحب بالتنظير الفارغ والاماني الزائفة.

316-raed

لا احد منا من البشر من لا يرغب بتحقيق الاحسن والافضل والاجود والاسعد في حياته ومجتمعه وبلده، لا شك في ذلك، ولكن تحقيق ذلك يتطلب جهداً وسعياً جاداً ومتواصلاً من اجل احداث هذا الامر، وتحقيق النجاح والفلاح والاصلاح الفردي والجماعي والاجتماعي، وهذا ما نطمح له في حياتنا وبلدنا وشعبنا، من اجل اصلاح وتغيير سوء حالنا، وفساد امرنا، وتحديد مصيرنا الذي لا هوية له ولا عنوان.

ان خروج الشعب للتظاهر ليس امراً اعتباطياً، وانما هو ادراك لقيمة المواطن العراقي لمظلوميته ومعاناته وحقوقه المسلوبة لسنين مضت ولا تزال تفعل فعلتها به من قبل الساسة والحكومات والمسؤولين والاحزاب، ممن هويتهم الفساد ودأبهم الافساد، في بلد لم يعد للخير والصلاح والعدل والاحسان اي طعم ولا مكان.

لقد ادرك المواطن العراقي ان مظلوميته تتسع يوماً فيوم، وسوء حاله وحياته تكبر مثل كرة جليد، ثم تتدحرج لتقع على رأسه وتهدم حياته دون ان يشعر به احد، رغم انها صنيعة الآخرين، ممن يدّعون محبته والدفاع عن حقوقه والوقوف معه، ولكن حقيقة الامر انهم لا يدافعون الا عن انفسهم ولا يملأون الا جيوبهم، ولا يغيرون الا احوالهم، وللشعب يهدون ويقدمون المحن والكوارث والفساد.

ان رغبة المواطن والشعب العراقي في التغيير تحققت فعلاً وممارسةً حقيقية على ارض الواقع في ساحة التحرير في التظاهرة الكبرى يوم الجمعة بتاريخ 31/7/2015، المنددة بفساد الوزراء والقادة واعضاء البرلمان ولا مبالاتهم في ممارسة عملهم واهمالهم لتحقيق امور الناس وسعيهم لتحقيق مآربهم الشخصية وطوحاتهم الفردية. وقد علت وصدحت هتافات الجماهير مطالبة بالاصلاح والتغيير واستنكار ورفض لا مسؤولية المسؤول تجاه بلده والمواطنين ووجوب محاربة الفاسدين والمفسدين، كما يحارب الجيش والحشد الشعبي الارهاب والمجرمين والخارجين على القانون، ويضحون بحياتهم من اجل سلامة البلد واهله وتحقيق امنه وامانه.

انها رسالة عفوية وسلمية ووطنية اراد الشعب والجماهير الحية المتظاهرة ارسالها الى الحكومة والنواب والمسؤولين، من اجل تحمل مسؤوليتهم الحقيقية وتكثيف الجهود للعمل الجاد والحقيقي في تحقيق اهداف وطموح وحاجات الناس الذين ادلوا بارواحهم واصواتهم واتو بهم الى كراسي الحكم والسلطة، رغبة في تحسين حالهم ومعيشتهم ومستوى دخلهم وتحقيق كرامتهم، لا من اجل تحسين حال المسؤول والنائب وتحقيق طموحه واستغلال منصبه وسعيه المقيت لاشباع رغباته التي لا تنتهي، واهماله للآخرين ونسيان دوره ووظيفته والمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه الشعب.      

ان محاربة ومواجهة الفساد، بكافة أشكاله وألوانه وصوره، واجب وطني وانساني عيني، لا يحتاج الى فتوى او مرجع او زعيم حزب او مسؤول، وان ذلك لن يكون الا بتظافر الجهود والوقوف صفاً واحداً وبقوة وحزم في مواجهة الفساد وأهله ومن يسعون لخراب بلدنا، ونقول لهم لا مكان لكم بيننا، وأنكم آفة وسرطان وخطر كارثي يهدد بلدنا وحياتنا ووجودنا ومصيرنا ومستقبلنا. والله لا يحب الفساد والمفسدين، والشعب كذلك.  

 

د. رائد جبار كاظم

في المثقف اليوم