أقلام حرة

مشروع خطير جداً مطروح للنقاش

دعونا نحلم ب"حركة تحرير أل(٤٨) الفلسطينية" للرد على أوسلو!! .. فهل هو مشروع ممكن!

    ليس درباً من الخيال أن نستعيد أحلامنا المنفية.. فالأحلام تأنفها قيود السياسة، بل وتتجاوز المحرمات التي تفرضها عادة المعاهدات المشبوهة.. والرسالة أو الدعوة التالية موجهة في الغالب إلى الأجيال القادمة التي تمتلك مفاتيح التغيير، والوقت هو الأنسب الآن لطرحها ما دام الإفلاس هو سيد الموقف, وطلب البدائل في الخيارات سيخرس كل متشدق بالأكاذيب زائف، هذا ما يتعلق على أقل تقدير بالقضية الفلسطينية. إن الإسقاطات التافهة للساقطين في الاختبارات الوطنية على هامش الأحداث مؤشرات لوصول القطار إلى الهاوية؛ فلندق إذن جرس الإنذار كي نبدأ من جديد، فنثري مسار النضال الوطني بمستوياته السياسية والثقافية والفكرية والكفاح المسلح بالخيارات المفاجئة، هذا إذا اقتدينا بالشعب الجزائري البطل الذي قدم  الملايين من الشهداء وهو المطلوب من الشعب الفلسطيني لتحقيق المرام، لأنه ينبغي أن ندرك (متقبلين النتيجة) وبالقياس إلى ذلك ما زلنا في مربع التكون فلم نقدم شيئاً يذكر ولم نختبر الفينيق بنار الصمود حتى نحسم أمر علاقته بالنضال الفلسطيني المتعثر. ورحم الله شهداءنا الأبرار .

من هنا ينبغي أن نطالب بحركة تحرر وطنية فلسطينية لتحرير فلسطين الثامنة والأربعين، تتكون من عموم الشعب الفلسطيني كمشروع مرادف ومدعوم( دون استحواذ) لوجستياً من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ( بعد إعادة هيكلتها) كونها غدت عارية حتى من ورقة التوت (حاشاكم) بعد أن جردتها أوسلو من مضمونها، وأعطبت ميثاقها الوطني، وحولتها إلى مرتع للفساد، وسوق للمتاجرة بالوطنية وإطلاق العنتريات التي استوجبت من المتخاصمين إقامة متاريس متقابلة تنبري خلفها كل جهة إزاء الآخر بندية ومناطحة كالثيران في حلبة المصارعة.. حيث يداس الشعب بالحوافر والأقدام.. نعم المنظمة لو تابعنا مكوناتها لوجدناها ساحة مغلقة لتناحر الحركات التحررية الفلسطينية بكافة أطيافها وتوجهاتها السياسية، أما المجلس الوطني الفلسطيني فهو مضمار للهرولة الفلسطينية يدور بأصحابه في حلقة مفرغة، بعد أن صار ألعوبة في يد المتناحرين على الكراسي ومتآكل الأركان.. فلا نسمع فيه إلا جعجعة بلا طحين.. وأصوات تجأر كأنها في سوق الخضار والمواشي. لذلك ينبغي القيام بجردة حساب فلسطينية مفتوحة ومناقشة كل قواعد العمل الفلسطيني (فكريا وسياسيا وتنظيمياً وقانونيا) لبناء إستراتيجية جديدة تتضمن إعادة هيكلة جادة لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل كافة الجهات الفلسطينية بكل المستويات للتصدي للمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية من أجل إنقاذ الحق الفلسطيني والعودة إلى مربع النضال الأول ، وفرض هذا المشروع النضالي المقترح على الأمم المتحدة شاءت أو أبت (أليس النضال عرّف بالمقاومة لأنه لا يسلك إلا الدروب الوعرة!!) لتشابه الظروف التي أدت بفلسطين إلى الضياع؛ ما دامت السلطة الفلسطينية ومنذ عشرين عاما من المفاوضات العقيمة، التي أكلت الكثير من الحقوق الفلسطينية، تراجع حساباتها (حتى الآن!!) بشأن وقف التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي (تخيلوا!!!)، ليأتينا أحد رجالات السلطة المدعو غسان الشكعة وفي يده فزاعة يهدد بها ذات السلطة المتواطئة، التي يجدها قد أخطأت بوقف هذا التنسيق (الشمولي!) مع الكيان الإسرائيلي لأنه يمثل بالنسبة له الرئة الأمنية والاقتصادية لمنطقة السلطة الوطنية باقتدار، وهو موقف صهيوعربي بامتياز، ملوحا هذا الجهبذ الحصيف والفارس المغوار؛ بضرورة بدء التفاوض مع الكيان الإسرائيلي على قاعدة (مؤسسات المجتمع المحلي)!!! دون تدخل من السلطات العليا في الجانبين، ويلتاه!! وهل ثمة مراحل يرتب لها تحت الطاولة لإخراج الأعضاء التناسلية للكيان الإسرائيلي من عنق الزجاجة بعد أن أخرجت أوسلو رأسه منها منذ عشرين عام خلت! كيف تقبل السلطة على نفسها هذا الأمر وقد بدت عارية حتى من ورقة التوت.. فبدت مندلقة البطن (بتكشش) من كثرة ما التهمت من رشاوي ووعود شخصية. ألا يجرنا هذا الموقف العجيب إلى جردة حسابات مصيرية مع ما تبقى من بنية منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها وهيئاتها الفاعلة في الشتات، بعد أن جردت الأخيرة من صلاحياتها وميثاقها الوطني الفلسطيني الذي ينادي بحق الفلسطينيين بالكفاح المسلح؛ وذلك بالعودة إلى مربع النضال الأساسي، ومن ثم بناء الدافعية الوطنية واستعادة الطاقة الإيجابية لشد الحبال الصوتية كي تتحول أصواتنا إلى رعود تجلب المطر. ثم المطالبة بالتالي بفلسطين عام ثمانية وأربعين والتي دفعت ثمناً بخساً إزاء عودة المخاتير إلى ضيعة السابعة والستين (الضايعة)! دون التنسيق مع السلطة المتخاذلة ومخاتيرها المنتخبين من خلال إيجاد منظمة مستقلة تطالب بفلسطين وتعتمد على حقنا التاريخي بيافا وحيفا وعكا والجليل والنقب وقضاء الخليل (ومنها بلدتي الدوايمة) ومن ثم استعادة الميثاق الوطني الفلسطيني الذي تآمر عليه قادة أوسلو، ومهندسها التاريخي محمود عباس، مختار ( الضيعة الضائعة) السلطة الوطنية الفلسطينية.

   وعليه ينبغي أن يكون الرد الفلسطيني الشريف على انهيار الموقف الفلسطيني المخطط له في سياق التخلص من ذيول القضية الفلسطينية على هذا المستوى من المواقف التاريخية ( فكريا وسياسياً وتنظيمياً وقانونياً) لكبح جماح تهافت قادة أوسلو في السلطة وخارجها على تقديم التنازلات من أجل خلق حالة من الانصهار بين مصالح السلطة والكيان الإسرائيلي للقبول بسياسة الأمر الواقع،القائمة على تحويل غزة إلى كيان مستقل مضعضع، والضفة الغربية إلى (ضيعة ضايعة) ينصب عليها مختار وفي جيبه ختم يوثق للتنازلات على كافة الصعد.

     إن الاستقلال في مشروع نضالي يركز على الحق الفلسطيني المسلوب عام ثمانية وأربعين سيسحب البساط من تحت أقدام أًسلو بذريعة أن الثمن لا يقبل التداخل مع القضايا المستقلة، فاثبتوا في أرض الضفة الغربية وزاتركوا حركة التتحرر الوطنية الفلسطينية تحول أرض الكيان الإسرائيلي إلى مرتع للحلول التي تعيد اللاجئين إلى أرضهم السليبة ولو بقوة السلاح، وهذا بحد ذاته وفي أتعس الأحوال سيفرض عدة خيارات تحررية منها دولة ثنائية القومية، مع ضمان حق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين، إلى أرض الثامنة والأربعين دون مزاحمة أهل الضفة الغربية المحتلة والمغبونة على الأرض، التي تحولت إلى ضيعة ترتبط بالداخلية الإسرائيلية وعليها مختار بدون طربوش أو شاربين يقف عليهما الصقر.

علماً بأن العمق الإسرائيلي مكشوف أمنياً واقتصادياً لولا التعويض العربي الذي يغطي عيوبه.. على نحو خسائر المقاطعة العالمية للمستعمرات الصهيونية وهي بمليارات الدولارات والتي تعوضها الدول العربية وتركيا من خلال التطبيع الاقتصادي المهين.

المشاريع الجادة تبدأ بفكرة. والخيال تأنفه القيود. وللأجيال القادمة مشروعها بعد أن تنفض الغبار عن ملف القضية الفلسطينية وثوابتها المنتهكة. وعلى ذلك يكون الرهان.

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم