أقلام حرة

شتان بين ثقافة الاعتذار وثقافة "أنصر أخاك ظالما أم مظلوما"!!

hamid taoulostما كادت تخفت حدة الجدل الذي أثارته قضية ما سمي بـ "جوج فرانك" التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ حو الي أسبوع تقريباً، وكانت بطلتها السيدة "شرفات أفيلال" الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء، عن حزب "التقدم والاشتراكية"، والتي تقدمت باعتذار –رغم علاته- لمن استفزتهم تصريحاتها، حتى طلعت علينا تويترة غريبة، قضت مضجع الكثير من المغاربة، وأقلقت راحة الوطنيين الشرفاء منهم، على حظ ومستقبل هذا البلد الأمين، الذي لا يريد له المرتزقة المتربصين، أن يجتاز محن بؤسه المفتعل، ويتخطى فقره المفروض، رغم ما بنعم به من بحور الخيرات والثروات ..

تلك "التويترة "التي حملها أحد أدعياء اليسار الديمقراطي، وقيم العدالة الاجتماعية والتقدم والحداثة -الذين كان الأمل فيهم كبيراً، في زمن مضى، لتحقيق ما يصبوا إليه فقراء هذا البلد، على فرض أنهم من فئات الشعب الذين ذاقوا مرارة الفقر والجوع والحرمان، وأنهم أدرى من غيرهم بما يعانيه الفقراء والمعوزين – من ثقافة "أنصر أخاك ظالما أم مظلوما "، وفعل بها موروث "أسكت علي نسكت عليك، للمصحلة والتملق فقط"، قد تكون "التويترة" تحيزا للوزيرة المنتمية لرهطه وعشيرته، وتلك الطائفية التي مقتها الإسلام ونهى عنها، وربما تكون، وهو الأصح، دفاعا عن "الجوج فرانك" التي استطابها صاحب بعد توليه موقعا مهما - ما كان يحلم به - في مراتب مؤسسات الدولة، وانصرافه إلى ذاته، كاليتيم في مأدبة اللئام، يأكل بنهم، بعد عطشه وجوعه، ليسمن ويتعطل عقله، ويمارس الأساليب الشاذة المنحرفة البعيدة كل البعد عما يدعيه من اشتراكية أو شيوعية، مستغلا في ذلك شتى أنواع النظريات الخاطئة، كدريعة لتبرير الاستمرار في الاستحواذ على مقدرات شعب يتلظى مواطنوه تعاسة الفقر وبشاعة التخلف .. والذي لو أتيحت لأبنائه البررة ما نال المرتزقة من فرص، لأقاموا حضارة تفتخر بها الإنسانية جمعاء، لكنه الحظ السيئ والإدارة الأسوء والتسيير الأعور والأعوج، الذي مكن أمثال هذا المتسلط صاحب "التويترة" الملعونة، وشجعه للخروج على المغاربة، وفي غفلة من الزمن، وبعد أن كان نسيا منسيا، ليكيل لهم الشتائم والسباب، لا لشيء، إلا أنهم رأوا في تقاعد الوزراء والبرلمانيين -التي اعتبرته السيدة الوزيرة "جوج فرانك" واعتذرت عنها - حق من حقوق المغاربة هضم من طرف جهات كان كم المفروض فيها أن تدافع، بل وتنافح على الحفاظ عليه، بدل أن تمنحه ريعا حاتميا  للوزراء والبرلمانيين، على حساب الفقراء والمعوزين .

لقد خرج علينا "الدونكيشوت " بتويترته وكأنه يخوض حربا مفتوحة ضد الشعب المغربي، خرج كـ"الجرة " ينضج بما فيه ضد كل الشرفاء الذين طالبوا بإلغاء ظلم التبذير والاستهتار بالمال العام، خرج المغرور، وهو يظن أن عليه أن يظفر بمعركته، متصورا  أن تلك حذلقة وعبقرية ورجولة ..

لا أيها المتهور المغوار،  لقد أخطأت، ليس في حق المغاربة فحسب، والذين نعتهم بكل تبجح وصفاقة بــ "الكلاب "، بعد أن أخذتك العزة بالإثم، ولكن في حق نفسه الشاذة المغرورة والمتغطرسة، ولذلك يجب عليك زيارة أقرب طبيب نفسي لمعالجة نفسك المريضة، وتقويم سلوكياتك الغير متوافقة مع طبيعة الواقع المغربي، وإعادة النظر في طباعك المتناقضة كليا لمبادئ حزب الزعيم "علي يعتة" رحمة الله عليه، والذي أتعجب كثيرا من إبقاء قياداته الحالية –والتي نكن لها كل التقدير والاحترام - لأمثالك هؤلاء في صفوفها، والتمسك بكل من لا لون له من أمثالك ولا رائحة للوطنية فيهم، وشرهم يغلب نفعهم، أينما حلوا وارتحلوا، بما تشجعونه حولهم من الحقد والكراهية..

 

حميد طولست

في المثقف اليوم