أقلام حرة

مصر تصدر الغاز إلى الأردن والكيان الإسرائيلي

بكر السباتينيحدونا الأمل إلى الرهان على آخر ما تبقى لدينا من أوراق قد تمنح الأردن فرصة ثمينة من أجل المناورة والتخلص من صفة الثبات في المواقف السياسية والاقتصادية القائمة على الالتزامات المتبادلة بين طرفي اتفاقية وادي عربة المبرمة بين الأردن و"إسرائيل". إنها الاتفاقية التي دفعت بالأردن مرغماً نحو تأدية دور وظيفي رغم رفضه له، وأفقدته الكثير من قواه السياسية والأخلاقية المؤثرة، وخاصة أن من أهم مقومات الطاقة الرافعة للسياسة الأردنية هي ملف القدس والرعاية الهاشمية للمقدسات في المدينة المحتلة، بينما تحولت الرافعة الاقتصادية الضاغطة لهذه العلاقة على الطرف الإسرائيلي إلى حالة استنزاف أخلاقي وهدر اقتصادي يدفع الأردن فاتورته بسبب التطبيع الأردني الشامل مع كيان إسرائيلي منحته صفقة القرن كل مقومات السيطرة والاستحواذ..

من جهة أخرى فإن هذا الأمر من المفروض أن يقاس عليه الموقف المصري وحجم ما تكبد من خسائر على صعيدي الاقتصاد والأخلاق بسبب التزام الطرف المصري باستحقاقات معاهدة كامب ديفيد مقابل مراوغة الطرف الآخر. وعليه فإن مبدأ ميكافللي في أن الغاية تبرر الوسيلة والتقاء المصالح بين الدول قد تقوض الكثير من طموحات الكيان الإسرائيلي الطفيلي، وخاصة أن "إسرائيل" كانت تضغط باستمرار على كل من مصر والأردن لبيعهما الغاز الإسرائيلي (الفلسطيني المنهوب) بأسعار مرتفعة، وهو ما أثار التساؤلات حول رضوخ مصر المستهجن لهذه الرغبة الإسرائيلية الطاغية والغير قابلة للتفسير، فكيف يستورد الغاز من لديه فائض منه!

ويبدو أن ثمة بشائر ستذهب بهذا الملف إلى مفاجآت سارة.. فبحسب (هآرتس)، فأن القاهرة ستصدر الغاز الطبيعي إلى الأردن عبر خط أنابيب غاز يمتد عبر سيناء، ما يلقي بظلال الشك على تطلعات تحالف شركات (نوبل إنرجي) الأمريكية و(ديليك دريلينغ) الإسرائيلية لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر.

وأوضحت الصحيفة بأن اتفاق الغاز الذي أبرمته مصر والأردن قد يقوض حظوظ حقل (ليفيتان) الإسرائيلي، والذي تنوي إسرائيل تصدير غازه إلى مصر.

ربما يعتبر هذا الاتفاق لو تم كما أخبرتنا به الصحيفة، مؤشراً باتجاه إبعاد الكيان الإسرائيلي عن أية منفعة قد يحظى بها طرفين عربيين ولو من باب المصالح بعيداً عن الشعارات الأخلاقية.. فهل يمكن حدوث ذلك حقاً! ولو على حساب استحقاقات العلاقة البينية بين الطرف الإسرائيلي "القوي" المتجبر الذي بات يستحوذ على كل خيوط اللعبة الإقليمية والعربي "الضعيف" وقد بات عارياً إلا من ورقة التوت التي قد لا تقوى على الصمود أمام خريف صفقة القرن.. ما زال الرهان معقوداً على ما تبقى من إرادة عربية وأوراق أخلاقية في عالم عربي تتحاذفه الأمواج وتعربد في تفاصيله الكوارث.. فإلى متى!! دعونا نطرق الأبواب من جديد فعلنا نباغت ببارقة أمل.

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم