أقلام حرة

اختلال المعايير في دار الكتب

حسن الحضريحين تختل المعايير في مؤسسةٍ ما، ولا يدرك الموظفون بها حقيقة وطبيعة عملهم الذي يتقاضون عليه رواتبهم؛ فإنه يجب على الوزير المسؤول عن تلك المؤسسة، أن يعقد لموظفيها دورات تدريبية لتوعيتهم بدورهم الوظيفي، وتأديبهم على جهلهم الذي لا ينبغي أن يقعوا فيه.

والمعروف أن وزارة الثقافة في أي بلد من بلدان العالم، لديها مؤسسات يقوم عملها على خدمة الكتَّاب -على اختلاف مجالات كتاباتهم وتعدُّدها- وانطلاقًا من طبيعة عمل تلك المؤسسات؛ تكون السلطة الحقيقية للكتَّاب والمؤلفين، الذين يجب أن يقوم الموظفون في تلك المؤسسات بقضاء حوائجهم وتنفيذ أوامرهم، والتعامل معهم بالاحترام والتبجيل اللائق بهم كعقول مفكرة مؤثرة في مجتمعاتها، واللائق أيضًا بما يجب أن يفعله موظفو تلك المؤسسات أنفسهم بصفتهم مكلَّفين بخدمة الكتَّاب والمؤلفين، ويتقاضون أجورهم على عملهم هذا.

لكن بعض المؤسسات تنسى أو تتناسى ذلك؛ فحين نذهب إلى دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة؛ نجد أن الموظفين بها يحاولون التعامل مع الكتَّاب بطريقة الموظف الذي يوهم نفسه بأن له سلطة على المواطن، بالرغم من أن طبيعة العمل في تلك الهيئة ونظائرها تقتضي أن يكون الكتَّاب هم أصحاب السلطة الفعلية، وحين يذهبون إلى تلك الهيئات لقضاء أمرٍ يتعلق بهم؛ فلا بد أن يقوم الموظفون بواجبهم في خدمتهم.

إن الكاتب أو الأديب أو العالم يذهب إلى هيئة دار الكتب لقضاء أمر عاجل من أموره التي يتعلق بها عمل الهيئة، فيطلب مقابلة المسؤولين بها، فيجد أن بعضهم غير موجود في مكتبه، وبعضهم غير موجود في الهيئة أصلًا، وبعضهم يشاهد التلفاز أو يتحدث في الهاتف، فلا يجد إلا صغار الموظفين شأنًا، الذين لا يحسنون التعامل مع الأدباء والعلماء، ويمنعونهم من مقابلة رؤسائهم، بالرغم من أن رؤساءهم هؤلاء لو علموا بوجود هذا الأديب أو العالم؛ فإن الواجب عليهم أن يقوموا إليه مسرعين لقضاء حاجته.

ولعل هذه المهزلة التي يرتكبها موظفو الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، لا يكاد يقع مثلها في بلد آخر؛ لأن الدولة الحريصة على الإفادة من عقول صفوة أبنائها من الكتَّاب والمفكرين والعلماء؛ تحرص على راحتهم، وتهيئ لهم الأجواء المناسبة للفكر والإبداع والعطاء.

 

حسن الحضري

عضو اتحاد كتاب مصر

 

في المثقف اليوم