أقلام حرة

مضر الحلو: المنبر الحسيني بعد الوائلي

mudar alhilwلا شك ان المنبر الحسيني المعاصر في الغالب يمر بحالة من التدهور

 لعلها الاسوء خلال تاريخه لدرجة استدعت ان تتدخل المرجعية لتصدر بيانا قبيل شهر محرم الماضي تضمن مجموعة وصايا للخطباء تدور حول الابتعاد عن الخرافات والاحلام وعدم الاعتماد على الروايات الضعيفة وتجنب الغلو وغيرها، كل ذلك لإدراك المرجعية خطورة المنبر باعتباره هو الذي يرسم صورة التشيع في اذهان عامة الناس.

- ابرز ملامح المنبر المعاصر:(حديثنا عن المنبر الذي يحظى بتغطية واسعة من قبل الفضائيات والذي أتيح له ان يرسم صورة التشيع المعاصر، إذ لانعدم وجود منابر رصينة هادفة ومسؤولة لم يتح لها ان تبرز).                                         

 ١- لم يكن المنبر حاليا في الغالب وليد الحوزة العلمية ونتاج الدراسة الرصينة كما كان سابقا يمتاز بالرصانة، فقد عرف عن بعض رواده كان من المجتهدين او المراهقين للاجتهاد كالمرحوم الشيخ كاظم السبتي والمرحوم السيد صالح الحلي والشهيد السيد جواد شبر والمرحوم الشيخ احمد الوائلي وغيرهم. أما الان فكثير ممن يعتلي المنبر ليس له حظ ولو قليل من الدراسة الحوزوية بل نلاحظ ان الأمية الثقافية والعلمية والأدبية السمة البارزة للكثيرين منهم.

٢- اللغة الغالبة للمنبر المعاصر هي لغة التهريج والشتائم واللعن والخرافة بدلا عن لغة العقل والأدب، واحترام الاخر كما كان يتصف بذلك خطاب المرحوم الوائلي.                 

 ٣- السمة البارزة للمنبر الحالي الذي يمتلك الصوت المرتفع هي نشر الكراهية وبث الاحقاد وإثارة الطائفية بين أبناء البلد الواحد بدلا من توحيد الأمة ومحاولة جمع شتاتها والوقوف بوجه من أراد بها سوءا.

4- الغلو والتطرف والفوضى وعدم الانضباط.

 

 أسباب تدهور المنبر الحسيني:

 يبدو ان المرحوم الشخ الوائلي كان يمثل صمام الأمان امام تدهور الخطاب الحسيني اذ شاهدنا التحول المفجع بمستوى المنبر بعد رحيله بحيث تغيرت ذائقة الانسان الشيعي الذي كان يعتبر في السابق الشيخ الوائلي رحمه الله مقياسا يقاس عليه مستوى اي خطيب اخر اصبح لاينسجم ولا يأنس الا بالخطاب الهزيل البائس غالبا.                                  أما اهم أسباب هذا التدهور فهي على نحو الإجمال:        

 ١- انتشار ظاهرة الأمية وبلوغها درجات غير مسبوقة نتيجة حروب النظام المقبور والحصار الظالم الذي تسببه على الشعب العراقي.                                                        ٢- عدم تبني المؤسسة الدينية لمشروع ينهض بالمنبر ووضع ضوابط تحدد مسيرته.                                              

 ٣- انخراط اغلب السياسيين من اصحاب الامكانات المادية والفضائيات التي يمكن ان تساهم في الوقوف امام التدهور الحاصل، خصوصا وأنهم صدعوا الرؤوس فيما سبق بدعوات اصلاح الخطاب الديني والحسيني على وجه الخصوص، انخراطهم في معادلة حساب الربح والخسارة حيث اضحى ما يهمهم من كسب أصوات الناخبين اهم من مسألة المشاركة في إصلاح المنبر الحسيني حتى تحول بعضهم الى مروج لما كان يطالب يوما بإصلاحه!!!          

  ٤- تقاعس الحكومة عن تبني مقررات تضبط إيقاع الخطاب الديني وتجرم خطاب الكراهية والطائفية حماية لمواطنيها وحرصا على التعايش السلمي والأمن المجتمعي. اذ ليس من المعقول ان يبقى العراق ساحة مشرعة لمن هب ودب ان ينفث سموم حقده وعقده النفسية وتخلفه لتتحول الى مفخخات ضحيتها المواطن البريء.                           

وفي الختام لابد من الإشارة الى ان الذين تعرضوا للمرحوم الشيخ الوائلي وهتفوا بسبّه في يوم عاشوراء وعند ضريح الامام أبي عبد الله الحسين (ع) لاشك ان ورائهم صاحب مشروع وان لم يكن موقف صارم من ذلك ولَم يوضع حد لمثل هذه الانتهاكات فلن يتوقف اصحاب هذا المشروع الخبيث عند الشيخ الوائلي بل سيتعدونه الى غيره من رموز الأمة وعلمائها.

 

.......................

موجز المحاضرة التي ألقيتها في الندوة التي عقدتها رابطة الشباب المسلم في بريطانيا عن الشيخ الوائلي رحمه الله تعالى

 

في المثقف اليوم