أقلام حرة

جواد عبد الكاظم محسن: سرقة أدبية مشينة جدا

jawad abdulkadomكتاب (عامان في الفرات الأوسط) لمؤلفه عبد الجبار فارس من الكتب القيمة في مادته وصدق وجرأة كاتبه، وقد صدرت طبعته الأولى والأخيرة سنة 1353هـ (1934م) عن مطبعة الراعي في مدينة النجف الأشرف، ولعدم تكرار طبعته صار من الكتب النادرة جدا، ولا يعثر عليه إلا في المكتبات العامة الكبيرة في بغداد وربما في النجف وكربلاء، وعدد محدود من المكتبات الخاصة لكبار الباحثيين المعنيين بتأريخ العراق الحديث .

هذا الكتاب المعتبر تعرض قبل ثماني سنوات إلى سرقة غريبة ومشينة جدا من قبل دار نشر شهيرة في بيروت ولديها موقع على الانترنيت وصاحبها شخصية عراقية معروفة في عالم الناشرين، وهي الدار العربية للموسوعات، إذ أعادت طبع هذا الكتاب كاملا وبصورة حرفية سنة 2008م / 1428هـ مع تغيير عنوانه واسم مؤلفه عن عمد ومع سبق الإصرار لإخفاء الجريمة، فجعلت عنوانه (كربلاء – الحلة – الديوانية قبل 75 عاما حياتهم – تقاليدهم – قبائلهم – أشعارهم) وأبدلت اسم مؤلفه إلى (السيد حسين علي النجفي)!! والأخير اسم مجهول في عالم الكتابة والتأليف بل نستطيع التأكيد أنه اسم وهمي !! لأن الدار قالت إن هذه هي الطبعة الأولى للكتاب ؛ أي لم يسبق للمؤلف (المختلق) طبع كتابه (المسروق) على الرغم من مرور 75 عاماً على تأليفه !! كما أن وضع (75 عاما) ضمن العنوان هو فارق السنين الهجرية بين الطبعة الأولى لمؤلفه الحقيقي عبد الجبار فارس سنة (1353هـ) وإعادة طبعه مسروقا بعنوان واسم مؤلف مزيف سنة (1428هـ)!!

1125-books

مؤلف الكتاب الأصلي هو المهندس عبد الجبار فارس، شخصية معروفة، ومادة الكتاب ضمن اختصاصه، وتطابق عمله في دوائر الري في منطقة الفرات الأوسط ومدة بقائه فيها، وقد ذكره كثيرون ومنهم كوركيس عواد في معجمه (2/217)، وقد طبع في مطبعة الراعي النجفية لصاحبها الأديب العراقي الرائد جعفر الخليلي، والكتاب منذ صدوره سنة 1934م وحتى الآن محل ثناء وإعجاب كل من اطلع عليه، وقرأ مضمونه .

ومن المضحك المبكي قيام (الدار العربية للموسوعات) نفسها بسرقة إضافية إذ حذفت اسم الأستاذ محمد أفندي الهاشمي من مقدمة الكتاب الأصلي، ونسبتها للناشر أي لها، وحذفت كلمة المؤلف لعدم حاجتها لها بعد أن سرقت كتابه بالكامل!!

توزعت عناوين الكتاب الأصلي على 23 عنوانا فرعية هي مجموع ما احتواه الكتاب من موضوعات، وقد نقلتها الجهة السارقة كما هي من دون أدنى تغيير، ما عدا ثلاثة عناوين، وهي :

1. في العنوان رقم 18 (معيشة العشائر) ص 90 ؛ جعلتها (حياة العشائر) ص107!!

2. في العنوان رقم 19 (حالة العشائر الاجتماعية) ص95 ؛ جعلتها (حياة العشائر الاجتماعية) ص113!!

3. في العنوان رقم 20 (المرأة عند العشائر) ص118 ؛ جعلتها (العشائر والمرأة) ص133!!

ونؤكد هنا إن التغييرات الطفيفة الثلاثة السابقة في العناوين فقط، وبقيت النصوص المسروقة كما جاءت في الكتاب من زيادة أو نقصان حتى ولو بحرف واحد !!

لقد كتبت لصاحب الدار رسالة، وبعثتها على بريده الالكتروني، قلت فيها :

((الأستاذ خالد العاني المحترم

تحية طيبة

قرأت كتاب (كربلاء – الحلة – الديوانية قبل 75 عاما حياتهم – تقاليدهم – قبائلهم – أشعارهم) الصادر عن داركم سنة 2008م / 1428هـ، فوجدته منقولا حرفيا وبالكامل لكتاب (عامان في الفرات الأوسط) لمؤلفه عبد الجبار فارس الصادر عن مطبعة الراعي سنة 1353هـ سوى خمسة مواضع هي :

4. حذفتم اسم المؤلف الحقيقي (عبد الجبار فارس)، وجعلتم محله اسم (حسين علي النجفي) والثاني اسم وهمي لا وجود له في عالم الكتابة والتأليف .

5. حذفتم اسم الأستاذ محمد أفندي الهاشمي من مقدمة الكتاب الأصلي وجعلتم محلها كلمة (الناشر) .

6. في العنوان رقم 18 (معيشة العشائر) ص 90 في الكتاب الأصلي؛ جعلتموها (حياة العشائر) ص107في كتابكم.

7. في العنوان رقم 19 (حالة العشائر الاجتماعية) ص95 في الكتاب الأصلي ؛ جعلتموها (حياة العشائر الاجتماعية) ص113في كتابكم .

8. في العنوان رقم 20 (المرأة عند العشائر) ص ف118 في الكتاب الأصلي؛ جعلتموها (العشائر والمرأة) ص133في كتابكم .

لذا رأيت قبل كل شيء الكتابة إليكم لمعرفة ما حدث ؛ وانتظر وصول جوابكم الذي أرجو أن لا يتأخر .. مع التقدير .

 

جواد عبد الكاظم محسن

الجمعة 18 ت2 2016))

ولم يرد على رسالتي ولن يرد أبدا، وماذا عسى أن يرد سارق على من اكتشف سرقته، ووضعها أمام عينيه؟! وكان يظنها لا تكتشف لندرة الكتاب، كما أنه استهان بذاكرة الباحثين وذكاء القراء !!

لكن بودي أن أسأل السارق (صاحب الدار العربية للموسوعات) أمام الملأ كافة عن سبب فعلته المشينة هذه التي لا تتناسب ومكانته وسمعة داره بين دور النشر وجمهور القراء، فإن كان الربح المادي؟ فأقول: وهل يجوز الربح بهذه الطريقة الشاذة والبائسة في السرقة والتزوير؟! وإن كان بسبب أهمية الكتاب وندرته ؟ فأقول : أما كان من الأفضل أن يعيد طبع الكتاب كما هو وباسم مؤلفه الحقيقي، بغض النظر عن الجوانب القانونية وحقوق الطبع للورثة، وكنا وجدنا له بعض العذر، بلربما شكرناه على صنيعه، كما يحدث مع بعض دور النشر إذ تعيد نشر الكتب المهمة والمفقودة خدمة للثقافة - كما تقول - من دون الحصول على موافقة مؤلفيها أو ورثتهم، وذلك أهون الشر!! أما سرقتها بهذا الشكل الغريب والمخزي، فهو محل إشكال شرعي وأخلاقي وقانوني، ولا يمكن أن يقدم عليه إنسان مثقف يحترم نفسه وسمعته ومهنيته في العمل.

 

في المثقف اليوم