أقلام حرة

الإقليم السني: تبرأ منه النجيفي وافتتح له الجبوري قنصلية في واشنطن!

1alaa allami- هل مات الإقليم السني فعلا؟ شاهدت يوم أمس جزءاً من اللقاء المطول مع أسامة النجيفي الذي أجرته فضائية "الميادين" اللبنانية. بشكل عام، يمكن القول، إن الرجل بدا معتدلا ومتوازنا أكثر من أخيه المتشنج أثيل، رغم أنه كرر بدوره محاولاته لتبيض صفحة تركيا وتبرئتها من الاعتداء على سيادة العراق - المنقوصة أصلا- ومن الأطماع التاريخية في أراضيه ومياهه. ولعل أهم ما ورد على لسانه هو تبرؤه التام وبشكل قاطع من مشروع "الإقليم السني" للمحافظات ذات الغالبية السكانية "العربية السنية" وتبنيه لمشروع "أقاليم المحافظات" والذي يُقصد به تحويل كل محافظة - ترغب بذلك - إلى إقليم. وهذا ما يجيزه فعلا الدستور الاحتلالي، والذي هو من حيث الجوهر، ليس أكثر من "لا مركزية إدارية موسعة" قد تخفف من أخطار التقسيم. هل أدرك النجيفي ومن معه استحالة تجسيد الإقليم السني بعد رفضه من قبل سكان الأنبار وصلاح الدين، فحاول استبداله بمشروع إمارة موصلية خاضعة لتركيا؟ ربما، ولكني أعتقد جازما أن هذا "الموت المعلن" بالإذن من المرحوم ماركيز، لمشروع "الإقليم السني" على لسان أحد المتحمسين له خلال السنوات الماضية، هو ثمرة لما كررته مرارا في كتاباتي وخلاصته: أن الأرضية المجتمعية التاريخية والثقافية القاعدية العروبية والوطنية في العراق عموما وفي المنطقة الغربية من العراق خصوصا هي الأشد رفضا لتقسيم العراق رغم كل ويلات نظام حكم المحاصصة، وكانت جماهير الأنبار هي السباقة لرفض ودفن مشروع الإقليم السني ..

‫2- ترهات حسن العلوي: في الصدد ذاته دخل ‏حسن العلوي على خط الإقليم السني متقمصا دورا وطنيا غير جدير به ولا هو يناسب قامته القصيرة . حسن الذي يطلق عليه أفراد حاشيته صفة "المفكر"، هو التك الثاني لشريف روما، فخري كريم، من حيث نوعية الطَّرقات "المفرقعات" السياسية التي يطلقانها في مناسبات معينة وأجواء أمنية وسياسية خاصة، فكلاهما منغمس في تجارة المعلومات "الحساسة" والارتباطات المشبوهة بالغرف السوداء. غير أن ما يقوله هذان الشخصان – وهما بالمناسبة صديقان (عصفورين بفرد عش!)، وأمثالهما في الإعلام العراقي لا يخلو دائما من بصيص من الحقيقة "المعلوماتية" لدوافع تتعلق بترويج السلعة ومقتضيات السوق السياسي المحلي والإقليمي والدولي.

وقبل أيام كشف حسن على إحدى الفضائيات التي لم يذكر ناشر الخبر اسمها، وقال آخرون شاهدوا اللقاء إنها قناة "البغدادية"، كشف عن وجود (مفاوضات بين الجانبين الأميركي والإيراني بخصوص مسألة الأقاليم بالعراق، مبينا ان الإقليم السني المزمع اقامته عبارة عن جدار امريكي لصد ايران). الخبر ينقل أيضا عن حسن اتهامه للسياسيين السنة بأنهم باعوا عروبة العراق لأجل الإقليم، ولكنه أكد أن تكريت ستكون عقبة كبيرة امام الاقليم السني لأنها الأقرب الى بغداد ولن تكون ضمن المحافظات التي ستضم الى هذا الاقليم.

دعونا "نفرزن" كلام حسن العلوي لنفهم حقيقة الموضوع:

- التفاهم أو التنسيق الإيراني الأميركي حول "العراق الجديد" لما بعد 2003، هو واقع حال، ولا ينكره إلا أعمى سياسيا أو معاند، ولكن كيف تتفاوض إيران مع أميركا حول إقامة إقليم سني يكون جدار صد ضدها، أي ضد إيران؟ هل أصيب حكام إيران بالمازوخية وتعذيب الذات، أم أن ناقل المعلومة ومحللها أصيب بلوثة عقلية؟ ولكن بصيص الحقيقة في كلام حسن نجده في أن هذه التفاهمات والتنسيقات الإيرانية الأميركية قد تكون ارتقت حاليا إلى درجة أعلى وأهم.

- ثم، لماذا هذا الدس اللئيم على مواقف العراقيين في محافظة صلاح الدين الرافضين للتقسيم ولما يسمى "الإقليم السني" واعتبار ذلك نتيجة لأنهم الأقرب لبغداد - والمرجح أن حسن العلوي يقصد بعبارة (تكريت ستكون عقبة كبيرة أمام الاقليم السني لأنها الأقرب الى بغداد) أن سكان المحافظة أو نخبتها هي الأقرب إلى حكومة بغداد – وليس لأنهم حريصون على وحدة وطنهم العراق وعزة وسلامة شعبه الذي مزقته حكومات بغداد؟

ترى، ما الذي أخفاه حسن العلوي – وأمثاله - ولم يقل شيئا عنه أو منه في "طَرَقته" الأخيرة؟ لكي نجيب على هذا السؤال علينا أن ندقق في سيل المستجدات الخطيرة التي ثار نقيعها مؤخرا، بدءا من خندق البارزاني ومرورا بالاحتلال التركي المستمر لمعسكر في شقلاوة ثم صعودا إلى سد الموصل وأخيرا نزولا إلى خندق بغداد وسنرى أن ماكنة التقسيم الطائفي شغّالة "زي الفُل" والعراقيون لا يفكرون إلا بمصير رواتبهم للأشهر القادمة!

وأخيرا: لا اعتقد أن مشروع الإقليم الشيعي الذي يريد حاملوه فرضه على جنوب ووسط العراق كأمر واقع سيلاقي مصيرا أفضل من شقيقه " الإقليم السني " مهما فعل أهل الحكم وحلفاؤهم الأميركيون والإيرانيون وسيتحول إلى رماد بمجرد انقشاع التضليل الطائفي والقمع المليشياوي... فالعراق باقٍ .. وأعمار الطغاة قِصارُ!

3-افتتاح ممثلية "قنصلية ؟" للمكون السني في واشنطن تمهيدا لإعلان الإقليم الطائفي وانشقاقات وخلافات حادة في كتلة سليم الجبوري: بعد يوم واحد على تصريحات أسامة النجيفي لفضائية "الميادين" اللبنانية والتي نفى فيها أنه يتبنى أو يدافع عن مشروع ‫#‏الإقليم_السني وأكد أنه يتبنى مشروع تحويل المحافظات إلى أقاليم غير طائفية، بعد تلك التصريحات، قال النائب عن هذا التحالف، عبد الرحمن اللويزي، إن (هناك أطرافاً في الوسط السني تحظى بدعم إقليمي ودولي استطاعت مؤخراً فتح ممثلية للمكون السني في الولايات المتحدة الأميركية)، مؤكداً أن (هذه القوى تسعى لترتيب الأمور لإنشاء الأقاليم السنية). نلاحظ أن اللويزي – المعروف برفضه "الإعلامي" لمشاريع التقسيم، وخلافاته الكثيرة مع قياداته السياسية، يستعمل عبارة وسطية بين " الإقليم السني " التي تبرأ منها النجيفي و" أقاليم المحافظات" التي دعا إليها يوم أمس فيقول " أقاليم سنية " التي قد تعني مرحلة في الطريق إلى إقليم سني من ثلاث محافظات وأجزاء من محافظات أخرى وهذا مجرد احتمال. وافتتاح الممثلية هو تعبير مخفف عن افتتاح القنصلية، "فالعافية - المرض هنا - بالتداريج " كما يقول المثل العراقي.

إن عبارة "أقاليم سنية"، ربما تكون المرحلة الأولى لمشروع الإقليم السني، وقد لا تكون، فالمعارضة لتقسيم العراق طائفيا في الوسط العربي السني لا تقل ضراوة وحزما عنها لدى مواطنيهم في الجنوب والوسط ممن هم خارج دوائر وضغوطات الأحزاب والمليشيات النافذة، ولكن قناعتي الشخصية هي أن إسقاط مشروع الإقليم السني والإقليم الشيعي القائم كأمر واقع لا يمكن أن تتم بوجود الدستور الذي شرع ومهد للخراب والتقسيم وبوجود العملية السياسية المرتكزة عليه وزعمائها الذين يتبادلون الأدوار فيما بينهم.. هناك أخبار أخرى عن رفض قوي لمشاريع الإخوان المسلمين بقيادة سليم الجبوري حتى في داخل كتلته بمحافظة ديالى (ديالى هويتنا) تفيد أن أغلب أعضاء الكتلة قاطعوه وطالبوه بتوضيحات علنية عن زيارته العجيبة قبل أيام إلى واشنطن . فهل يمكن اعتبار هذه الأخبار بداية الغيث الرافض للتقسيم الطائفي وللأقاليم الطائفية أم انها مجرد بالون اختبار صغير لتسويق المشروع التقسيمي وتنفيس الاحتقان.

 

علاء اللامي

كاتب عراقي

في المثقف اليوم