أقلام حرة

قلبي عليك يا وطني يا عراق

akeel alabodقال الله تعالى في كتابه الكريم "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين"[1].

والمعنى، ان الله أراد اختلاف الاطياف والأديان والمذاهب، ليالف الناس لغة التنوع الحضاري والثقافي والديني، ولكي يجتمعوا تحت مفردة اسمها الانسان، ولكي يفهم الانسان، هذا الكائن العظيم ايضا لغة الحوار مع غيره، لعله يصل الى مرتبة العلو، تلك التي اريد لها به ان يتصف.

اما مقولة الوطن فهي مقولة البيت الذي يجتمع ابناؤه جميعا تحت سقفه، ليزرعوا عند ظلاله،وسواقيه، وانهاره، وضفافه، شجرة الحياة.

وهذه رسالة استنكار وتنديد لمن يسعى لتقسيم العراق، وخاصة القنوات المختصة بالترويج لهذه السياسة.

من يدعي بحالة عدم الاتفاق بين السنة والشيعة، تراه يخطط ويسعى لتخريب وتمزيق وحدة الوطن، الذي لا جدران اوثكنات عسكرية اوسيطرات بين ابنائه، فلم أكن اسمع ذات يوم، ومذ نعومة أظافري بما يقال، اويحاك حول هذا الذي يزعمون. لكنها سياسة (فرق تسد) التي اتبعتها (ابو ناجي)، لتبقى هكذا عرفا يتبع.

من يقرا خارطة العراق وتاريخه منذ سومر والحضارات، منذ عصر الرافدين، وتاريخ كربلاء ، وبابل، ونبي الله ابراهيم، الذي حطت أقدامه ذات يوم على أَرْض الرافدين، من يقرا لعشتار وانكيدو وكلكامش، سيفهم ان هذه الارض بتشكلاتها وألوانها وأديانها ومعتقداتها، ستسود في هذا العالم.

الكلدانيون فيها مثلا، كما أبناء سومر، والصابئة وجميع الأديان والمذاهب التي تجمعها طوائف وثقافات مختلفة، تصب جميعا كما دجلة والفرات في شط العرب.

فالتوحد لا تمزقه أطياف الشمس وألوان قوس قزح.

لكنها جحافل الموت والخراب حضرت، لتستنزف دم العراق وخيراته. لذلك من أدلى بتمزيق ارضنا السمراء، هو نفسه هذا الذي هرب وحطم ومزق اثاره،

ليخفي شهادة اكبر إمبرطورية عرفها التاريخ، لذلك حتى عندما نموت، سيبقى العراق حضارة لم تمت.

هي معادلات السياسة واجندة الموت، هذه التي تدفع الاخرين لهذا التمزق، ذلك بحسب نظام المسميات.

هم أنفسهم ابتكروا اسم (ميليشيات الحشد الشعبي). ليبعثوا رسالة الى محافظات العراق التي احتلتها داعش، ما يراد به ان الذين يحاربون داعش هم هذه المليشيات الجنوبية، التي جاءت لوحدها دون غيرها، اي دون هذا التوزع للتصدي لجيش داعش، الذي يروج الان له بحسب فضائياتهم انه من صنع سياسة التهميش، ما يراد به اخفاء الطيف المؤازر للمكون الاخر للشعب.

هم ينسفون فكرة ان هنالك بيتا واحدا بسنته وشيعته وباقي الأديان، يسكن في بغداد، مثلما باقي المحافظات، اذ لا يوجد محافظات سنية، وأخرى شيعية، لكنهم هم من ابتكروا واججوا لهذه الفكرة.

ان معدلات الإحصاء الخاصة بجنوب العراق، تظهر ان نسبة الطيف السني متآلفا ومتازرا مع الطيف الشيعي، اذ لا فرق الا هذه الحروف التي صنعتها جزيئات المفردة الواحدة، ما يؤكد ان أبناء الشعب جميعا يعيشون تحت مسمى اسمه عراقي.

هم أرادوا ان يلغوا اسم العراق بعد سرقة اثاره، باعتبارها الشاهد الاول لتركيبة حضارية واحدة اسمها بيت العراق، وحضارة العراق، وتاريخ العراق؛ وتلك تجمعها تسمية يقال لها امبراطورية العراق.

لذلك لكي يحطموا جدران هذه الامبراطورية، راحوا بكل صفاقة واستهتار يتداولون فكرة التقسيم هذه، ليشاغلوا بيوت الوطن، بمفخخات سرطانات زرعوها في الأنبار ونينوى، تلك البقاع من الارض تحديدا، ما يراد به إشراك الاخوة الكرد في تطهيرها حتى يصار الى مطالبة الكرد لاحقا بضم كركوك، ما يساعد في تسريع وتثبيت خارطة التقسيم الديموغرافي لمخطط العراق.

وتلك هي الخطوات الاولى التي يتبعون مساراتها في ظل تصاعد الغليان الشعبي الذي يطالب حكومته بقضية الخدمات.

 

عقيل العبود

..................

[1] سورة هود 118

في المثقف اليوم