أقلام حرة

تعرى الوطن في الصعيد

ahmad alkhamisفي الثامنة من مساء الجمعة 20 مايو خرجت قوى البربرية والظلام مجسدة في مجموعة من ثلاثمائة شخص يحملون السلاح إلي شوارع قرية "كرم" بأبي قرقاص في المنيا لتعري سيدة مسيحية تجاوزت الستين من عمرها وتزفها وتجرسها بسبب علاقة بين ابنها وامرأة مسلمة. أطالب بإنزال أشد أنواع العقوبة القانونية بأسرع وقت على مرتكبي هذه الحوادث، وبإقالة محافظ المنيا ومدير الأمن ليدرك كل من يشغل منصبا أن عليه أن يحمي المواطنين كافة بكفاءة ومن دون تمييز. أطالب بذلك ولست وحدي، دفاعا عن كرامة مواطنة مصرية، وامرأة قبطية. أطالب بذلك ولست وحدي دفاعا عن الوحدة الوطنية، ودفاعا عن مستقبل بلادي، وكرامة كل إنسان فيها. كان يمكن لتلك المرأة أن تكون أختى أو أمي، كان يمكن لها أن تكون معلمتي، أو طبيبتي، ولا يمكن القبول بهذا العار أو السكوت عنه. وعلى الدولة التي تشمر عن ذراعيها بهمة عند القبض على الصحفيين، والطلاب، والمتظاهرين، أن تبرز تلك الهمة ذاتها وأن تعجل بالقبض على المجرمين في قرية"كرم" وتقديمهم للمحاكمة، ذلك أن ترك الجريمة من دون عقاب يمثل خطرا جسيما إذ يعمق التصورات الخاطئة لدي الكثيرين عن أن الآخرين لا يبالون بمصائبهم وأوجاعهم. أطالب الدولة بتطهير مناهج التعليم من أدبيات التعصب والكراهية. أطالب كبار المسئولين باستقبال السيدة التي تعرت وتكريمها علنا وبكل السبل. أطالب وزير الثقافة بالاعراب عن رأيه فيما جرى، وتقديم برنامج واضح تسعى به وزارة الثقافة في التنوير ليس في قاعات المؤتمرات بالقاهرة لكن في أقصى الصعيد حيث يكمن التطرف. أطالب التلفزيون المصري بتقديم النصوص الأدبية التي تقاوم التعصب وترسخ التفاهم. أطالب الأحزاب السياسية التقدمية بعقد سلسلة من الندوات واللقاءات حول الموضوع الطائفي. أطالب النقابات بوقفة احتجاجية على ماجرى خاصة نقابة الصحفيين والأطباء والنقابات التي طالما احتجت على المظالم، أطالب الهيئات الثقافية المدنية بالاعلان عن أسبوع ثقافي للتضامن مع قرية"كرم". أطالب ولست وحدى بمحو هذا العار الذي جرنا جميعا إلي الوحل. ليس لدينا سوى هذا الوطن، ليس لدينا سوانا، وما من كلمة غير كلمة ” معا ”، ولا أمل سواها.

 

د. أحمد الخميسي - كاتب مصري

 

في المثقف اليوم