أقلام حرة

الهلال النفطي الليبي بين السياسيين والعسكر

شهدت ليبيا في الأيام الماضية أحداثاً متسارعة ودراماتيكية على الصعيدين العسكري والسياسي، فأجأت كل المتتبعين للمشهد الليبي . على الصعيد العسكري : فجأة تقدم خليط هجين من المجموعات المسلحة على رأسها ميليشيا "سرايا الدفاع عن بنغازي"، وبعض المكونات المسلحة الإسلامية الراديكالية المؤدلجة ومع مليشيات جهوية من مدينة "مصراتة" تحديداً وغيرهم ممن يناصبون العداء للمشير خليفة حفتر والجيش، تقدموا نحو منطقة "الهلال النفطي" وإستولوا على ميناءي "السدرة " و"راس لانوف" النفطيين الهامين والإستراتيجين وإنتزعموهما من الجيش وبالتواطؤ مع بعض أهل المنطقة المتذمرين من "الجيش" التابع لمجلس النواب، ورغم مقاومة "الجيش" لم يتمكنوا من إسترداد الميناءين الاستراتيجين ....ثم يبادر "المجلس الرئاسي" بشجب العملية ويصفها بالإرهابية، وتهتز هيبة"الجيش" بقيادة "حفتر "نظراً للسهولة التي تمت بها العملية،حتى ظهر الارتباك على المتحدث بإسم هذا الجيش في مؤتمره الصحفي عقب هذه العملية..ليتبين فيما بعد أن ميليشيا "سرايا الدفاع عن بنغازي" ومن معهم قد خططوا لهذه العملية وهذا الإختراق جيداً وتزودوا كما يجب بأحدث المعدات اللوجستية لتنفيذ هذه العملية الخاطفة، وتردد أن وراءها قطر وتركيا وإيطاليا...ثم يعود المجلس الرئاسي على لسان أحد أعضائه"أحمد كجمان" ليصرح بأن البيان السابق الصادر من المجلس الرئاسي الذي تم فيه شحب العملية لايمثل كل الأعضاء، ولاحقا تم مباركة هذه العملية من بعض المليشيات الجهوية، وأيضاً عاد المجلس الرئاسي لمباركة العملية، وعين "إدريس ابوخمادة"على رأس "حرس المنشآت" التابع للرئاسي والذي أعلن لاحقاً استلامه للميناءين ..وتنادت المجموعات والتشكيلات العسكرية من مناطق ليبية عديدة لنجدة "الجيش" من أجل إسترداد السيطرة على الميناءين ... على الصعيد السياسي: بادر سفراء كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومندوب الأمم المتحدة بشحب هذه العملية بإعتبارها تقوض التوافق السياسي، وإمتنعت كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا عن التنديد بهذه العملية، بما يعني ترحيباً ضمنياً بهذه العملية وتبعاتها...ولاحقا بادر مجلس النواب بعقد جلسة لرفض الاتقاق السياسي"إتفاق الصخيرات" والذي إنبثق عنه المجلس الرئاسي، مما يعني العودة لنقطة الصفر،وقرروا تحديد موعد ﻹنتخابات برلمانية ورئاسية .. لينقسم مجلس النواب على نفسه، بعد أن بادر الأعضاء المؤيديون للإتفاق السياسي برفض ماإنبثق عن مجلس النواب، وتعهدوا باﻹجتماع في طرابلس بعيدا عن مقر قبة البرلمان في "طبرق"الشرقية، مما يمثل بوادرا للإنقسام ..... الخلاصة: إن المشهد الليبي المتأزم أصلاً أصبح أكثر تأزما وتعقيداً، في ظل غموض وغياب إرادة دولية أو إقليمية واضحة وحقيقية ﻹنهاء الصراع الليبي الليبي، بالتزامن مع إستعصاء الوصول الى مقاربة محلية عميقة لتحقيق مصالحة حقيقية وشاملة لكل الليبيين تمثل قاعدة صلبة لتأسيس دولة ليبيا الجديدة المرتقبة، والتي مازال نهوضها متعسرا، وأيضاً في ظل شبهة نية تمكين الإرهاب في ليبيا من بعض الأطراف الدولية وجعلها مكبا بعيدا للتطرف، وأيضاً مع محاولات بعض الدول الكبرى لتشريع توطين المهاجرين واللاجئين في أرض ليبيا الشاسعة بعيداً عن الضفة الشمالية للمتوسط، ومالم يعي الليبيون هذه الأبعاد والمرامي، ويعضون على القلوب وينجزون المصالحة، فإن القادم أسوأ وأنكى وأدهى..

 

د. ابو بكر خليفة ابو بكر.

 

 

في المثقف اليوم