أقلام حرة

الجيوش الإلكترونية ومؤشرات الرأي العام

bakir sabatinيتعذر على مراكز البحث العلمي دراسة مؤشرات الرأي العام من خلال طرح الأسئلة الإسبيانية عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي؛ وسبب ذلك عائد إلى تدخل الجيوش الإلكترونية المخابراتية في سياق التعليقات، الأمر الذي سيحرف بوصلة النتائج عن أهدافها التي وضع محدداتها الباحث وفق خطة البحث الجاد. من هنا لا بد من تطبيق المعادلة التالية للوصول إلى أقرب النتائج المقنعة، وتقوم هذه المعادلة على اعتبار أن كل اسم مستعار هو عبارة عن جندي موظف في الجيش الإلكتروني لجهة ما، حتى يتم حذفه من سياق الاختبار، ولو كان هذا الحساب لأنثى تتحرج من ذكر اسمها الحقيقي على حسابها، بالإضافة إلى اعتبار وجود هامش من الأسماء الافتراضية على أنها مجرد أسماء وهمية من خلال تصفح الحساب لكل اسم افتراضي، وتقييم الصور الشخصية، وبالتالي تقدير النتائج وفق رؤية الباحث وأهداف الاستبيان.

والمعادلة هي:

أعداد المشاركين الحقيقية= إجمالي المشاركين - (الأسماء الوهمية + الجيش الإلكتروني المخابراتي).

فمثلا لو دخلت موقع تويتر، وقمت بتصفح التعليقات على قضية ما، ولنفترض بأنها تتعلق بفلسطين؛ ستجد بأن معظم التعليقات تنصب في سيل من الشتائم التي ستعصف بالفكرة، ولو درست حسابات الشاتمين من بين المتفاعلين؛ ستجدها ناضبة من المؤشرات التي تدل على شخص حقيقي، ما يدل على كونها حسابات وهمية تتبع الجيش الإلكتروني الصهيوعربي المخابراتي، فما أن تخرج نسبها من سياق البحث ستكتشف بأن التعليقات الإيجابية هي الطاغية على اعتبار أن الصوت السعودي والإماراتي على سبيل المثال، فيما يتعلق بالشأن القطري، مقموعان بموجب قوانين جائرة تصل في الإمارات العربية إلى حدود السجن لخمس عشرة سنة لقاء أية تغريدة متعاطفة مع قطر.

وللتذكير، فقد كتبت عن الجيوش الإلكترونية عدة مقالات، إذ لا حرج من العودة إلى أهمها للتعريف بهذه الظاهرة من جديد، فمثلاً نشرت مقالاً في صوت العروبة التي تصدر من نيوجرسي بعنوان "الجيوش الإلكترونية العربية والدور الإسرائيلي" أشرت فيه إلى أن ما تسمى "إسرائيل” تقوم منذ سنوات بتدريب حلفائها وخاصة في الخليج العربي وبالتحديد في الإمارات العربية وتزويدهم بالخبرات اللازمة لتفعيل هذه الجيوش المخيفة على النحو التنظيمي التالي:

١- قيادة هذا الجيش المرتبط بالقيادة الأمنية.

٢- وحدة التقصي والمعلومات (الاستخباراتية) التي تراقب التغريدات وتكتب تقارير بأصحابها وترسم بيانات التغيرات في الرأي العام وقياس ردات الفعل إزاء القرارات الصادرة عن حكومات تلك الدول.

ومن أقذر مهامها أيضاً مراقبة شبكات الاتصال الهاتفية والحوارات الشخصية التي تدور بين الأصدقاء والأهل في صناديق الحوار الخاصة بحسابات المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي وتجريم من يقبض عليه متلبساً تحت عنوان الجرائم الإلكترونية. وعلى صعيد ذلك، فقد أكد موقع “إنتليجنس أونلاين على أن شركة فيرينت الإسرائيلية فازت بمناقصة كبرى سرية مع الهيئة الإماراتية الوطنية للأمن الإلكتروني (نيسا)، والمؤسسة التابعة لها سيغنالس إنتليجانس (سيجنت) ووكالة المخابرات الإلكترونية. وتشمل الصفقة، التي تبلغ قيمتها 150 مليون دولار، تنفيذ جميع عمليات الاعتراض التي طلبتها الحكومة الإماراتية.

٣- وحدة الهجوم الإلكتروني (الصقور الإعلامية) التي تتصدي للتغريدات المناوئة للأنظمة وتحسين الصورة، والتي توصف لدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالذباب الإلكتروني، حيث يهاجم أفراد هذه الوحدة بتعليقاتهم المواضيع الحساسة والمناوئة إما بالشتم أو التهديد والوعيد وأحياناً كثيرة يقوم هؤلاء الأفراد بحرف المواضيع نحو قضايا حساسة كالتركيز على القضايا الطائفية مثل: (سني وشيعي) لحرف بوصلة العدو عن الكيان الإسرائيلي المحتل وقلب الحقائق.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الطرح من شأنه إكساب المعادلة أعلاه صفة الموضوعية للباحثين الجادين العاملين في مراكز البحث العلمي المستقلة، أو التابعة للجامعات، لا بل ستدعو الباحثين إلى التعمق أكثر في دراسات جادة لموضوع الجيوش الإلكترونية المخابراتية للتوصل إلى وسائل إخراجها من سياق أي اختبار.

 

بفلم بكر السباتين..

 

 

في المثقف اليوم