أقلام حرة

التنصل خطوتين الى الوراء

abdulkalil alfalahلقد أضحى من المستحيل أن تجتمع أو تتفق أو تشارك الكتل السياسية على راى واحد اتجاه اي قضية وطنية وقراءة متقاربة والأمثلة واضحة مشهودة وتتجلى في تباين المواقف السياسية من المشاركة والمقاطعة  في الحوار ولم تختمر لحد الان لديهم رؤيا للبناء . يعتقد البعض بأن الحاجة الى الاخلاق في ميدان السياسة أنتفت وبطلت وغلبت عليها اللقمة السائغة  في اكثر الاحيان، صحيح السياسة علم مستقل بذاته أو منظومة من القواعد التي تنظم المصالح وتديرها، ولكن تلتقي أو تبتعد عن الاخلاق بحسب دائرة النشاط ولوازمه عند البعض، وللذين يتنصلون عن التعهدات وعناوين الاخلاق أسباب قد لاتكون مقنعة ، ولهذا التنصل عمق في التأريخ وأصالة في النفس البشرية . ان السياسة هي فعل الممكن والحوار هو المنهاج القويم  والطريق المستقيم لكل إصلاح رشيد والأسلوب الأنجع لحل الأزمات في أي بلد.و والعراق يعاني منذ تاسيس الدولة سنة 1921 كدولة من أزمات كادت تعصف بكيانها الهش نتيجة لغياب إستراتجية وطنية  لتسير الدولة والتفكير في رؤية موضوعية مما أدى الي اضطراب الوضع الاجتماعي والأخلاقي والتدهور الاقتصادي رغم الموارد المتعددة والمتنوعة.

ومن هنا فأن اليوم يعاني هذا البلد من أزمة نخبة حاكمة تتجاوز مرحلة الوهن وحب السلطة والوظائف والامتيازات للعشيرة واللعب على وترها وغاب الاصلاء وسط ضجيجهم مما يستوجب منهم خلع هذا اللباس والكف عن الخيانة المبطة والظاهرة وعليهم الاقتراب إلى مرحلة النخبة الوطنية الصادقة مع ذاتها ووطنها والتعامل مع القضايا الوطنية بكل شجاعة ومسؤولية ورؤية إستراتجية ومراجعة الذات والأدوار وتحديد دور الطبقة السياسية التي تحكم منذ عام 2003 دون ان تقدم غير الذل والهوان والتي بلغت من الانحدار عتيا ووهن منها العظم دون أن تقدم جديدا علي  طريق بناء دولة المواطنة.

 فالأمر يحتاج إلى وعي وطني ،و تعاون النخبة الوطنية مهما كانت مشاربها الفكرية والسياسية والاجتماعية فالوطن يجب ان يكون محور الاجماع الذي يجب على جميع تقديسه وعدم المساس بثوابته الدينية والوطنية، فكل الاختلافات واردة ومطلوبة ومقبولة ،فالاختلاف محمود على ان يكون مثمراً في ظل الوحدة الوطنية والثوابت الحضارية للأمة واذا لم يتجاوز المسؤولية الحقيقية ،أما الخلاف المذموم فهو الخلاف  في حجم الانتماء والولاء للوطن وعلى حساب الاخر وابتلاع الحقوق وهو أمر مرفوض وغير مقبول وترفضه كل الشعوب التي تحترم قيمها واستقلالها وارضها .سياسيوا العراق كلٌ يقرأ الأزمة من رؤيته الخاصة لا أحد على استعداد لتغيير تلك الرؤية. ولايرضون أن يكونوا بمستوى المسؤولية والأمانة حرصا على مصالح البلاد والعباد فلا يرون أن البلاد تعيش أزمة ويترنمون آناء الليل وأطراف النهار بانجازات خاوية .مع العلم ان إنجازات الساسة  لشعوبها ليس تفضلا أو منة وإنما هو الحد الأدنى المنتظر منهم "فلكل راع والكل مسؤول عن رعيته " ولا تسير خطوة إلى الأمام وخطوتين الى الوراء...والتي تجر البلد الى المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وتعطل عجلة التنمية. كما يجب أن نعترف أن المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي القائم الحالي على ضعفه وهشاشته هو امتداد الى الحكومات السابقة بمشكلاتها وتناقضاتها وتراجعاتها وطموحاتها وإخفاقاتها فلا جديد يميز الحالي عن الماضي سوى بنسبة التراجع في جميع المجالات ودون ان يقدموا اي خدمة لتطوير البلاد اوتجديد مفاصله .

الطامة الكبرى هي ان القوى السياسية ترمي المسؤولية بعاتق مفوضية الانتخابات التي انتجت هذه الشريحة لادارة البلد وتتهمها بالفساد وتطالب بتغيير مجلس ادارتها .

 

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

 

في المثقف اليوم