أقلام حرة

محمد حسن الساعدي: قادمون يا نينوى.. معركة التسويات التاريخية!!

بعد الانتصارات الميدانية الاخيرة للقوات الأمنية والحشد الشعبي والعشائر، تم احكام السيطرة على اغلب مناطق محافظة نينوى، وبشطريها الشرقي والغربي، ولَم يبقى سوى اقتحام مدينة الموصل، تمهيداً للسيطرة على مركز المدينة وتحريرها من دنس داعش، إذ يمكن اعتبار معركة الموصل، فاصلة ومصيرية، لانها حظيت باستعدادات كبيرة ومتميزة، وتنسيق عالي بين القوات المشاركة، بالاضافة الى المشاركة اللافتة لقوات البيشمركة في عمليات التحرير، اضافة الى ازدياد الطلعات الجوية لقوات التحالف الدولي على تجمعات داعش في داخل احياء المدينة .

المؤثرات السلبية في المعركة لم تؤثر كثيراً على سيرها، اذ ان التصعيد التركي ومحاولة اشغال أو تمويه الجهد العسكري ذهب ادراج الرياح، ولَم يعد اَي اثر لهذا التدخل، والذي كان من المعول ان يكون سفينة إنقاذ لداعش وحماية لتحركهم في الموصل، كما ان الاجماع الوطني على ضرورة إنهاء ملف داعش وانهاء وجوده كان معززاً له المعركة، اذ لم تضع القيادات العسكرية اَي خطوط حمراء في مشاركة من يريد المساهمة في معركة التحرير، الامر الذي اُعتُبِر وقفة وطنية موحدة ضد تنظيمات داعش، وانهاء وجودها في البلاد، ناهيك عن التنسيق العالي، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لإدارة المعركة، وفيها جميع القوى المشاركة، كما ان هناك حرصاً كبيراً على ان تكون المعركة بيضاء قد الإمكان مع الحفاظ على الممتلكات العامة، وتقليل الخسائر، والوقوف بحزم امام اَي صراع اثني أو عرقي .

اللافت في هذه المعركة هو الحرص بان لا يكون هناك اَي تغيير في خارطة الموصل، وان اَي تغيير أو تبديل في خارطتها يترك لاهلها لتقرير مصيرهم، وهذا ما أكده اغلب القوى السياسية سواءً السنية أو الشيعية أو حتى الكردية، الامر الذي يجعلنا نتجاوز مرحلة التقسيم والتجزئة، وربما يبدو ان الامر ليس بهذه السهولة، اذ ان هناك تحذيرات كبيرة انطلقت من جهات عدة تحذر من خطورة ما بعد طرد داعش، وربما هناك بعض هذه التحذيرات في محلها، ولكن بعض هذه التحذيرات يدخل في إطار التأثير على سير المعارك اليومية، ومراحل تحرير المدينة .

اعتقد وكما يرى البعض من المحللين ان معركة الموصل ستكون هي حجر الزاوية في التسوية التاريخية في البلاد، وان هناك مقدمات لهذه التسوية، تمثلت في نهاية داعش، وتحرير الارض، وإيجاد التوافقات السياسية من اجل حل مشاكل البلاد، كما مجمل الأحداث في المنطقة توكد هذه النظرية، فان التسوية في لبنان، وانتخاب رئيسي الجمهورية والوزراء، هو مقدمة مهمة لحل جميع المشاكل في لبنان، ناهيك عن الخطوات المهمة في الملف اليمني والذي يدخل في ملف التسوية في المنطقة، الامر الذي يجعلنا امام متغيرات مهمة في المنطقة، دون المساس بالخارطة الفعلية لدول الصراع، وان التغييرات ستكون فقط في داخل الحدود الإدارية لمناطق الصراع، مما يعني اننا امام مشهد اخر يتمثل في فيدرالية ادارية أو كونفدرالية، تسير نحو حكم المحافظات لنفسها، الامر الذي يعزز نظرية ان المنطقة برمتها وتحديداً العراق يسير نحو التهدئة والاستقرار.

 

في المثقف اليوم