أقلام حرة

طائـرٌ يـسْـتــَـغـيـث

maison alromiثمان ساعات من عمل مضن ليوم مـَـرَّ ثـقيلاً، مملاً، متعباً، بـَدأ بصداعٍ منذ باكورته الأولى، وهاهي (ارجوان) تتنفس الصعداء، مستقلةً باص نقل الركاب لمدة ساعة كاملة في طريق عودتها الى البيت، تــُمـَـني النفس بحمام دافئ، يغسل تعب ذلك اليوم المضني، الكئيب، الذي لايشبه اي يوم مضى ...

واخيراً غادرت (ارجوان) الباص، لتقطع الغابة الى بيتها الجميل، وابنتها التي تنتظرها لكي تتناولا وجبة العشاء سويةً.

وفجأة وعلى بعد امتار معدودة من البيت .. استرعى سمعها ضجة غير معهودة لطيورٍ تضرب بأجنحتها، وتزقزق بطريقة غريبة ..

رفعت بصرها لترى شجرة تحتضن عشا لصغار طيور تصرخ وكأنها تطلب النجدة، وامهم تهوى على الأرض، لتعود راجعة الى صغارها ..

كانت ارجوان منهكة الى حد لم تستطع التوقف واستطلاع الأمر، نظرت بلا مبالاة وواصت السير... لكنها توقفت وكأنها تسمع تلك الطيور وهي تستغيث وتتوسل اليها، عادت الى تلك الشجرة، نظرت حولها لترى احد هذه الأفراخ مستلقيا على ظهره، يرفس برجليه الصغيرتين، ويرفرف باحد جناحيه، والآخر قد انكسر وتهدل دون حراك، وامه تقترب منه وتصرخ طالبة النجدة لصغيرها الذي كما يبدو قد تعرض لضربة سيارة مسرعة.

اقتربت ارجوان من الطير البائس ... نظر إليها بعين تبكي دما اثارت حزنها، رفعته بحذر، وضعته على كفها وهو يرتجف الما، وقلبه الصغير يضرب بقوة، وعينه السليمة تستجدي عطفها لإنقاذه ومساعدته.

كان موقفا حزينا انساها كل شيء الا التفكير بكيفية مساعدة هذا المسكين المصاب

حملته الى بيتها القريب، وسقته ماء ليستعيد وعيه، نظر اليها بعينه الدامية بطريقة اوجعت قلبها العطوف، حارت في الأمر، وأخيرا قررت ان تطلب المساعدة والنصيحة من الطواريء، الذين بدورهم اعطوها رقم تلفون طوارئ الحيوانات

اتصلت بهم، وشرحت الحالة، اسعفوها خلال حوالي نصف ساعة بإرسال سيارة اسعاف، اقلت الطائر الجريح لمعالجته، بعد ان عينوا موقع الشجرة والعش، لإرجاعه الى عائلته حال شفائه.

وانا اشاهد الفديو، الذي صورته (ارجوان) لذلك الطائر الجريح، اعتراني حزنا قاتلا اذ كنت قد شاهدت لتوي في التلفزيون، المشاهد المروعة للتفجير الجبان في مدينة الصدر المنكوبة، وكيف تتعامل الحكومة العراقية واجهزتها الفاسدة مع شعب اصبحت ايام اسبوعه كلها يوما داميا.

ان كانت الحكومة العراقية الغارقة في الفساد، والسارقة لقوت الشعب، والمتشبثة بكرسي الحكم، من ساهم بشكل مباشر او بطريقة غير مباشرة بالتفجيرات الدامية فهذه مصيبة...

اما اذا كانت الحكومة ورجالاتها وقواتها الأمنية لايستطيعون حماية الوطن والشعب وهذه من اولويات مهامهم، فالمصيبة اعظم..

وا أسفي على شعب له تأريخ عظيم، اعتاد لملمة اشلاء ابنائه، وغسل دماء الأعزة، ونصب الخيام لتقبل التعازي كل يوم، ومنذ اربعة عشرعاما، مصدقيين ادعاءات السياسيين .. من كان منهم، مدنيا، اومن يتستر بعمامته ويلتف بعبائة الدين، وهدفهم واحد هو النهب، والسرقة، والحصول على المكاسب السياسية، والتشبث بالسلطة، مستخدمين اشلاء الشعب سلما للوصول الى غاياتهم الدنيئة

ترى... الى متى؟ والى اين نحن سائرون.....

 

ميسون نعيم الرومي - ســــــــــتوكهولم

 

في المثقف اليوم