أقلام حرة

بين وزيرين.. طارق حمد العبد الله وحيدر الزاملي

jawad abdulkadomلا أظن أحدا تمنى زوال حكم الطاغية صدام مثلما تمنيت، أو فرح بزواله بمقدار فرحي، واعتقدت – واهما – أن الفوضى وأعمال السلب والنهب التي أعقبت سقوطه طارئة وستزول في غضون أيام قليلة أو بضعة أسابيع في أكثر تقدير!! ولكن تدهور الأحوال عامة وازديادها سوءا يوما بعد يوم خيب ظني، وأفقدني الأمل، وأصابني بالإحباط !! ولست وحدي عانيت ومازلت أعاني مما حدث من خراب وتواصل حدوثه إلى يومنا الحاضر، بل هناك ملايين العراقيين يشاركونني الرأي، وقد أصيبوا باليأس كما أصبت به .

ومن شواهد سوء الحال أني منذ عشرة أشهر أتابع معاملة فرز قطعة أرض من داري لحاجة ماسة تتعلق بالصرف على معالجة مريض من أفراد أسرتي، ولم تنتهِ المعاملة بعد !! آخر العراقيل التي واجهتني فيها فضلا عن الروتين القاتل والأسلوب المتخلف في تسييرها ؛ عدم وجود مدقق فني في دائرة التسجيل العقاري في قضاء المسيب يدقق معاملتي وغيرها من المعاملات لكي تنجز بعد قيام معالي وزير العدل بنقل المدقق الفني من الدائرة من دون التفكير بتعويضه أو تنسيب بديل عنه !! وانتظرت مع غيري من المنتظرين أسبوعا وآخر وثالثا وشهرا وآخر وثالثا ورابعا من دون جدوى !! وعلى الرغم من قيامي بنشر رسالة موجهة إلى عناية معالي الوزير بهذا الخصوص، وإرسالها إلى الوزارة ضمن (شكاوى المواطنين) مع اتصالات هاتفية لمرات عديدة من دون فائدة تذكر، أو أدنى اهتمام من أي مسؤول في الوزارة المعنية !!

وأنا أعيش هذه الحالة المؤلمة استذكرت نقيضاً لها حدث قبل منتصف ثمانينيات القرن الماضي حين اختلفت مع دائرتي وشعرت بالغبن عند توزيع مجموعة من الدور السكنية الجديدة على المنتسبين، وحرمت منها، فنشرت مشكلتي في إحدى الصحف المحلية، وفي اليوم التالي قرع بابي مساءً إذ جاء من يخبرني أن وزير الصناعات الخفيفة آنذاك المرحوم طارق حمد العبد الله يطلب حضوري إلى مكتبه الخاص غدا بعد أن قرأ ما نشر عن مشكلتي في الجريدة ..

ومنذ الصباح الباكر كنت في مقر الوزارة حيث استقبلني الرجل في مكتبه أحسن استقبال وأجلسني قربه، واستمع لمشكلتي خير استماع ومن دون مقاطعة، ومضت الأمور وفق القانون وإن لم ترضني تماما، ولكن طلب الوزير لمقابلتي وبهذه السرعة والتفاعل مع معاناتي ترك أثرا طيبا في نفسي لم يمحَ على مرّ السنين .. رحم الله الوزير طارق حمد العبد وجزاه خيرا، وسأترحم عليه كلما تذكرت هذا الموقف النبيل .. كما وجدتني اليوم سائلا نفسي : أيهما أفضل وزير العهد الديكتاتوري الصدامي الذي شعر بمعاناتي من شكوى منشورة في جريدة، فطلبني بتلك السرعة وسعى لحلها، أم وزير العهد الحالي، العهد الذي صدع ساسته رؤوسنا بـ (الديمقراطية) و(الإسلامية) و(التكليف الشرعي) و(مخافة الله)!! بينما صمّ مسؤولوه آذانهم، وسدوا أبواب مكاتبهم، وأغلقوا عقولهم،وحجروا قلوبهم، وتبعهم من تبعهم من مرؤوسيهم، عن سماع هموم المواطنين الملحة وحل مشاكلهم المستعجلة بسبب خلل شنيع في قراراتهم وسوء إدارتهم واستغلال بشع لسلطاتهم ؟!!

وللحديث صلة..

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

في المثقف اليوم