أقلام حرة

العبادي والمغامرة الاخيرة!

مع دخول البلاد مفصل تاريخي مهم، وهو يواجه أزمة مالية خانقة، وتداعيات الحرب الخطيرة الدائرة مع تنظيم داعش الارهابي، لم يبقى سوى ان تدخل البلاد ملفاً آخر هو الصراع السياسي، وازمة سياسية جديدة، تكاد تطيح بالمشروع السياسي الجديد، إذ بدات احرف الملف تكتب مع تقديم السيد العبادي لكابينته الوزارية الجديدة،والتي عمد فيها الى تجاوز الكتل السياسية التي تسيطر على البرلمان، ورغم إستقلالية البعض من المرشحين للحقيبة الوزارية الجديدة، الا انها لا تمثل الأحزاب السياسية في البلاد، ناهيك عن كون رئيس الحكومة لايمثل الاستقلالية وينتمي الى حزب سياسي معروف، وبذلك فان اول اشكالية وقع فيها السيد العبادي هو وقوفه بوجه الأحزاب السياسية، والقرار السياسي في البلاد .

خطوة العبادي جاءت بعد ضغوط كبيرة من الشارع، واستياء ازاء عجز الحكومة من التعامل مع المشاكل التي تمر بها البلاد في النواحي كافة، كما انها جاءت بعد خطاب المرجعية الدينية المتكرر وألمطالب بالإصلاح والتغيير، وتقليص الحكومة، وتحسين الخدمات، ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وبإعلانه هذه الحقيبة الوزارية سعى السيد العبادي الى تجاوز الشركاء السياسيين، والقيادات التي شاركت او هي مشاركة في القرار السياسي والوطني، والتي كانت حكومة العبادي نتاج هذه القوى السياسية، واعلنت وقوفها مع حكومته .

مايعترض العبادي وحكومته ليس فشل الوزراء، فالقضية ليست قضية وزراء، فأين الحكومة التي سقطت بفعل وزير او فساده، بل القضية اكبر وهو تغلغل الحزب الحاكم في موسسات الدولة كافة، وتشبثها بالمناصب، وفسادها الذي أوصل البلاد الى مراتب متقدمة بالمقارنة مع دول العالم بنسبة الفساد، كما ان الحزب الحاكم استطاع من بناء شبكة عنكبوتية معقدة جدا في جميع مفاصل الدولة، من الاعلى حتى الأسفل، فما يزال الكثير من رجالات الحزب الحاكم يتمتعون بنفس السلطات، ولم يشملهم التغيير او الاصلاح، وما زالت القصور والامتيازات ذاتها، بل ما زال بعضهم يسيطر على المشهد السياسي، ويمتلك القدرة في خلط الأوراق، وقلق المشهد بكافة تفاصيله .

اعتقد ان المتوقع وبحسب ما يتفق معي بعض المحللين ان الأمور تسير نحو التشكيل السريع لحكومة جديدة مستقلة عن مختلف الأحزاب السياسية، وهو الامر الذي لا يمكن ان يصمد كثيراً في ظل التوازن السياسي والوطني، وعلى الأقل في الوضع الراهن، لهذا ينبغي على القوى السياسية ان تعمل جاهدة على تشجيع عملية الاصلاح، وإجراء التغييرات الحكومية، ومنح السيد العباد فرصة اجراء بعض هذه التعديلات والتغييرات التي يسعى لها، كما يمكن في نفس الوقت النقاش والتفاوض على بقية المناصب كدولة ثانية تشمل مناصب الدولة كافة، وفي ذات الوقت ستكون نهاية مغامرة العبادي السياسية . 

 

محمد حسن الساعدي

 

في المثقف اليوم