أقلام حرة

ميسوبوتاميا.. من السواد الى السواد

ميسوبوتاميا وتعني بالاغريقية بلاد مابين النهرين،والتي تعد من اولى الحضارات بالعالم والمقصود بها المنطقة التي تقع بين دجلة والفرات،المتمثلة بحضارة بابل وسومر واكد واشور..

اشتهرت هذه المنطقة بغطاءها النباتي الكثيف الذي كان يغطي المنطقة باكملها،وكان لون الاشجار اخضرا قاتما يميل الى الى السواد ومن هنا جاءت التسمية.

كان النظام الزراعي المعتمد هو نظام الري القائم على قنوات مائية منتظمة تروي جميع الاراضي على امتداد النهرين،وقد كشفت التنقيبات ان النظام الذي كان متبعا لري الجنائن المعلقة كان عظيما يعتمد طريقة الانابيب اللولبية التي ترفع المياه الى الحدائق على مدار اليوم..

هذه الهندسة المعمارية والزراعية كانت ولازالت اعجوبة بالنسبة للعالم.ازدهرت الزراعة الى حد كبيروقاد ذلك الى ازدهار الصناعة المعتمدة على الزراعة،وقد احتلت بلاد مابين النهرين مركز الصدارة حضاريا وثقافيا وكانت قبلة العالم..

اما الان فقد جفت الانهار وتحولت الاراضي الزراعية الى صحاري جرداء،حيث جرفت البساتين اما بسبب القصف او لجعلها مناطق سكنية ،فشح الغطاء النباتي مماترتب عليه فقدان مصدات الرياح وهي الاشجارفما ان تهب رياح قوية حتى تغط المدن بعواصف ترابية خانقة تغطي كل شيئ وتسبب الاختناقات خصوصا لمن يعانون مشاكل بالتنفس.

تفرض دول الاتحاد الاوربي ومنها بولونيا اجراءات صارمة على قطع الاشجار فترى المدينة برمتها عبارة عن غابة،واذا اراد اي شخص قطع شجرة بداخل بيته واضع خطين تحت بيته لانه ملك خاص عليه ان يستحصل على موافقة للقطع بان الشجرة تعيق الحركة او ماشابه ذلك،اما بالنسبة للحدائق العامة والجزرات الوسطية والارصفة فهذه لها اهتمام خاص من قبل البلدية ابتداءًا من تغليف الشجرة في حال ترميم الطرق،وضع سور خشبي من ثلاث دعامات لكل شجرة صغيرة لحمايتها من العواصف ناهيك عن تغليفها بايام الشتاء القارص..

في بلاد الرافدين النخلة تغتال بكل وحشية لتبنى بدلها منازل او عشوائيات والحال بعيد كل البعد عن الرقابة وقد انسحب ذلك الى تردي انتاج التمور الذي كان العراق يتصدره،فيقدر عدد النخيل في السبعينات الى 30 مليون نخلة،وقد انخفض هذا العدد كثيرا ليصل الى ستة عشر مليون فقط وهذه كارثة بحد ذاتها..يجب اتخاذ الاجراءات اللازمه للحد من القطع الجائر للنخيل ومد العراق بحزام اخضر يعيد له نشعته واسم بلاد السواد الذي قضت عليه الحروب وحولته من بلاد السواد لكثرة الاشجار الى بلاد السواد لكثرة القبور واللافتات السوداء..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم