أقلام حرة

مراسلة عاجلة: تجربة انتخابية مثالية

في الصباح الباكر ليوم 15/9/2015، وأنا عائد من شمال المغرب في تجاه الرباط، لفت انتباهي، صدفة -وخير الأشياء ما يتم بالصدفة، كما يقولون – تجمهر عدد كبير من المواطنين أمام بوابة جماعة البحروين عمالة الفحص انجرا، وأثار اهتمامي نظام ساكنة هذا الجماعة وانتظامهم، فدفع بي فضولي الغريزي، قبل الفضول الصحفي، إلى التوقف عن المسير، وحشر نفسي بينهم، للوقوف على سبب جمعهم الغفير، والذي سرعان ما عرفت أنه بسبب تلهفهم على نتائج انتخاب رئيس ومكتب الجماعة ..

وإيمانا مني بأنه من الواجب الوطني والصحفي، أن أنقل أطوار هذه العملية الانتخابية، التي – إستسمحت المسؤولين على حضور جلستها- أنها كانت تجربة انتخابية فريدة بكل المقاييس، حيث كانت مختلفة عما عرفته كبريات حواضر البلاد خلال انتخاب رئاسات الجماعات والبلديات والعموديات ورئاسات الجهات، من تحالفاتها، التي وصلت في بعض الجهات، حد التحالف مع النقيض، ويمكن أقول أنها وصلت في البعض منها، حد التحالف مع الشيطان، ما أفسد المشهد السياسي، ومسخ العملية الانتخابية، وضرب إنتظارات الناخبين، وأحبط أحلامهم، ودمر الثقة التي أسسوها حول القادم الجديد، الذي بنوا عليه آمالهم..

وعلى الرغم من حالة الإرباك التي عمت الساحة الوطنية على المستوى السياسي، مند انطلاق عمليات انتخاب رئاسات الجماعات والبلديات والعموديات ورئاسات الجهات، والذي جعلها تعج بالكثير من الاختلالات السياسية، والأمراض الأخلاقية، فإن ما جرى في جماعة البحروين، لشيء عجب، حفزني على نشر التجربة وتعميمها، عسى أن تؤخذ نموذجا يحتدى به، فيؤتي ثماراً أو يقيل عثاراً، أو يقي من وعبثية ما انتشر من سلوكيات انتخابوية لاأخلاقية غير مقبول، أهدرت رأي الناخب، وزورت إرادته، وزيفت العملية الانتخابية وضربت مصداقيتها .

تجربة مثالية، تحلى فيها المنتخبون بالأخلاق السياسية، والتزموا خلالها بمبادئ الانتخابات كأمانة وشهادة، وكجهاد لإحقاق الحق ودفع الباطل، وكوسيلة مثلى لتداول السلطة سلميا، وكأداة تحصين من الاستبداد والدكتاتورية والتسلط، فلم يعبثوا بها، ولم يشوهوا صورتها، وحموها من مسخ وظيفتها، وتقيدوا بإجرائها في وقتها المحدد، وبأساليبها المنظمة، وبطرقها القانونية، مع تمكين المواطن العادي، قبل السياسي، من حق الرقابة الدقيقة لسير عملية انتخاب الرئيس – عرفت أن اسمه إدريس ساوير وكان المرشح الوحيد - التي تمت بالإجماع بـ17 وغياب 2 من الأعضاء، كما تم انتخاب نواب الرئيس والكاتب العام للجماعة بالإجماع أيضا، من بين من اقتنع به الناخبون واختاروه لتحمل مسؤولية تدبير شؤونهم، بعيدا عن منطق المصالح الخاصة، ودون أن تخضع للتحالفات الانتهازية، والاملاءات الفوقية، والانتهازية الحزبية..

ملاحظة: لقد قصدت عدم ذكر الأحزاب المشاركة في هذه العملية الانتخابية المثالية، حتى لا اتهم بالتحيز أو الدعاية لها أو لجهة دون أخرى .

حميد طولست

في المثقف اليوم