أقلام حرة

دور الصحافة الكوردستانية في نجاح الانتخابات البرلمانية

من يصدرها، وهذه ايضا تختلف من حزب لاخر من حيث التعبير والتلائم مع الواقع والعصر، ومنها حزبية معتدلة جدا تحاول ان توافق بين الصحافة الحرة المستقلة والحزبية،و منها تحاول ان تكون مستقلة محايدة بشكل تريد ان تحافظ على مصداقيتها على انها لا تميل الى اية جهة او فكر معين وانما وكأنها تعمل من اجل اظهار وكشف الحقائق وبيانها الى الراي العام وبما تخدم العملية السياسية التقدمية ومن اجل الثقافة العامة والوضع الاجتماعي والمعرفي الافضل لابناء الشعب، ولكن ان قيمنا ما تعمل من اجلها انها لم تنجح بشكل مطلق لحد الان لكون ظروف المجتمع والمستوى الثقافي العام والاهتمامات الاعلامية للناس لا تساعد على العمل المستقل لحد اليوم ولا تعطي مجالا اوسع للتمويل الذاتي والاستقلالية دون مساعدة هنا وهناك . ومن الصحف وعلى الرغم من كونها تصدر من قبل جهة او تيار او حزب تحاول ان تحافظ على مصداقيتها كصحيفة ومهامها كشف الحقائق موازية مع الصحف المحايدة وتحاول ان تُصدر وكانها تريد المحافظة على الاستقلالية الخاصة بها وان تكن ملمة بالعمل والاهداف الصحفية الاعلامية فقط دون ان تؤثر عليها ممولوها، ولكنها لم تنجح بشكل مرضي ايضا لانها مهما تحاول فان من ورائها لا يسمح بان لا يستفيد ممن يمولها ومن اجل مصالحها وهو يصرف عليها من امكانياتها،و هذه تكون درجة استقلاليتها مختلفة من صحيفة لاخرى ومن مصدر لاخر، اما الصحف التي تعتبر نفسها مستقلة اهلية محايدة تماما انها تكون الى حد كبير مهتمة بالاخبار وتحت رحمة الاخبار المثيرة من اجل الاكثار في مبيعاتها ولتمويلها وعدم توقفها، وتقع في ازمات مالية ايضا بين حين واخر، وعلى الرغم من محاولتهم الجادة في المحافظة على حيادهم الا انهم لهم توجهاتهم الايديولوجية المرتبطة بمموليهم ومحرريهم ومن يقف ورائهم سرا وعلنا ومن يؤثر عليهم بكل السبل، ويلجئون في اكثر الاحيان الى قراءة المعادلات السياسية من اجل التوافق وعدم تضررهم من اعلان موقف ما وان تطلب الحياد ذلك، وذلك خوفا من مستقبل صحفهم، وهذه الصحف تُستغل ايضا من جهات متعددة متنفذة ويمكن ان تكون معارضة، لتزويدهم بالمعلومات المطلوبة والاخبار المثيرة والتي يمكن ان تكون مفيدة لهذه المصادر في سياساتهم وتوجهاتهم ومحاولاتهم من طرح الاخبار الى السوق بسرية ليتكئوا عليها في صراعاتهم، وكذلك للقدرة المالية والامكانيات المتعددة للجهات والاحزاب ودورها الهام المؤثر على مسار كافة الصحف وان اعتبرت نفسها مستقلة ومحايدة، اي عدم الاكتفاء الذاتي للصحف وبشكل مريح له تاثيراته الكبيرة على مواقف وما يطرح فيها . وبهذا يمكننا ان نصف الصحافة في اقليم كوردستان بشكل عام بانها لازالت في طورها البدائي، وتحصل بين حين واخر وتدخل في ازمات وتخرج من مهامها وتدخل في متاهات ليس من شانها ومسارها ومساحة عملها وتخرج من الخطوط الحمر المفروض وجودها لسلامة مصالح العامة للشعب كما هو حال جميع الدول في العالم، ولا يمكن استثناء اقليم بهذه المشاكل العويصة والمواقف المتعددة،و لا يمكن لاية صحيفة مهما اعتبرت نفسها مستقلة او محايدة ان تخرج منها لانها مدروسة وفوق كل الاعتبارات للجميع وهي من مصلحة الجميع ومن اجل مستقبل ومصير الشعب والاجيال ان تصرفنا بعقلانية وعلمية مستندين على المعرفة والدقة في العمل .

 

اذن كافة الصحف والصحافة بشكل عام نابعة من رحم هذا الشعب ولابد ان تتصف بسماته وخلفياته المعرفية والثقافية وبما يفرزه واقعه من كافة النواحي، وما موجود على الارض يفرض نفسه على مضمون الصحف، وهل يمكن لصحيفة ان تخرج من الاطار الاجتماعي العام والعادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع الا ما تسمح به العلمانية والتقدمية والحداثوية في العمل، وهل خرجت صحيفة مستقلة من المساحة التي وضعتها مقومات الظروف العامة ومنها التجاوز والتعدي على المقدسات وان كانت تؤمن بانها من الخيال والخرافات وغير حقيقية، وان اكثر الصحف تعمل بشكل مطلق استنادا على التوجه السياسي فقط وان كانت تعتبر نفسها مستقلة تاركة الجانب الثقافي العام والمعرفي والاقتصادي ولم تشر اليهم الا نادرا .

 

و من التقييم السابق يمكننا ان نحدد دور الصحافة الكوردستانية في الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستان . ان الصحف الحزبية تعمل وفق ما تفرضه ظروف حزبها وكيفية مشاركتها في الانتخابات وهذا من حقها ولا غبار عليها لانها معروفة المواقف والراي . اما الصحف الاهلية او ما تعتبر بعض منها نفسها محايدة وتهتم بالمجاري التي تاتي منها ما تفيدها من الاعلانات والحملات الدعائية الاعلامية ومقدار ما يصرف من خلالها وانها تنشر ولو لمن لم تتوافق الصحيفة فكرا ومضمونا معه ومن كافة النواحي والمجالات، وتقع في كثير من الاحيان في تناقضات مع ادعائاتها . المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الصحف من اجل عدم خلق التشنجات والازمات من اجل اهدافها، ويجب ان تكون المصالح العامة امام انظار جميع الصحف من المستقلين والمحايدين والحزبيين وهم جميعا تحت هذا السقف ومعرضون لطائلة القانون الصحفي في الاقليم، وفوق هذا وذاك ان مستقبل هذا الشعب ومصيره مرهون بهم وبالاحزاب والجهات العديدة التي هي في السلطة بشكل من الاشكال وما يجري ويحصل وماينتج عنه بسلبياته وايجابياته تعود اليهم وعلى اعناقهم. والاهم هو ترسيخ الديموقراطية، ويجبان يكون الاصلاح في كافة المجالات ومنها الصحافة لاجل التغيير والانتقال الى المراحل الاخرى، اي الدور الاكبر يقع على عاتق الصحافة في مرحلة تنفيذ مباديء الديموقراطية واجراء الانتخابات كاحد اعمدة واركانها الهامة .

   

صحيفة المثقفwww.almothaqaf.com     العدد: 1055  الجمعة 22/05/2009    (ارشيف الاعداد)

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي الصحيفة بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.

في المثقف اليوم