أقلام حرة

على نفسها جنت مركل!!

hamid taoulostأستسمح نحت عنوان مقالتي من المثل العربي الشهير: "على نفسها جنت براقش" 1 الذي قيل في كلبة تسببت في هلاك أهل القرية التي كانت تعيش بنهم ..

نص المقالة: كلما كثر الظلم في بلاد الإسلام والمسلمين، واشتدت الحروب فيها، وشاع القتل وقطع الأرزاق بها، إلا ووزاد حلم المضطهدين بالهجرة إلى جنة الأحلام، وتضخم ما يحملون في قلوبهم من آمال الوصل إلي الضفة الأخرى، أيمانا منهم بأن بها أناسا في قلوبهم رحمة وإنسانية سيهتمون بهم إذا هم بلغزها سالمين، ما يدفع بفقراء ومظلومي شعوب تلك الدول -سوريا والعراق - إلى المجازفة بأرواحهم من أجل ذلك، هربا من بطش إخوتهم في الدين والوطن والإنسانية، وهم يعرفون أن الموت غرقا في بانتظارهم، وأن المجهول مصيرهم . الأمر الخطير الذي لم ينتبه إليه أو ينتفض له سوى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، التي قامت هي وأبناء الشعب الألماني، بالواجب الإنساني تجاه مئات الآلاف منهم، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، ودون أن يسألوهم عن دينهم أو قوميتهم أو جنسيتهم، واستقبلوهم بهتافات الترحيب في الشوارع ومحطات القطارات، وقدموا لهم الطعام والماء والفواكه والملابس بكل فرح وترحاب، وفتحوا لهم الملاجئ والمساكن والرعاية، رغم عدم انتمائهم لهم، ولا لوطنهم ولا لدينهم ولا لتاريخهم، لكنهم أخوة لهم في الإنسانية فقط،

فهل سيقدر هؤلاء صنيع مركل ومعروف غيرها من الأوربيين، على ما قدموه لهم من عون ومساعدة، ويعترفوا لهم بالجميل، ولا ينكرونه ويتنكرون له، وينقلبون عليه في يوم من الأيام، خاصة، كما هو معروف وغير خاف، أن الكثير منهم -وهم يعبرون البحار طالبين اللجوء والحماية في ديار مركل وشركائها - يحملون في داخلهم أفكارا تكونت تحت ضغط تعليم ديني خاطئ، يعتبر أن مستقبليهم المسيحيين كفارا، لأنهم ليسوا مسلمين، وأن دينهم الإسلامي الذي يعتنقوه، يوجب عليهم قتالهم أو إجبارهم على دفع الجزية وهم صاغرون، أو إدخالهم للإسلام بقوة السيف، لأنهم من الكفار والمشركين، كما فعل المسلمون الأوائل الذين غزوا بلادا مسيحية كثيرة، وحولوا شعوبها المسيحية بالقوة إلى مسلمين، وبدلوا كنائسها إلى جوامع كما هي كاتدرائية أيا صوفيا الرائعة الجمال في اسطنبول وكاتدرائية يوحنا المعمدان في دمشق إلى الجامع الأموي، واجبروا أهلها المسيحيين على اعتناق الإسلام قسرا، أو دفع الجزية صغارا وإذلالا، ومن يرفض الاثنين يذبح بالسيف كالنعاج، بدليل فتاوى تستند إلى أحاديث نبوية وكأنهم ما حفظوا عن رسول الله غيرها، وما تعلموا من خلفائه سواها، وما علموا أن رسول الله كان أول من دعا إلى العدل والمساواة، وإلى إرساء الحق وإعلاء رايته، ونصرة الضعيف وإغاثة الملهوف، وترتكز على آيات من كتاب الله سبحانه لا يعون حقيقة وسبب نزولها، ولا يعرفون في من نزلت، كقوله سبحانه وتعالى: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " . سورة التوبة 29، و قوله تعالى : "يا أيها الذين امنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين" . سورة التوبة 123.

إن أخشى ما أخشاه، أن يظهر من بين جحافل اللاجئين من يعتقدون أنهم خلفاء الله على الأرض، والحاكمين بأمره بين البشر، يحكمون بسلطانه، ويفتون بكتابه، ويحاسبون بشرعه، ويقاصصون بسيفه، ويحكمون على من خالفهم بالكفر، ومن عارضهم بالفسق والزندقة، وينقلبون على مركل وكل من استضافهم، ويطالبون بتطبيق الشريعة التي ينسبونها لإسلام لم يأتي به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، ويفرضون تفعيل حدودها بين ألمانيا وباقي البلدان الأوروبية التي َأطْعَمتَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَتهُم من خَوْف ..

هوامش : من هي براقش، يقال أنها كلبة اسمها ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮﺱ ﻤﻨﺎﺯﻝ إحدى ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﺠﺒﻠﻴﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻕ، ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ أندرت براقش بنباحها، أهل القرية من هجوم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ كبيرة ﻣﻦ الغزاة، فﺳﺎﺭﻋﻮﺍ بالاﺧﺘﺒﺎء ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺍﺕ، فلم ﻳﺘﻤﻜن الغزاة منهم وهموا بمغادرة ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ، ﻭفي غمرة ﻓﺮﺡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ بنجاتهم، تسللت براقش إلى خارج المغارة وﺑﺪﺃﺕ ﺑﺎﻟﻨﺒﺎﺡ، فتعرف الغزاة على مخبأ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ، وﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﺮﺍﻗﺶ، فسار ﺍﻟﻤﺜﻞ: "ﺟﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺮﺍﻗﺶ" فيمن يجني على نفسه وأهله

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم