أقلام حرة

مخاض سيدة تركمانية في نقرة السلمان .. قصة (ام عباس) أغرب من الخيال

zaheed albayatiفي مثل هذه الليلة من عام 1987كانت هناك سيدة تركمانية تتلوى ألما وهي تواجه آلام المخاض بعد ان دخلت شهرها التاسع وهي قابعة في احدى زنزانات سجن نقرة السلمان! يحيط بها صغارها المعتقلون معها ايضا (شاهين 8 سنوات،اركان 7 سنوات، زينب 6سنوات وياسين 4 سنوات) ليس لهم حول ولا قوة ازاء ام تحاول اخفاء معاناتها امامهم في محاولة منها للتخفيف من الهلع الذي يعيشونه منذ اعتقلوا معها وهي حامل بعد ان اقتاد رجال الامن والدهم الى المجهول ولم يعد لحد ليلة القبض على الاسرة بأكملها !!!

وبما ان نقرة السلمان غير مهيأة لمثل هذه الحالة الطارئة ولا تتوفر فيها وسائل الخدمات الصحية العادية كونه من اكبر وأقسى السجون في العالم الذي يقع في اطراف صحراء السماوة بالقرب من الحدود السعودية، ولا يوجد منفذ للهروب لان الهارب سيكون مصيره الموت عطشا في الصحراء !

فتم نقلها الى مستشفى السماوة، فلما ارادت الطبيبة النسائية اجراء عملية الولادة رفض رجلا الامن المكلفان بالحراسة مغادرة غرفة العمليات بحجة احتمال هروبها ! ولم يخرجا الا بعد ان تم توثيق يديها الى السرير بواسطة الكلبجة !!!

بعد ساعة من الزمن فتحت المعتقلة عينيها على ايقاع ضربات خفيفة على خدها من قبل الطبيبة والممرضات (السسترات) وهن يرددن على مسامعها:

 مبروك ...ولد .. اي اسم تختارين لمولودك؟

رفعت رأسها وتفحصت بعينيها الوجوه المبتسمة ثم نظرت نحو الاعلى فقالت :

-   الحمد لله رب العالمين .. اين انا ..وما المناسبة اليوم ؟

-   اليوم 4 من شعبان يوم ولادة ابو الفضل العباس ..

-   عباس ..أخترت اسم عباس تيمنا بصاحب الولادة الميمونة اليوم وعلى الرغم من ان زوجي اوصاني على اسم آخر ولكنني متفائلة بأبو الفضل ..

-   لم تكن تمتلك او قماش تلف به رضيعها فاستعانت يالكواني واكياس الخضر والصمون لتصنع منها حضائن له مستعينة بالله وبصبرها الجميل فكانت ارادة الانسان فوق ارادة الشيطان ومن استعان بغير الله ذل .. فكان لها عباس فجرا جديدا ونافذة للأمل .

ودارت الايام .. وسقط الطغيان .. وعاش عباس رغم كل المحن والمعاناة التي واجهته هذه السيدة التركمانية الفاضلة " سهيلة علي عبدالله " زوجة الشاعر والفنان أكرم جعفر طوزلو الذي اعتقل عام 1987 أثر تقرير يتهمه بإلقاء قصيدة شعرية تركمانية خلال احتفالية اقيمت في مدينة تلعفر قبل 17 عاما من تاريخ الاعتقال !!!

بينما رحل صدام وأزلامه الى مزبلة التاريخ .. في حين تربى "عباس "في كنف والديه وهو في المرحلة الاخيرة من كلية القانون بعد ان تخرج من معهد النفط ليصبح موظفا في احدى المنشآت النفطية ثم تزوج ورزق بطفلة جميلة أسماها "مينا " فيما يواصل شاهين دراسته العليا للحصول على شهادة الدكتوراه خارج العراق .. الحمد لله على زمن يخون الظالم ويفي مع الاحرار..

 

زاهد البياتي

 

في المثقف اليوم