أقلام حرة

غيث وغوث.. مياه الامطار هل هي نعمة ام نقمة؟؟

بعد شهور من الجفاف وتذرع الناس الى الله سبحانه وتعالى وصلاتهم صلاة الاستسقاء استجاب الله للدعوات وانزل الغيث وياله من غيث..

منذ ثلاثة ايام والامطار تهطل على العاصمة والمحافظات العراقية مما ادى الى انتعاش المزارع والبساتين وامتعاض الناس من تلك النعمة التي باتت نقمة ! فتحولت شوارع العاصمة والمدن العراقية الى بحيرات وفيضانات هائلة تسببت بقطع الطرق ودخول المياه الى بعض المباني الحكومية والبيوت وتعطل التلاميذ عن الذهاب الى المدارس بسبب تعذر الوصول وخصوصا الشوارع الفرعية الترابية الغير مبلطة، ومما زاد الطين بلّة تعطل منظومات الصرف الصحي وطفح المجاري مما ينبأ بكارثة صحية بسبب انتشار الامراض والاوبئة كنتيجة طبيعية لذلك..اما المخيمات فتلك مأساة لوحدها فقد اجتاحت المياه تلك الخيم واحدثت دمارا وشردت النازحين بالعراء اضافة الى سقوط بعض اعمدة الكهرباء وتقطع الاسلاك الكهربائية التي اودت بحياة العديد من الناس خصوصا الاطفال..

تعتمد معظم دول العالم المتقدمة على برامج تحويل مياه الامطار والصرف الصحي الى مياه للري ومياه صالحة للشرب عن طريق تدويرها وتعقيمها بعدة مراحل وبطرق متطورة  ولالمانيا باع طويل في هذا المجال كما وتوجد في مدينة بوزنان في بولونيا منظومة عملاقة ذا كفاءة فائقة لتحويل مياه الامطار والصرف الصحي الى مياه صالحة، اذ تمتلك حالها حال بقية الدول المتقدمة منظومات متطورة لصرف مياه الامطار من الشوارع في حال سقوط الامطار والتي تستمر في اغلب الاحيان لعدة ايام فتجد الشوارع جافة رغم السيول التي تجتاحها ناهيك عن الاستفادة من هذه الثروة لاغراض الري والشرب..

يعاني العراق من جفاف شديد منذ عدة سنوات بسبب قلة الامطار وضعف التمويل المائي من نهري دجلة والفرات نتيجة قيام الحكومة التركية بعمل العديد من السدود مما ادى الى قلة حصة العراق المائية مما ادى الى جفاف البساتين ونفوق اعداد هائلة من الحيوانات وهجرة العديد من الفلاحين الى المدينة بحثا عن عمل تاركين وراءهم بساتينهم ومزارعهم التي جففها الظمأ وقد انجر ذلك الى لجوء الحكومة لاستيراد معظم المحاصيل الزراعية من دول الجوار بسبب الجفاف وعزوف الفلاح عن الزراعة..

ان هذه النعمة-الامطار-اذا مااستغلت الاستغلال الامثل باقامة مشاريع تحويل مياه الامطار الى مياه صالحة للشرب وتفعيل وتطوير عمل منظومات الصرف الصحي وبرمجتها وربطها بشبكة مشاريع اروائية سيوفر للعراق موارد مائية هائلة تمنحه اكتفاءا ذاتيا خصوصا وان الصيف على الابواب..المطلوب وقفة جادة لامتصاص هذه الفوضى العارمة وتحويلها الى مشاريع هادفة لخدمة المواطن من اجل حياة افضل..

مريم لطفي

 

 

في المثقف اليوم