أقلام حرة

محمد علي النجار.. الشاعر الذي أرَّخ وفاته

فقدت مدينة الحلة يوم الثلاثاء 14 شباط 2017م شخصية مرموقة وإنسانا طيبا وشاعرا مميزا هو السيد محمد علي النجار آل يحيى الموسوي، فأحزن برحيله أهل مدينته كافة ومن عرف فضله من خارجها من أهل الثقافة والأدب .

اشتهر السيد النجار بنظمه للتاريخ الشعري، فأرّخ شعرا ما شهده ورغب في توثيقه من أحداث مهمة، وكان السيد حسام الشلاه قد جمع أغلب مانظمه السيد النجار وأودعه في كتاب صدر قبل سنوات بعنوان (ديوان التاريخ الشعري للشاعر السيد محمد علي النجار)، وقد قسمه إلى ما قيل في : المساجد والمراقد والحسينيات والولادات والوفيات والمتفرقات، ومن المتفرقات ما أرخ به صدور مؤلفات أصدقائه، ويمكن القول إن الحلة لم تعرف في العقود الستة الأخيرة شاعرا مجيدا اهتم بالتأريخ الشعري ونظم فيه بإبداع وسرعة بديهية كالسيد محمد علي النجار .

أما في الجانب الاجتماعي فللسيد النجار مكانة سامية في المجتمع الحلي وخارجه ؛ ليست لانتسابه العلوي فحسب وإنما لأخلاقه الرفيعة وسيرته الحسنة منذ ريعان شبابه وإلى يوم رحيله الحزين، وهو شجاع غاية الشجاعة في قول الحق وردع الباطل، وأذكر له – رحمه الله - موقفا نبيلا معي حين أقيمت ضدي دعوى قضائية بعد صدور كتابي (الشيخ علي عوض الحلي ؛ حياته وأدبه) بخصوص نسبه إذ أراد البعض تزييفه، ولهذا الموضوع قصة سأعود لها ذات يوم في المستقبل القريب إن شاء الله ..

صدر للسيد النجار ديوان شعره، وهو كتاب كبير، وفضلا عما ألفه السيد حسام الشلاه عن (ديوان التاريخ الشعري) فقد ألف الدكتور سعد الحداد كتاب لطيف ومفيد عنه بعنوان (السيد محمد علي النجار سيرة وشعر) .

ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن السيد النجار قد أرخ وفاته عند شعوره بدنو أجله، وهذا من غريب المصادفات إذ لم يسبق لشاعر أن أرخها من قبل حسب إطلاعي، فقد نشر الدكتور عبد الرضا عوض قوله مؤرخا وفاته :

لقد نظمت تواريخا منوعة      وما تفاخرت يوما في تواريخي

وتلك آخر أيامي مؤرخة        (وها هنا مات نجار التواريخ)

وفي نشر الباحث محمد عبد الجليل شعابث قوله:

لقد نظمت تواريخا منمقة      وما تفاخرت يوما في تواريخي

ولفظ الجلالة تقديسا وتكملة     أرختها (مات نجار التواريخ)

وكان الدكتور سعد الحداد قد أرّخ وفاته ساعة سماعه بالنبأ  المؤلم، فقال في قصيدة نعيه :

يبقى نصيبُ المرء في النقصانِ      إنْ لم يكنْ في العُمْرِ من أثمانِ

ولدٌ له يدعو وسَيْلُ مناقبٍ               وأَثَارَةٌ تنمو مع الأزمانِ

والسيّدُ النجار مُجْمِعُها معاً             طِيْبَ الصِّفاتِ بملمحِ الإحسانِ

فمحمَّدُ النَّجار أرْسَى ذكرَهُ              نَفْحَاً من الأطيابِ والإيمانِ

فدَعِ الـ (بُكَا ) عمَّا مضَى تأريخُه     (والذكرُ للإنسانِ عُمْرٌ ثانِ)

23+957+222+310+551= 2017م

اللهم تغمد روح السيد محمد علي النجار بالرحمة والرضوان، واجعل مكانه عندك مع الذين أنعمت (عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)..

 

جواد عبد الكاظم محسن

في المثقف اليوم