أقلام حرة

مكتب قناة العراقية في سيدني... سيمفونية عراقية خالصة بإمتياز

على الرغم من أن مهنة الصحافة تحمل في ثناياها كم هائل من المصاعب والمتاعب والمشاق، إلا أنها تضحى مهنة مستساغة وعندما يكون ممتهنها ذو عقلية مفكرة مدبرة له هدف وغاية ساميتين، ويتمكن من إحداث صوت يخاطب عقول الرأي العام المسؤول، وعلى يقين بأن الإعلام رسالة حقيقية ويعتبر من أهم وسائل التواصل بين المجتمعات المختلفة، وبين الناس في جميع أرجاء المعمورة، وليست تجارة وشعارات تتغير وتتبدل بتغير الأبواق.

وقد ألفنا هذه الحقيقة ولمسناها عندما عرفنا السيد سمير قاسم، مدير مكتب قناة العراقية في أستراليا، ذلك الجندي المجهول الذي حمل على كتفيه هموم وطن قبل أن يحملا كاميرته، وتتفجر مشاعره حبا وشغفا لتلك الأرض المباركة وشعبها. ألفناه شاعرا بمسؤولية الكلمة، وآخذا بنظر الإعتبار أن للكلمة المسموعة تأثيرا يفوق ما للكلمة المكتوبة من تأثير، وذلك بسبب من سهولة متابعتها، وعدم إحتياجها إلى مهارة القراءة، ودخولها لكل بيت ومن دون إستئذان.

1318 Samir

قبل بزوغ الشمس تجده متوجها لجامع وعند الزوال قاصدا كنيسة وعصرا يعتني معبدا، وتجده في تجمع عربي مغربا وفي تجمع كردي ليلا، لا يعرف للقومية والعرق وجود ولا للدين والمذهب من أثر، ولكنه معلوم الهوية والإنتماء، وواضح المشاعر والإتجاه، تجد العراق يتجسد فيه حبا وعشقا وغراما، لا تأخذه في حب وطنه لومة لائم، مقدما مصلحة الوطن الكبرى على مصلحته الذاتية.

تراه يستأذن الدخول الى مكان ما ليغطي حدثا أو نشاطا ما، لكنه لا يستأذن القلوب ليدخل اليها من خلال دماثة أخلاقه وطيب معشره وحسن معاملته، يدب الى الروح دبيب النمل وينسل الى الوجدان كنسيم عليل، يدغدغ حبه المشاعر ويثير شخصه الأحاسيس وتحرك طيبته الوجدان. وبذلك فقد جعل لنفسه قبولا لدى أبناء الجالية العراقية في استراليا، وله تأثيرا إيجابيا عليهم، كونه لصيقا بهم، قريبا منهم.

ينقل الأخبار بموضوعية وشفافية وحيادية ودون تحيز شخصي، ومبتعدا تماما عن الذاتية، محترما الحقائق وملتزما بقانون أخلاق المهنة إلتزاما تاما، متقبلا للتوجيه والنقد والتقويم، راصدا للأحداث وناقلا للوقائع بصدق وأمانة وفن، نائيا بنفسه عن المبالغات والتهاويل، باحثا عن الحقيقة أينما وجدت ومتحريا المصداقية في نقله للأحداث والوقائع أينما حدثت.

تغطيته للنشاطات والفعاليات التي تقوم بها الجالية العراقية في أستراليا مبنية على معايير من الوطنية والكفاءة وعدم المحاباة والجودة والسلاسة والجمال والقرب من الذوق العصري، وتنم عن ثقافة واسعة وعقلية متفتحة.

يبذل جهودا مضنية ليعكس مشاعر الجالية ويجهد النفس ليمكنها من التعبير عن آرائها، ومقيدا نفسه بمصلحة الجالية العراقية بأجمعها. وغالبا ما يسعى لإيصال رسالته هذه بكل إخلاص وتفان من دون تحريف للأحداث والوقائع، وتجده نائيا بنفسه عن تملق المصادر أو يكون أداة لتلميعها بحق أو دون حق. ويحاول أيضا وبكل ما أوتي أن يتجنب كل ما يثير العنف والكراهية في أوساط الجالية من خلال نشر وبث الأخبار والمعلومات الصحيحة الصادقة والأخبار الموثوقة.

وغالبا ما كان أداة إصلاح وبناء في أوساط الجالية هنا وأداة معبرة عن معاناة الجالية، ويعالج وبكل موضوعية ومهنية أي قضية يتناولها وبكل نزاهة، وعلى وجه الخصوص، تلك القضايا التي تشغل بال المهاجر، وتحوز جل إهتماماته، من أمثال الحنين الى الوطن، وقضايا وحوادث أخرى تمس مجتمعه وحياته وإحتياجاته اليومية والمعيشية، بعيدا عن الدعائية وخدمة الأجندة الشخصية، وكان ولا يزال يمثل ذلك المنبر الحر والذي يعبر بحرية تامة عن تطلعات وآمال وطموحات أبناء الجالية العراقية هنا.

إنه يمثل بعدسته عين العراق التي ترصد حركات أبنائها في المهجر وسكناتهم، وترقب بعين الراعي والحامي ما يفرحهم أو ما يسوؤهم. وقد بذل ولا يزال جهودا جبارة من أجل إبراز النجاحات التي تحققها الجالية العراقية في أستراليا والتي من خلالها كانت لهم بصمتهم في هذا البلد، وعمل جاهدا على التعريف بهم في أوساط مواطني هذا البلد وباقي أفراد الأقليات العرقية في مجتمع متعدد الثقافات والأعراق، وبذلك فقد كانت قناة العراقية جسرا حضاريا يحمل رسالة واضحة.

وكذلك يمثل الحبل السري الذي يربط أبناء الجالية العراقية بوطنهم الأم، من خلال دأبه على جعل أبناء الجالية العراقية يتابعوا ما يدور وما يحدث في وطنهم الأم ويعيشوا اللحظة بحيثياتها والحدث بتفاصيله، وبكل ما يجري ويدور في بلدهم الأم من شؤون وشجون، ومن أفراح وأتراح، ورصد الحوادث وكل ما يدور في وطننا الأم أولا بأول، وفي مختلف المجالات الإجتماعية والسياسية والدينية والثقافية والإقتصادية، وغيرها من أمور مختلفة تمس واقع وطنهم اليومي المعاش، وتجعله ملما ومطلعا بكل القضايا والشؤون الخاصة والعامة وكل ما يدور في وطنهم الأم، حتى جعل المهاجر العراقي يعيش وكأنه داخل وطنه.

ولعل الإنتصارات التي حققتها قواتنا الأمنية بشتى صنوفها وإسقاطها دولة الخرافة في مدينة الموصل الحدباء خير دليل على ذلك. فقد وجدنا الفرح والغبطة والإبتسامة تعلو كاميرته، التي غطت الفعاليات والنشاطات التي أقامتها الجالية العراقية في أستراليا فرحا وإبتهاجا بهذه الإنتصارات الباهرة، وليعزف من خلال أوتار كاميرته سيمفونية عراقية شجية الألحان وطنية النغمات لتطرب آذان السامعين وتلهب مشاعرهم فرحا وغبطة وإبتهاجا.

وبذلك فقد لعبت قناة العراقية، ممثلة بمديرها، السيد سمير قاسم، ومراسلتها المبدعة السيدة هديل صباح، دورا كبيرا في نشر الفكر والوعي الثقافي والديني والسياسي والإجتماعي في أوساط الجالية العراقية، عبر تبنيها مختلف الآراء ووجهات النظر، وتبني الرأي والرأي الآخر، إنطلاقا من مبدأ حرية الفكر والتعبير، وحرية الرأي والرأي الآخر، وكانت أداة فعالة في تفاعل الأفكار وتلاقحها، والتي تصب في النهاية في الصالح العام وصالح ومنفعة المهاجر، وتساهم في رفع وعي الجالية وتطلعاتها وطموحاتها.

وختاما فعلى صاحبة الجلالة أن تتخلى للسيد سمير قاسم عن تاجها وتمنحه له عرفانا وتعبيرا عن إلتزامه بأخلاقيات مهنة الإعلام والصحافة ومراعاتها والإمتثال لأحكامها، ولما قدمه من خدمات جليلة للجالية العراقية في أستراليا وبمختلف طوائفها وقومياتها وأعراقها ودياناتها، وعمله الدؤوب ليل نهار، ليعيد إلى صاحبة الجلالة ألقها على الرغم من كل المتاعب والمصاعب.

 

الدكتور مكي كشكول

سيدني – أستراليا

 

 

في المثقف اليوم