أقلام حرة

وطأة الاستسلام، ومرارة الانكسار وفجاعة الاندحار!!

hamid taoulostحال شباط أثناء تخليه -مرغما- على عرش عمودية العاصمة العلمية فاس، نموذجا ..

ربما كان البعض يتوقع أن يستسلم شباط للهزيمة النكراء التي تلقاها من خصمه، السيد إدريس الازمي الادريسي، الذي طالما تطاول عليه وعلى قيادييهم بأقبح الأوصاف، وأنكر التوصيفات، لكن لم يكن أحد يتخيل أن يأتي اليوم الذي يدحر فيه كلية، وتصل به الانهزامية إلى الركوع مذلولا أمام من أزاحه من على عرش عمودية العاصمة العلمية فاس، مصدر قوته وسبب عزه و وسلطانه، كما حدث حين ظهر صحبته خلال جولته معه في ربوع الجماعة، وقد جحظت عيناه ذهولا، وانكسر جبينه حزنا، وطغى الارتباك على حركاته، وخنقت الغصة أنفاسه، وكبت التنهد صدره، وبدل الأسى نبرة صوته، وحول الحزن حديثه إلى أنين، كما فضحت ذلك هواتف الحضور وكامرات الصحافة، ساعة تسليمه مكتب العمودية بقصر البلدية التي نصب نفسه عليها وفيها قديسا .

لم تكن لحظة الاستسلام - التي لم يرواد وقوعها خيال السيد شباط حتى في منامه – سهلة أو هينة، بل كانت شديدة المرارة عليه وعلى أتباعه، رغم أنها أمرها طبيعي، ولم يخرج عن الخاصية الفيزيائية للسقوط، وقانون حركة تساقط الأجسام تحت تأثير الجاذبية، الذي هو أكبر من أن يقدر أي كان على تفاديه، وأقوى من أن يستطيع الإنسان مهما كانت قوته، على مراوغته أو تغييره أو إلغائه .. موقف أصعب من أن يتقبله المواطن العادي البعيد عن السياسة و دهاليزها، فما بالكم بالغارق في بحورها .

والأصعب منه، أن ينتظر المُنْزلُ من علياء عمودية أكبر وأخطر مدن المغرب وعاصمته العلمية والأكثر تسيسا، محطات يتوقع الكثير من المتتبعين، أن يواجه أصعب الشدائد وأشد المصاعب، وعلى رأسها الأمانة العامة لأعرق حزب مغربية والتي بدأ شباط، -رغم تمسكنه المبالغ فيه - في التحرك لتطويق بوادر خسارتها هي الأخرى، بتسخير عدد من المقربين منه من المناضلين وقياديين الغاضبين في الأقاليم، لاحتواء غضبهم، وإرجاع الأمور إلى نصابها، التي يكون فيها الاستسلام أهون، وتقديم الاستقالة أرحم له وأشرف من المزيد من تمريغ كرامته وتلويث حزب ذي رصيد وتاريخ ، خاصة وهو يعلم أنها النهاية المحتومة لكل صعود خرافي، طبقا لقوانين حركة التاريخ المفروضة، والتي لا مناص منها في كل أمور حياة البشر وعلى الخصوص في السياسة ..

وخير ما أختم به هذا الدعاء: اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وبشر أهل فاس بما يسرهم من انجازات عمدتهم الجديد، وكف عنه وعنهم ما يضر بمدينة المولى إدريس، وثبت يقين السيد إدريس الأزمي، وابعد عنه كل ما يشوش على عمله من "ولاد الحرام" وهم كثر، يدعون الصلاح ويرتدون لباس التقوى للتمكن من خيرات البلاد ..

 

حميد طولست

في المثقف اليوم