أقلام حرة

بنكيران والصاحبات

hamid taoulostتابعت، كما جل المغاربة، وبكثير من مشاعر الأسف والحسرة والغيظ والحنق، آخر قفشة من قفشات السيد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، التي جاءت هذه المرة على شكل خطاب تحريضي مبطن للزوجات ضد أزواجهن، لخصه بدارجته البليغة : "الزوجة رخيصة والصاحبة غالية" العبارة التي جرت عليه مرة أخرى موجة من السخرية ، انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا يمر يوم إلا وتسمعنا ما يلوث آذان، الإنسان المغربي وتشوش مزاجه -الذي تربى على الكلمة الحلوة والنغمة الآسرة والنظرة العطوفة والقلب الصافي من كل الضغائن- بدرر رئيس حكومتنا الإسلامية التي ظن الإنسان المغربي، لطيبته، أنها المخرج الأنجع من أزماته، فإذا به يفاجأ بأنه يوقعه في أزمات أشد وقعا عليه مما عرفه مع غيرها من الحكومات، إذ لم يتوقع قط أن البأس والظلم، سيدخل إلى عقر داره، ويمس أسرته وزوجته، بسبب نوعية الخطاب الشعبوي، وشكل الحديث الذي يروج له .

صحيح أن الحياة الخاصة للأفراد لا تعنينا، ولسنا مجبرين على تصحيح تفكير وسلوكيات الآخرين، ولكننا مضطرين إلى مراعاة حجم العقول، أيا كان وضعهم الاجتماعي أو المهني أو السياسي، ما لم يكن لهم تأثير على الذوق والحياة العامة، أو ارتباط بالشأن الأسري والمجال الاجتماعي، فالشخصيات العامة والمسؤولة مباشرة عن تسيير الدولة وقطاعاتها الحكومية تكون كل تصرفاتها تحت المجهر، خاصة إذا كانت تلك الشخصيات العامة ممن كان المغاربة يأملون فيهم الخير، ويرجون على أيديهم الخلاص والنجاة من أوضاعهم المزرية ، فلاشك أن الصدمة كانت مضاعفة يعد تحول الخطاب إلى ما هو عليه من الإسفاف والسفه، ولا يهتم بما وصل إليه حال المواطن من شقاء تعدى كل حدود الصبر والتحمل، وصار أذاه اليوم على ألسنة الناس، وتناقلته كل وسائل الاتصال، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وتناوله آلاف المعلقين والباحثين عن النواقص والرذائل المثيرة للضجيج والفتة، المادية منها والمعنوية، كالنكتة البايخة التي تشكك الزوجات في وفاء أزواجهن، بل تجعلهم على يقين بأن لأزواجهن صاحبات، لأن السي بنكيران قالها وهو رئيس حكومة ومن حزب إسلامي، ما يدفع بهن للانتقام لكرامتهن، بالرف من سقف مطالبهن، والزيادة من مصاريفهن إلى درجة لا يتحملها الأزواج ، فيكون السيد بنكيران بذلك قد نجح في الزيادة في كل شيء حتى تكاليف الزوجات التي تدفع بالرجال إما للسجون أو الجنون ..

وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول مع الأستاذ نجيب محفوظ "إن لم ينقرض الجهل من بلدنا، فسيأتي السياح ليتفرجو علينا بدل الآثار".

 

حميد طولست

في المثقف اليوم