أقلام حرة

رسالة عاجلة إلى السيد عمدة فاس الجديد

hamid taoulostمن حميد طولست: أستاذ متقاعد وناشط جمعوي وسياسي ونقابي سابق ومسؤول جماعي وكاتب عام لمجلس عمالة فاس سابقا ..

إلى السيد إدريس الأزمي الإدريسي المحترم عمدة فاس، ومن خلاله إلى كل الإخوة والأصدقاء والمعارف في حزب العدالة والتنمية، قادة وأفرادا أكارم، مع حفظ الأسماء والألقاب .

ألف تحية وتقدير ومحبة لكم جميعاً، وبعد ..

الأستاذ إدريس، محرر مدينة المولى إدريس – حسب قول الأستاذ بنكيران- كم يسرني، ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، أن أكاتبكم لأهنئكم بعمودية فاس، وأهنئ ساكنتها بعمدتهم الجديد، الذي كبرت مع توليه تسيير شأنهم العام المحلي، آمال رؤية التغيير الحقيقي في حياتهم وتفاصيل معيشهم ومصير مدينتهم التي يعشقونها.

سيادة العمدة المحترم، أطلعكم –من باب وذكر–على ما عرفته فاس من تكالب النقائص، وتعاضد الاحتياجات، وتآزر الأزمات، وتزايد الإهمال والتهميش في كل الميادين حتى في أخص الخدمات،التي تفرض من أجلها الضرائب، وتجبى الرسوم، بدأ من التقاعس عن جمع القمامة، والتهاون في إصلاح شبكة أنابيب المياه، وتسليك شبكات المجاري -التي لا ينتج عنها إلا هجوم الحشرات، وغزو الجرذان، وانتشار الأوبئة والأمراض- إلى تعبيد الطرقات، وإنارة الشوارع، وتحرير الأرصفة الخاصة بالراجلين، و"الباركينات" التي يحتل في واضحة النهار من طرف أصحاب المقاهي والمحلات التجارية، وأمام أعين المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والسلطات المحلية والهيئات المنتخبة والبرلمانيين ..

إن أقصى ما يطلبه منكم ساكنة فاس، هو انقاد مدينتهم التي مكنوكم شأنها، وحملوكم مسؤولية تجبير أمورها،حتي تعود لها نضارتها التي أصابها الذبول، وترجع إليها جماليتها التي اعتراها المسخ والتشوه، ويسطع بريقها الذي لمع لأزمان ومراحل طويلة، فتشرق وتبهج من جديد على يدكم، وبتفانيكم المعهود، فتصبح كما المدن الجميلة النضرة، التي عرفتموها في فرنسا خلال دراستكم، وحتى يرتاح ساكنها من سيل المشاكل المفتعلة، وتهدأ نفوسهم، مما عرفته من هموم لا تتوقف، وأزمات لا تنتهي، لازمتها كالظل ولاحقتها ككابوس، وانتشرت في جميع ربوعها أحيائها، الراقية منها والشعبية والعشوائية والهامشية، حارمة أهلها من فيض نعمها وسابغ خيراتها، التي لم يصلهم منها غير ما عاينوه من عبثية تصرف من كلفوا بتسيير شأنها، وتحملوا مسؤولية حماية ثرواتها، الذين بعثروا ميزانياتها على كماليات البذخ الزائفة، من السيارات الفارهة، والسفريات الفرعوني الخارقة، التي لم تؤدى إلى تطورها مجال الحضاري، ولم تتقدم بشأنها القروي، ولم تعمل على ازدهار حال ساكنتها، ولم ترتقي بمستوى شبابها وشها، وأهملت شيبها، وشغلت أصحاب النفوس الضعيفة، عن التخطيط لمستقبلها، والإعداد لغد أفضل لأجيالها ..

فهل سترى ساكنة فاس تغييرا ملموسا في عهدكم، سياسة وتعاملا مغايرا لما ألفوه قبلكم، مع العديد من مشاكل مدينتهم وملفاتها المزمنة والتي من ولوياتها المستعجلة، البناء العشوائي، والنقل العمومي، والمساحات الخضراء، واحتلال الملك العمومي، والتهام المقاهي وبعض المحال التجارية لها بتسيجها بتواطؤ مع سدنة الفساد و"البلطجة" و"الصنك"، و"التسيب" و" الابتزاز" و"المساومة"، ومن الملفات التي يجب أن تحظى باهتمامكم الكبير، والتي لم يأتي ذكرها في أولويات ستراتيجية تدبيركم للشأن المحلي للمدينة، والتي لا تقل خطورة مما سبق، وهو ملف "المحجز البلدي" وما يعرفه من اختلالات كبيرة وخطيرة، تفوت على المدينة أموالا طائلة تمكن من خلق المشاريع ومناصب الشغل .. إنها بعض مطالب ساكنة فاس، تجرأت على تذكيركم بها اعتماداً على وعودكم -التي لا يشك أحد في صدقيتها ومصداقيتها - والتي نأمل أن تخيب ظنون خصومكم حولها، وتحققونها بالكامل، بما تتوفرون عليه من مؤهلات علمية كبيرة، وتمتلكونه من ذربة وفعالية وكفاءة ومسؤولية، وبما يحيط بكم من أطقم خبيرة متخصصة في الكير من المجالات ..

وفقكم الله وأعانكم على تصحيح ما فسد من شؤون المدينة، بتطبيق سياسة "المعقول"، كما صرحتم في أول حديث إذاعي لكم وتطرقتم فيه لـ"الملفات الحارقة" بالعاصمة العلمية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

حميد طولست

في المثقف اليوم