أقلام حرة

بكر السباتين: هل يتنفس التونسيون الصعداء!

bakir sabatinيوسف الشاهد يشكل حكومة تونسية جديدة للمرأة فيها حظوة غير مسبوقة..

في تونس الحداثة والانفتاح كل شيء فيها جائز، وخاصة في السياسة، وتحرير المرأة، وهي فلسفة رسخ مبادئها بورقيبة منذ استقلال تونس منتصف القرن المنصرم، مع أن الثورة التونسية (والتي تعرف أيضًا بثورة الحرية والكرامة أو ثورة 17 ديسمبر أو ثورة 14 جانفي) غيرت الكثير من سياسة بن علي الذي أورث البلاد أزمات في كافة القطاعات التنموية وخاصة سوء الأحوال المعيشية والبطالة وتراجع معدلات النمو والتردي الأمني والاقتصادي وأزمة نظام الحكم وزيادة الشرخ بين الحكومة السابقة والأحزاب المختلفة. ولم تتمكن الحكومات التي تعاقبت على تونس بعد هروب بن علي إلى السعودية، من وضع الحلول الجذرية للأزمات المتفاقمة التي أنهكت تونس سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي قد أطلق سابقاً مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون استشارة رئيس الحكومة السابق حبيب الصيد الذي رفض طلب الرئيس بتقديم استقالته مفضلاً الاحتكام إلى مجلس النواب. وانطلاقا من هذه القضايا والإشكالات الدستورية والسياسية التي تشهدها الساحة السياسية في تونس فإن الأزمة التي تعيشها تونس ليست فقط أزمة حكومة إنما هي أزمة منظومة حكم. ورغبة الرئاسة ذهبت باتجاه التوافق مع أطياف سياسية ومدنية واسعة على تشكيل حكومة وحدة وطنية لتظافر الجهود من أجل وضع برنامج إنقاذ مشترك يعيد للبلاد استقرارها السياسي والأمني وتوازنها الاقتصادي.. فهل تتمكن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة التي أعلن عنها يوسف الشاهد البالغ من العمر 41 عاما من حرف بوصلة التغيير في الاتجاه الصحيح؟ فمنذ تولي يوسف الشاهد رئاسة الحكومة والجدل لا يتوقف حول كفاءة هذه الحكومة التي شكلها الشاهد على نحو 26 وزيرا بينهم 8 كفاءات نسائية و14 حقيبة وزارية للشباب منهم 5 وزراء دون سن الـ35، و14 كاتب دولة. وأبقت حكومة يوسف الشاهد، على وزراء السيادة مثل الداخلية، والدفاع، والخارجية، وحظي فيها نداء تونس (67 مقعد في البرلمان) بـ 4 حقائب وزارية، هي النقل، والسياحة، والخارجية، والتربية، في حين كان لها 3 كتاب دولة جدد، فيما كان نصيب حركة النهضة (69 مقعدا) 3 حقائب وزارية (الصناعة والتجارة، والتكوين والتشغيل، وتكنولوجيا الاتصال) و3 كتاب دولة، وكان لحزب آفاق تونس وزيرا الصحة، والتنمية المحلية والبيئة، وكاتبا دولة (الشباب والنقل). وقد أعطى الشاهد للشباب فرصتهم التاريخية لإدارة الحكومة الجديدة وخاصة العنصر النسائي الذي حظي بمساحة غير معهودة في تاريخ السياسة التونيسية، وخاصة في الوزارات المفصلية كالمالية والصحة والطاقة والمناجم والطاقة المتجددة، هذا بالإضافة لوزارات الشباب والرياضة، والأسرة وحقوق المرأة والطفولة، والسياحة، . وقد أعلن مجلس شورى حزب النهضة الذي يقوده راشد الغنوشي، تحفظاته على بعض الوزراء التابعين إلى اليسار التونسي بذريعة ما يحوم حولهما من شبهات فساد، جاء ذلك من موقع النهضة في البرلمان حيث يمتلك غالبية المقاعد مما قد يعيق التصويت للحكومة الجديدة وبرنامجها التنموي، وعلى يوسف الشاهد إقناع الغنوشي بخياراته أو إحداث بعض التعديلات في حكومته المقترحة. وفيما يلي لمحة عن نساء حكومة الشاهد: وزير الصحة سميرة مرعي، 53 عاما، كلفت بخطة وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في حكومة الحبيب الصيد. وهي طبيبة وأستاذة مشاركة في قسم أمراض الرئة في كلية الطب بتونس. وزيرة الشباب والرياضة ماجدولين شارني، 35 عاما، حاصلة على شهادة مهندس معماري من المدرسة الوطنية للهندسة والتعمير. وتم تعيينها كاتبة دولة مكلفة بملف الشهداء وجرحى الثورة في حكومة الحبيب الصيد. وزيرة المالية لمياء الزريبي، 55 عاما، حائزة على شهادة ختم الدروس بالمرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة وعلى الإجازة في العلوم الاقتصادية اختصاص تخطيط. وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو، 44 عاما، شغلت العديد من المناصب الهامة على المستوى الدولي، وتحمل شهادة الأستاذية في المالية من المدرسة العليا للدراسات الاقتصادية في تونس، والماجستير من جامعة مونريال بكندا. وزيرة الأسرة وحقوق المرأة والطفولة نزيهة العبيدي حاصلة على إجازة في التعليم وأستاذية في اللغات الحية وماجستير في التعليم من السوربون. وزيرة السياحة سلمى اللومي عملت سابقا أمينة مال حزب "نداء تونس" ورئيسة مديرة عامة لشركات تعمل في الصناعة الكهربائية والغذائية والفلاحية، وهي تحمل شهادة الماجستير في التصرف. كاتبة الدولة للشباب فاتن قلال تخرجت من جامعة قرطاج وباريس دوفين، وشغلت منصب مستشارة في العديد من المكاتب الدولية الموجودة في تونس. كاتبة الدولة للتكوين المهني سيدة لونيسي، 29 عاما، حاصلة على إجازة في التاريخ وماجيستير في العلوم السياسية من جامعة السوربون. هي نائبة عن حركة النهضة في مجلس نواب الشعب. ويبقى السؤال مطروحاً فيما لو تمكنت هذه الحكومة من معالجة الأزمات المتفاقمة في تونس، أم تدخل تونس في أزمات أشد وطأة وغير محتملة! أسئلة كثيرة تطرق رؤوس التونسيين، ويبقى الرهان على هذه الحكومة بعد أن تحظة بتصويت البرلمان التونسي لتيدأ بتنفيذ برنامجها الإصلاحي والتنموي المنشود، فهل يتنفس التونسيون الصعداء!

 

في المثقف اليوم