أقلام حرة

العرب ومبادئ المحكمة الجنائية الدولية

 ومعالجة ظاهرة الدكتاتورية، ومعاقبة مرتكبي جرائم القتل الجماعي، وجرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي .

والاستفادة من المحكمة الجنائية الدولية من المفترض أن تتم على أسس حضارية، تبتعد عن التقليد الأعمى، والوصاية الخارجية، وذلك بمواءمة  القواعد القانونية الدولية مع القواعد القانونية المحلية (الوطنية)، بصورة واعية لا تتناقض  مع الشريعة الإسلامية، وهذا يقتضي وجود مجمعات قانونية دولية مؤهلة لاستنباط قواعد إسلامية دولية على ضوء التطورات الجديدة للقانون الدولي العام وبضمنه القانون الجنائي الدولي .

ولذا من المفترض على الدول العربية وبضمنها العراق الجديد  أن تستغل مواد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لإقرار قواعد جنائية دولية  تتلاءم مع توجهاتها الفكرية، وتتفق مع مصالحها الاستراتيجية .

ويمكن لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تلعب دوراً فاعلاً في هذا الجانب، خصوصاً أنَّ بين يديها فقهاً إسلامياً يتفق في موارد عديدة مع الفقه الجنائي الدولي الوضعي، لأنَّ الإسلام قد حرم قتل النفس المحترمة إلا بالحق، فمن قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً، وقد قال الله في محكم كتابه العزيز: (من أجل ذلكَ كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)، (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقتلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى? أَهْلِهِ)، (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً).

على صعيد آخر يمكن للدول العربية أن تصادق على نظام المحكمة الجنائية الدولية، وتتحرك لتحقيق العدالة الجنائية الدولية بأوسع معانيها من خلال معالجة إشكاليات نظام روما الأساسي وعيوبه، ليكون منسجماً مع مبدأ المساواة لكل الدول الأطراف . ولذا ينبغي على الدول العربية وبضمنها العراق الجديد المساهمة الجادة  لتطوير مبادئ المحكمة الدولية لضمان النجاح الدائم لها في أداء مهمتها وتأكيد فاعليتها .

والجدير ذكره أنَّ التطوير يجب أن يسهم به الجميع، دون تمييز لدولة على أخرى، ولذا فإنَّ نص الفقرة (8/أ/1) من المادة (36) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية غير ملائم لخلق قاعدة ثقة يجتمع عليها كل المجتمع الدولي، لأنها تؤكد على : مراعاة الدول الأطراف عند اختيار القضاة في إطار عضوية المحكمة الحاجة إلى (تمثيل النظم القانونية الرئيسية في العالم). ومثل هذا النص يُبعد بعنصرية نظم قانونية معتبرة في دول كثيرة عن المساهمة الجدية في تفعيل عمل المحكمة وفعاليتها، خصوصاً وأنَّ ديباجة النظام الأساسي للمحكمة تؤكد على : الروابط المشتركة، التي توحد جميع الشعوب، وأنَّ ثقافات الشعوب تشكل معاً تراثاً مشتركاً .

 

الدكتور قاسم خضير عباس

باحث قانوني متخصص بالقانون الجنائي الدولي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1276 الاحد 03/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم