أقلام حرة

ماذا بعد عملية "البرق الساحق" وإسترداد الهلال النفطي الليبي؟

إندحرت مرة أخرى مايسمى بمليشيا"سرايا الدفاع عن بنغازي"ومن تحالف معها وهم يجرجرون أذيال الخيبة والهزيمة، وخسر الرهان أيضاً معه " المجلس الرئاسي" الذي غامر بمباركة هذه الجماعات ، وبذلك سقطت ورقة التوت عن هذا المجلس البائس ، وهاهو يتقلب في خذلانه ، وانتصر من جديد "الجيش الليبي" والذي يضم وحدات مسلحة من كل أنحاء ليبيا ، في عملية أطلق عليها "البرق الساحق" وكانت هذه العملية من الناحية العسكرية على قدر عالي من التخطيط الناجع، تكبد فيها ذاك الخليط الهجين من المليشيات خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ، هذا الخليط الذي يفتقد الى التجانس كما يفتقر الى العقيدة والتي تتطلبها حرب مصيرية كهذه، والتي تستهدف مورد وقوت الشعب الوحيد في بلد ذو إقتصاد "ريعي "يمثل "النفط" مورده الوحيد ، هذا التجانس والعقيدة اللتات تتوفران أكثر في عناصر"الجيش الليبي" حيث تنادى أفراده من كل أنحاء ليبيا تلبية لنداء الوطن أولاً وﻷمر قيادة "الجيش" ثانياً من أجل دحر المعتدين. ..ولكن هذه المرة يجب أن يكون مابعد هذه العملية ليس كما هو قبلها ، من النواحي السياسية والإقتصادية والعسكرية وحتى اﻹجتماعية.  أولاً:من الناحية السياسية يجب أن يكون هناك زخم سياسي كبير ، ويجب أن يتحرك "مجلس النواب" بفاعلية كبيرة ، ويتجه الى كل المحافل الدولية من أجل توضيح حقيقة مايدور حول الهلال النفطي، وأيضاً تفصيل كل مايتداخل في المشهد الليبي، والنسج على منوال ماتم عند إرسال الدكتور "عارف النايض" الى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام هناك بتوصيف وتحليل مايحدث في ليبيا، وتسليط الضوء خاصة على القوى المحركة للأحداث في المشهد الليبي، ودور الإسلام السياسي ، والجماعات المؤدلجة في إرباك وتأزيم الأوضاع في ليبيا ، أيضاً ربما يجب العودة الى'الصخيرات" لتعديل الإتفاق السياسي ، وإزاحة اﻷسماء الجدلية ، من أجل تحقيق توافق سياسي أعمق .

ثانياً: من الناحية الإقتصادية يجب إنهاء إنقسام المؤسسات اﻹقتصادية، وخاصةً المصرف الليبي المركزي المنقسم عمليا، والذي يصب إنقسامه في صالح دعم الإسلام المؤدلج ، والكيانات المنبثقة عنه والمليشيات المتحالفة معه ، وكذلك فإن المؤسسة الوطنية للنفط يجب أن يكون ولائها التام للشرعية ، ويجب أن تنأى عن تأثير التجاذبات السياسية وخاصةً التي لاتصب في صالح الوطن.

ثالثاً:من الناحية العسكرية يجب أن تكون عملية" البرق الساحق" مناسبة هامة لترسيخ كيان "الجيش الليبي" "والعمل على تعزيزه أكثر، وأيضاً يجب التعامل مع بؤر إنطلاق هذه المجاميع المليشاوية المعتدية، وإستئصالها من جذورها، وفق خطط عسكرية محكمة ، وليس فقط مراقبة تحركاتها وإنتظارها حتى تحشد نفسها من جديد ،لأن الخطط العسكرية الناجعة تبنى على المباغتة والأفعال الحاسمة لا على ردات اﻷفعال.  رابعاً:من الناحية اﻹجتماعية يجب أن يتم الفصل بين النزاعات الإجتماعية والنزاع مع اﻹرهاب ، تلك النزاعات اﻹجتماعية التي ترتب عليها نزوح الآلاف من آهالي بنغازي ، والذين ترجع أصول معظمهم إلى أصول غير"برقاوية" ، وهم في أغلبهم من أصول مصراتية، ولكنهم أبناء مدينة"بنغازي "أبا عن جد ، بنغازي والتي تسمى"مدينة الوحدة الوطنية" ، ومن المعروف أن بنغازي كمدينة حديثة أسسها تجار "مصراتة "على وجه الخصوص كان ذلك منذ حقب بعيدة، فبنغازي حاضرة الشرق الليبي هي مثل مدينة "طرابلس"العاصمة تضم كل الليبيين في المحصلة. .. ومن المعروف أن العناصر الإرهابية "الليبية" تنتمي إلى أغلب مدن وقبائل وبطون ليبيا ، لذلك يحب الفصل بين نزاعاتنا الإجتماعية وصراعنا مع اﻹرهاب الذي لا جنسية له، لأننا بفض النزاعات اﻷهلية نكون قد وضعنا اﻷساس القوي والعميق والراسخ لإرساء مصالحة حقيقية وشاملة.

 

د. ابوبكر خليفة ابوبكر 

في المثقف اليوم